بعد هطول الأمطار وغرق مدن عديدة بين «برك» المياه، توجهت اصابع اتهام المواطنين نحو المقاولين ووزارة التجهيز وأطراف أخرى... فمن المسؤول؟ «الشروق» اتصلت بالسيد علي العباسي مدير إدارة المياه العمرانية بوزارة التجهيز وبحثت عن إجابات لأسئلة المواطن هذه الايام.ومنذ بداية حديثه قال السيد علي العباسي ان بلدنا هو بلد فلاحي والأمطار هي خير وبركة للفلاحة... وأنه وكما يقال عن المطر «خرابها ولا جدابها»... حيث يمكن مقاومة الأمطار الزائدة لكن لا يمكن التحسب للجفاف ومقاومة آثاره.وأكد مدير إدارة المياه العمرانية ان هناك تغييرات مناخية كبرى لاسيما على مستوى حوض المتوسط وضفته الجنوبية، حيث تنزل الأمطار بغزارة وفي وقت وجيز، وهذه النوعية تتسبب في اشكاليات عديدة رغم ما يتم انجازه من اشكاليات على مستوى التحكم في مياه السيلان...وأشار محدثنا الى أن هناك اشكاليات في التحكم في مياه السيلان من الشمال الى الجنوب.عوامل أخرى تتسبب في الفيضانات ومنها العامل البشري، حيث يبقى أفضل الحلول لمقاومة الفيضانات المحافظة على المجرى الطبيعي للمياه، وعدم البناء في مجرى الوادي والمواقع المنخفضة.من جهة أخرى، هناك اشكاليات أخرى مثل البناء الفوضوي والبناء في مسار الأودية وإلقاء الفضلات والردم.اتهامات وعملاجابة عن الاتهامات التي يسوقها المواطن التونسي حول تسبب هياكل التجهيز والمقاولات في الفيضانات يقول مدير إدارة المياه العمرانية إن السؤال الذي يجب طرحه هو كيف تتم عملية التحكم في مياه الأمطار؟وقال إن مهمة التصدي للفيضانات هي مهمة موكولة الى عدة وزارات منها وزارة الفلاحة (عبر السدود الجبلية والمحافظة على المياه والتربة... وغيرها من الأساليب) أما وزارة التجهيز فتتدخل على مستوى التهيئة العمرانية ومن خلال تحويل وجهة المياه وتوسيع مسارها لاستيعاب المياه الوافدة للمدينة.وأشار من جهة ثانية الى المهام الموكولة الى البلدية، فهي المخوّلة باستغلال شبكة الطرقات والمياه... وقد تم تصنيف هذه الطرقات الى ثلاثة أصناف.فوضى وتدارك..ويقول السيد علي العباسي مدير إدارة المياه العمرانية «لابدّ من التذكير بأن أكثر الأحياء في مدننا قد انتصبت دون مراعاة للتهيئة الضرورية... ليعمّ البناء العشوائي في مناطق منخفضة ودون ترخيص يراعي سيلان المياه».وأضاف ان بين 60 و70٪ من أحيائنا فوضوية رغم مجهود البلديات على مستوى التهيئة.أما في ما يتعلق بالمهام الموكولة الى وزارة التجهيز على مستوى حماية المدن من الفيضانات فقد تم الى حد الآن حماية 165 مدينة وتجمّع سكني بتكلفة جملية بلغت 230 مليارا من المليمات!!كل هذه الاجراءات لا تعني نهاية الفيضانات كما يؤكد علي العباسي، لكن ما أنجز سابقا يتطلب مزيد العناية لمواكبة التغييرات المناخية وتطوّر النمو العمراني.أما في ما يتعلق بأصابع الاتهام الموجهة نحو المقاولين وجودة الأشغال، فقال محدثنا انه «صحيح قد تحدث بعض التجاوزات لكن إجمالا المشاريع التي انجزناها أدّت وظيفتها على أحسن ما يرام ومنعت مدنا بأكملها من الغرق بمياه الفيضانات».وتخصص سنويا ميزانية لإنجاز منشآت جديدة للوقاية من الفيضانات... كما يتم تخصيص ثلاثة مليارات لتنظيف وجهر هذه المنشآت وصيانتها.مناطق مهددةتم في الثمانينات انجاز خارطة لرصد المناطق المهددة بمياه الأمطار ... لكن وحسب مدير إدارة المياه العمرانية لم تعد لدينا مناطق مهددة بصفة كبرى ما عدا المدن المحاذية لوادي مجردة.وأضاف ان منشآت وزارة التجهيز والاسكان تحمي الى درجة ما المدن، لكن لهذه المنشآت طاقة معيّنة... وقد لا تتحمل مفاجآت الطبيعة ويبقى الاشكال الأساسي هو مدى امتثال المواطن لأمثلة التهيئة العمرانية.وأكد محدثنا على صرامة عملية إعداد امثلة التهيئة العمرانية... ومراعاتها لمجاري الأودية.النظام السابقيلقي الشارع التونسي باتهاماته نحو النظام السابق... ويذهب البعض الى اتهام الطرابلسية والمقاولين بالقيام بالمتاجرة بالمقاولات وحول صحة ما يقال قال : انه صحيح قد تقع بعض التجاوزات لكن ولحسن الحظ لم تمسّ هذه الضغوطات نموذج التهيئة العمرانية ولم تخالفه.وقال: «صارت بعض المحاولات ووصلت الى التهديدات قصد الحصول على أراض... لكن حاولنا إقناع المقاولين بإن الأرض لا تصلح للبناء وأنها ستتسبب في أضرار... ولحسن الحظ تمت الاستجابة.. عموما نحن صارمون في احترام أنموذج التهيئة العمرانية».ر