بإعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي نهار اليوم تكون مراحل العرس الانتخابي الذي عاشت على وقعه البلاد طيلة الاشهر الماضية قد اكتملت... ومع اكتمالها سوف تتضح ملامح المشهد السياسي الذي سيتشكل داخل المجلس التأسيسي. والأكيد بعد هذا الامتحان الانتخابي الكبير الذي توجّه الشعب التونسي كأروع ما يكون باقباله المنقطع النظير على صناديق الاقتراع سوف يكون محطة هامة لكل الاحزاب والنشطاء السياسيين لتقييم ادائهم ومراجعة وسائل وسبل عملهم وتعديل برامجهم ورؤاهم حتى تلتحم اكثر بمشاغل الناس وانتظاراتهم... وهذا عمل دؤوب سوف ينخرط فيه الجميع بداية من اليوم على درب الاعداد للمحطة الانتخابية القادمة بعد سنة تقريبا والتي ستكون محددة لملامح الشرعية الجديدة التي ستحكم البلاد من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستنتظم وفقا لمقتضيات الدستور الذي سيصوغه المجلس التأسيسي. لكن، مع هذه المهام المؤجلة هناك استحقاقات آنية تنتظر المجلس التأسيسي... وهي استحقاقات تتطلب الكثير من الحكمة والمسؤولية وضبط النفس للوصول الى توافق وطني تحتاجه بلادنا في هذا الظرف الصعب...وتحتاجه ايضا المهمة النبيلة التي سوف ينكب عليها اعضاء المجلس والمتمثلة في صياغة دستور جديد سيضع أسس الحياة السياسية وملامح الجمهورية الثانية التي تستجيب لانتظارات التونسيين. واضح أن هذا التوافق الوطني يمرّ أولا وقبل كل شيء بقبول نتائج الاقتراع وبالقبول بعلوية كلمة الشعب التي عبّر عنها وضمّنها في صناديق الاقتراع. وهذا المعطى أكد عليه حتى الآن العديد من رؤساء الاحزاب السياسية والقائمات وهو يكشف روحا وطنية عالية واستعدادا محمودا للمضي قدما على درب تحذير المسار الديمقراطي ببلادنا... وصولا الى تكريس عقلية تقبل بالتنافس النزيه والشفاف وتمتثل لقواعد وأسس اللعبة الديمقراطية، وهي قواعد وأسس تفضي الى التداول على الحكم متى آمن كل الفرقاء بأن الطريق الى الفوز يمرّ بالعمل الدؤوب وبالصدق والتفاني في بلورة رؤى وبرامج تلتحم بمشاغل الناس وترسم ملامح مشروع مجتمعي يحوز انخراط اكبر عدد من التونسيين والتونسيات. البلاد تحتاج الى الأمن والاستقرار وتحتاج الى الانكباب على مطالب الشباب واحتياجات الجهات الداخلية المحرومة... وهذه مهام عاجلة لا تنتظر المزيد من اختلافات ومناكفات السياسيين.