ما أكثر المناطق المعطشة بجهة جندوبة وما أحوج متساكنيها للماء الصالح للشراب رغم ماتزخر به جهة جندوبة من موارد مائية كانت كافية لسد الحاجيات لكافة مناطق الجهة لو تم تجاوز التهميش والنسيان وتم توجيه التدخلات دون إقصاء ما دامت الحاجة واحدة و الضرورة تقتضي أن يكتفي أهل الدار قبل اللآخرين. واقع العطش هذا ينطبق على دوار البشايرية من معتمدية جندوبة الشمالية الذي يعاني متساكنوه صعوبات لا تحصى من اجل تحصيل قطرة ماء تنفع العباد والزرع والحيوانات. هذا الدوار الذي يضم أكثر من 70 عائلة تضم ما يزيد عن مائتي مواطن لم يشفع لهم قرب المكان من الطريق المغاربية المارة عبر شمتو والتصاقها بالطريق الفرعية عين القصير علي الجندلي من التمتع بالماء الصالح للشراب. وقد زادت الطبيعة الجدباء في معاناتهم حين افتقد المكان رغم قداسته عند أصحابه إلى عيون أو آبار أو مجار للمياه سوى وادي المالح وهو اسم على مسمى حين لا يصلح حتى لسقي النباتات والحيوانات نظرا لارتفاع نسبة الملوحة به وموسمية سيلانه. معاناة متساكني دوار البشايرية من أجل الحصول على الماء الصالح للشراب كبيرة اذ يضطرون لقطع عديد الكيلومترات على ظهور الحمير وأقرب نقطة هي عين الخراريب (أكثر من 20 كيلومترا) رحلة تبدأ أثناء الليل لتنتهي في الصباح بين معاناة طول السفر وانتظار الدور الذي قد يأتي أو لا يأتي بسبب الإكتظاظ الذي تشهده هذه العين وتكاثر عدد الوافدين عليها من كل صوب وحدب فيضطر الكثير إلى تغيير الوجهة نحو أماكن أخرى لنيل المبتغى فتكبر بذلك المسافة وتتعاظم المأساة حتى أن أحد المواطنين همس للشروق بالقول أن الاهالي يضطرون للبقاء لأيام دون استحمام للحفاظ على كميات الماء خوفا من النفاد. حلول موجودة بالإمكان تزويد دوار البشايرية بالماء الصالح للشراب في نطاق مشروع تزويد المناطق الريفية المعطشة بالماء الصالح للشراب (مشروع المحاور الكبرى) خاصة وأن القنوات على مرمى حجر من المنطقة وتشق أراضي أصحابها وسيشيد خزّان لا يبعد عن المساكن سوى 700 متر و بقدر ما أعرب المتساكنون عن أسفهم لهذا الإقصاء فإنهم اتصلوا. بالسلط الجهوية وفي مقدمتها الولاية والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه بجندوبة قصد التدخل العاجل لإنقاذهم من المعاناة وإدماجهم ضمن مشروع تزويد الأرياف المعطشة بالماء الصالح للشراب والأمل كل الأمل أن يصل صوتهم ويجدون آذانا صاغية ليتخلصوا نهائيا من التعب والترحال من أجل قطرة ماء.