تستعد تونس اليوم للدخول في امتحان تاريخي واجراء اختبار جدي للانتقال الى نظام سياسي ديمقراطي يكرس الحريات ويطبق الفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية ويعيد انتاج بناء اقتصادي وطني يرتكز على شمولية التدخل المتوازن والتوزيع العادل للثروات الوطنية للاستجابة للمطالب والاستحقاقات الاجتماعية التي نادت بها ثورة 14 جانفي 2011، ضمن هذا السياق تجد المجموعة الوطنية نفسها اليوم أمام تقاطعات متباينة تحمل أكثر من عنوان أولها طبيعة النظام السياسي الذي تصبو اليه تونس والاستحقاقات الهامة التي تنتظرها. ان أصعب فترة تمر بها الشعوب والمجتمعات هي فترة المرحلة الانتقالية التي يسودها عادة التوتر والاضطراب على غرار ما شهدته روسيا واسبانيا لذا فإن الوضع التونسي لا يعد استثنائيا بل هو حالة عادية استنادا الى ان تونس عانت على امتداد سنوات عديدة من الكبت والقمع وشهدت تغييبا للتكوين والتدريب على ثقافة سياسية متنوعة. ان نجاح المسار الديمقراطي يستوجب بالضرورة ثقافة سياسية متفتحة تشجع المكونات السياسية على الحوار والتفاعل الايجابي وعلى قبول الاختلاف، وان ما تشهده الساحة السياسية من تجاذبات وصراعات بين مختلف الأطياف وحتى في صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي هي افراز طبيعي وانعكاس واقعي لغياب تقاليد الممارسة الديمقراطية. ولا شك أن قدرة النخب الفكرية والنخب السياسية وكل مكونات المجتمع المدني في تونس وما تحمله من مخزون ثقافي في طرح التصورات والرؤى والبرامج والتوجهات مدعوة اليوم الى الالتقاء نحو خط عام مشترك وهو وضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار، لبناء أعمدة مؤسسات الديمقراطية على أسس صلبة ومتينة قوامها قيم الحرية والعدالة والكرامة والمساواة وحقوق الانسان واعتماد التوافق منهجا مشتركا بين كل الفاعلين السياسيين وأداة لحسم الاختلافات وحل الأزمات. ولا ننسى ان تونس كسبت موقع الطليعة يوم 14 جانفي 2011 وكسرت حاجز الخوف للقطع مع النظام السياسي الاستبدادي الفردي وهي مسؤولية تاريخية ستجعل العالم كله يوم 23 أكتوبر 2011 متجها نحو تونس. والأكيد أن الشعب التونسي بارادته القوية سيكسب هذا الرهان التاريخي عبر تطبيق الديمقراطية بشكل حضاري وشفاف ينم عن وعي اجتماعي ووعي سياسي مشترك يتوج بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي لصياغة دستور جديد لتونس المستقبل تونس الديمقراطية. بقلم رمضان بوشعالة