بدو أن قادة تل أبيب قد وضعوا تهديدهم ب«تأديب» الفلسطينيين على طلب الاعتراف بدولتهم من مجلس الأمن حيّز التنفيذ... فلم يكد المجلس الموقر يبدأ دراسة الطلب الفلسطيني، ومع أن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ليس لديها أوهام بخصوص مآل هذا الطلب المشروع، فقد انطلق المستوطنون الصهاينة في حملة مسعورة شملت عدّة مدن من الضفة الغربية... الحملة ترجمتها يافطات حملت شعارات تنضح حقدا وعنصرية من قبيل: «سنذبح العرب» و«هذه أرض الآباء والأجداد» و«هذه أرض اسرائيل». وهي شعارات تأتي لتكرّس ازدواجية الخطاب التي يتمترس خلفها الصهاينة لتنفيذ سياساتهم وتكريس مخططهم الهادف الى «إقامة اسرائيل الكبرى». ففي حين يمارس نتنياهو كل البهلوانيات لاظهار نفسه في ثوب «الداعي» الى المفاوضات و«الباحث» عن السلام عن طريق المفاوضات و«المتذمّر» من الشروط الفلسطينية التي تطالب بوقف الاستيطان نهائيا وبأجندة تفاوض واضحة المفاصل ومحدودة في الزمن، نجده في المقابل يطلق العنان الى قطعان المستوطنين ليعيثوا في الأرض فسادا وليوغلوا في ترهيب العزل... كما يطلق آلة الاستيطان لتتمادى في تغيير ملامح الأرض وتهويد المزيد منها حتى تصبح الأراضي المهوّدة «حدودا» مزعومة للدولة العبرية التي يريد الصهاينة بالاعتماد على غطرسة القوة وعلى الدعم الأمريكي اللامشروط وليس بالرجوع الى قرارات الشرعية الدولية الواضحة والجلية والتي تحظى بدعم المجتمع الدولي برمته. هذه الحملة المسعورة تطرح سؤالا كبيرا يبقى برسم الولاياتالمتحدة في المقام الأول وبرسم باقي أعضاء «اللجنة الرباعية» في المقام الثاني. يقول السؤال: هل هذه هي الأجواء الايجابية التي يوفرها الاحتلال الصهيوني والتي من شأنها تشجيع الطرف الفلسطيني على العودة الى طاولة المفاوضات؟ وهو سؤال يلد سؤالا آخر لا يقل إلحاحا: إذا كانت كل فلسطين «أرضا لاسرائيل» وإذا كان مصير العرب الفلسطينيين المقيمين عليها هو «الذبح»، فعلام سيفاوض الفلسطينيون؟ وأين قرارات الشرعية الدولية وحق الشعوب في التحرّر والديمقراطية من كل هذا؟ إنها غطرسة تمارس على مرآى ومسمع الجميع... وهي تضع مجلس الأمن الموقر أمام حتمية الانصياع لمنطق ومنطوق قراراته ليعلن قيام الدولة الفلسطينية الكفيلة وحدها بردّ الحق الى أصحابه ولحماية أبناء الشعب الفلسطيني من حقد الصهاينة وغطرستهم ومن كل نواياهم ومخططاتهم التوسعية.