ألقت الأحداث المؤسفة بالحدود الجنوبية للبلاد بظلالها على الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي رغم جو التفاؤل السائد بقرب انفراج الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتحرك الحكومة لإنقاذ ما أمكن إنقاذه بعد سلسلة الإضرابات والاعتصامات. بعد ساعات «المشاعر الجميلة» المرافقة لرحيل عام 2011 ودخول العام الجديد، وبعد تبادل التهاني بين التونسيين على صفحاتهم في الموقع الاجتماعي، تحرك المئات من الناشطين لتبادل الأخبار والتعاليق حول ما حدث على حدودنا الجنوبية من اختطاف أعوان الحرس الوطني وإطلاق النار على قائد دورية. وفي مثل هذه الحالة، ثمة إجماع بين كل التونسيين على اختلاف توجهاتهم السياسية على إدانة هذا الحادث والافتخار بالتونسي «الذي نال رصاصة في ساقه بدل ذل الركوع أمام مليشيا لا تعرف حتى حسن الجوار» كما كتب نشاط قريب من النهضة. وطالب ناشطون كثيرون باتخاذ موقف صارم وتعزيز حراسة الحدود والضرب بقوة على أيدي كل من يمس التراب الوطني أو الذين يعملون هناك. وإذا كان التونسيون يتضامنون في إدانة ما حدث وفي الدعوة إلى الصرامة، فإنهم ينقسمون سياسيا عند التعليق على موقف وزير الداخلية الذي يطلب التهدئة واعتبار الحادث عابرا لا يجب أن يؤثر على العلاقات مع ليبيا. وفي هذا المستوى، يكتب ناشطون من المعارضة أن الأمر قد فات الحدود وتجاوز الصبر، وكتب ناشط يساري على صفحته تعليقا على موقف وزير الداخلية: «يجب أن ننتظر حتى تقتحم المليشيات القرى التونسية وتخطف النساء والأطفال رهائن لكي لا يكون حادثا عابرا». ثمة تعاليق كثيرة تحذر من عواقب الانفلات الأمني الذي تعيشه الشقيقة ليبيا في شمالها الغربي المحاذي لجنوب تونس، والبعض يحذر كذلك من انتشار الأسلحة في أيدي المدنيين وإمكانية تسربها إلى تونس. وفي المقابل، يتحدث أنصار النهضة عن أهمية العلاقة مع الليبيين. يكتب ناشط نهضوي معروف: «الشعبان التونسي والليبي محكومان بالتعايش وفض مثل هذه المشاكل، ما حدث خطير لكنه لا يمثل الشعب الليبي أبدا»، كما يضيف ناشطون مستقلون تعاليق تخص زيارة الرئيس المرزوقي إلى ليبيا، حيث سيتم بحث كل المشاكل العالقة حول الحدود وحول الاعتداءات المتكررة التي تمارسها بعض المليشيات الليبية المنفلتة من عقالها. وبين تبادل التعاليق حول تفاصيل زيارة الرئيس إلى ليبيا، واعتذار مسؤولين ليبيين عما حدث، يستمر التونسيون في صفحاتهم في الحديث عن أمانيهم للعام القادم، اليساريون والمستقلون يكتبون عن آمالهم بأن لا تتحول تونس إلى تونستان، وأن لا تصبح حرياتهم رهينة بأيدي «جماعة قندهار»، كما يكتب ناشط معروف بتعاليقه اللاذعة، كناية عن السلفيين. القريبون من النهضة وثلاثي الحكم يحلمون بمئات المصانع والاستثمارات الأجنبية التي سوف تخلق مواطن الشغل وتحمل الثروات والعيش السعيد لأهالي الجهات المحرومة، «اتركوا الحكومة تعمل، هذه أول حكومة وطنية أعضاؤها منتخبون أو اختارهم أشخاص انتخبهم الشعب، أعطوها الفرصة لكي تحقق ما وعدت به»، كما يكتب ناشط حقوقي. لكن الأخبار التي يتم تداولها تشجع على التفاؤل، فما أن يتم فض اعتصام في قابس أو قفصة، حتى تظهر اعتصامات أخرى في ولايتي سيدي بوزيد وصفاقس، وتهديد بأشياء مماثلة في أماكن أخرى، ما أصعب الأمنيات في بداية هذا العام، ورغم ذلك فإن شعب تونس في فايس بوك متفائل.