لا يكاد يمرّ أسبوع دون أن تشهد تونس أحداثا وتطورات من شأنها أن تُضاعف من حالة القلق والاحتقان التي طبعت هذه المرحلة...لمصلحة من هذا التصعيد وما هي الحلول التي يقترحها السياسيون لتهدئة الوضع؟. تستفيق تونس كل صباح على مشكل جديد وتزيد بعض الأطراف السياسية في تعقيد الوضع عبر التصعيد الكلامي وسوء المعالجة لهذه المشاكل وانعدام الحوار أحيانا أو عدم الالتزام بضوابطه واستحقاقاته... ولا شكّ أنّ الحلول اليوم متوفرة وهي بأيدي مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على الساحة سواء كانوا في الحكم أم في المعارضة من داخل المجلس التأسيسي أو من خارجه... «الشروق» سألت بعض الوجوه السياسية عن الحلول الممكنة لهذا المأزق الذي بات يعرقل مسيرة الانتقال الديمقراطي. اتهامات واقتراحات رئيس كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية بالمجلس التأسيسي سمير بن عمر اعتبر أنّ هذه الاضطرابات سببها «جيوب الردة التي تعمل على إفشال المسار الانتقالي الحالي، وذلك ضمن أجندا ترمي إلى إرجاع البلاد إلى المربع الأول». وأكّد بن عمر أنّ «من واجب كل الأطراف الاجتماعية والسياسية التحلّي بالمسؤولية والعمل كل من موقعه على إنجاح المسار الانتقالي لأنّ نجاح هذا المسار يعطي دفعا لتطلعات الشعوب العربية نحو التحرّر وفشل هذا المسار لا قدّر الله سيكون نكسة ذات عواقب وخيمة لا على مستوى البلاد فحسب وإنما على المنطقة العربية.» ودعا بن عمر اتحاد الشغل إلى الابتعاد عن لعب دور حزب معارض إذ أنّ هذا من شأنه أن يمسّ من مصداقية المنظمة الشغيلة التي نكنّ لها كلّ الاحترام ونتمنى لها أن تتبوّأ مكانة مرموقة وأن تقوم بدور ريادي في نحت معالم تونسالجديدة، ودعا العمال أيضا إلى التحلّي بضبط النفس والابتعاد عن المطلبية الضيقة والمجحفة ومراعاة الوضع الحالي للبلاد وأن يسمحوا للحكومة الحالية المنتخبة والشرعية بالشروع في تنفيذ برنامج الإنقاذ لما فيه خير البلاد وخير الطبقة الشغيلة. ومن جانبه اعتبر عضو المجلس التأسيسي عن الكتلة الديمقراطية عصام الشابي أنّ ما يجري ليس من مصلحة تونس ولا من مصلحة الانتقال الديمقراطي، مؤكّدا انّ أول طريقة لمعالجة المشاكل أن نُسمّي الأشياء بأسمائها وان نتخلى عن هذا الخطاب المبهم والأجوف الذي يشجع الأطراف المورّطة على التمادي في غيها. وأوضح الشابي «بالنسبة إلى أحداث جندوبة لا يجب أن نقول إنها جهات متشدّدة، بل نقول جهات سلفية عنيفة تحاول فرض مواقفها على الرأي العام بالقوة، ولا بدّ من إدانة هذا التمشي وهذا المنهج ومعالجته لا أمنيا لأن المعالجة الأمنية ليست هي الحل، بل بإقامة حوار وطني وفتح الفضاءات أمام كلّ من يريد التنظّم ومنع كلّ من يستعمل العنف، ولا بدّ من تطبيق القانون مع هذه الجماعات». ورأى الشابي أنّ «ما حصل في جندوبة هو مرحلة التطبيق بعد تلقي الدروس النظرية والتي ساهم فيها الداعية وجدي غنيم، وما نراه اليوم هو نتيجة ما تم من فسح مجال امام هذا الفكر، ومن حسن الحظ أنه ما يزال بإمكاننا تدارك هذا التيار». المُصارحة ضرورية وأضاف الشابي «علينا أن نقف في وجه الأطراف التي تحاول عرقلة الاقتصاد وألّا نلقي كل شيء على شماعة «أطراف خفية»... لا بدّ من كشف هؤلاء حتى تسترجع تونس أنفاسها، أمّا إن كانوا غير موجودين فعلينا أن نتحلى بالشجاعة الكافية لنقول ذلك، ولا بدّ للحكومة أن تخرج بمبادرات وبخطاب صريح وشفاف يعطي للتونسيين صورة واضحة عن حقيقة الوضع الاقتصادي». واعتبر الشابي أنّ «الشعب في حاجة إلى لحظة مصارحة وكشف الحقائق حتى يعرف هل يمكن أن يصبر أم لا وعلى الحكومة أن تخرج عن صمتها لأن صمتها يزيد من تعقيد الأمور، ويجب ألّا نعتبر أنّ كل من يقوم بدوره أو يؤطّر أي تحرك احتجاجي أنه مناوئ أو مُعاد، فهذا لا يمكن أن يحلّ المشكل بل يجب الإقرار بالصعوبات والتشارك في وضع الحلول، فتونس تستفيق كل يوم على مشكل تزيدها الأوضاع الطبيعية والاجتماعية والظاهرة السلفية صعوبة، يجب أن نجد أرضية اتفاق لأن تونس في حاجة فعلية إلى توافق وطني».