احتفاء بالذكرى 36 ليوم الأرض احتضن المركب الثقافي بقابس ندوة سياسية بعنوان «من اجل دستور يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني» أثثها عضو المجلس الوطني التأسيسي مراد العمدوني وحضرتها شريحة واسعة من التيار القومي واطراف من المجتمع المدني. التظاهرة نظمتها حركة الشعب (التيار القومي التقدمي) ودعت فيها قبل يوم مناضليها ومكونات المجتمع المدني الى وقفة احتجاجية عصر يوم الجمعة امام مقر الولاية في نفس الوقت الذي كانت فيه اعداد اخرى تقف نفس الوقفة الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني امام الجامع الجديد بجارة.
مراد العمدوني انطلق في حديثه من تفصيل ما كان يدور داخل لجنة الحقوق والحريات ليكون الحاضرون على بينة من مختلف المواقف من مسالة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر استعراض المقترحات المقدمة من الكتل النيابية رغم ان شعار « تحرير فلسطين» وحد الشعب التونسي في ثورته لكنه اليوم اخذ منعرجا يمكن وصفه بالخطير باعتبار ان مناضلي فلسطين ينتظرون من الشعب التونسي المساندة الفعلية وافضل اشكالها التنصيص على تجريم التطبيع في دستور تونس الجديد.
عضو المجلس التأسيسي بين انه سيحاول نقل الرؤى الأربعة بكل امانة بعيدا عن الموقف الشخصي واول المقترحات التي دار النقاش حولها داخل لجنة الحقوق والحريات وكانت مغلقة بشكل نسبي عن وسائل الاعلام وباعتباره عضوا فيها من بين 22 عضوا فقد كشفت النقاشات عن اختلافات بين الكتل والاطراف النيابية واختلافات حتى داخل الكتل نفسها فبعض الكتل السياسية قدمت تصورات مختلفة في ما بينها وهذا يعني ان مكونات المجتمع التونسي والتيارات السياسية ما زالت لم تحسم امرها في مسالة اعتبرها البعض محسومة منذ الثورة ونادى بها الشعب في شعاراته ابان الثورة وبعدها.
المقترح الاول هو ضرورة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني صراحة في فصل منفرد داخل متن الدستور ودافع عن هذا الموقف داخل لجنة الحقوق والحريات كل من حركة الشعب والعريضة الشعبية وحزب العمال الشيوعي التونسي وممثل الاتحاد الوطني الحر رغم ان هذا الموقف وباعتراف صاحبه نور الدين المرابطي موقف شخصي ولا يمثل موقف حزبه وهذا يعني ان النقاش داخل الاحزاب لا زال قائما ولم يتم حسم الموقف من هذه النقطة.
ويواصل مراد العمدوني حديثه عن مختلف النقاشات التي دارت داخل اللجنة ومع اطراف من خارج المجلس التأسيسي ففي جلسة خاصة ضمت اطرافا عديدة ودامت اكثر من اربع ساعات بلغ النقاش فيها حالة من التشنج الشديد والغليان وتهديد البعض بالانسحاب خاصة في وجود طرف ينظر للتطبيع ويقدم لذلك مبررات وبرز داخل كتلة النهضة موقفان فهناك عضوان فقط مع التنصيص الصريح على تجريم التطبيع داخل الدستور والبقية لها موقف مغاير مع تسجيل غياب ممثل الاتحاد الديمقراطي التقدمي عن النقاشات واحتفاظ التكتل برأيه وموقفه.
التصور الثاني وهو تصور اغلب اعضاء حزب حركة النهضة واقرب الى الموقف الرسمي يؤكدون فيه انهم ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني لكنهم يرفضون التنصيص عليه في متن الدستور والحل عندهم ان يتم التنصيص على تجريم التطبيع في شكل قانون. وبين هذين التصورين للنهضة (تجريم التطبيع في الدستور وتجريمه في قانون) كانت اللجنة المنظمة للوقفة الاحتجاجية امام المجلس التأسيسي في ذكرى يوم الارض قد تقدمت بمقترحها وفق «تنازل وفاقي» يتمثل في الاشارة الى دعم القضية الفلسطينية في التوطئة وهو مقترح يحاول التوفيق بين من ينادي بفصل خاص في الدستور يجرم التطبيع وبين طرح حزب حركة النهضة وحزب التجديد بان يكون في شكل قانون وقد كانت النقاشات بحضور رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان عبد الستار موسى الذي ذهب الى نفس ما ذهب اليه حزبا حركة النهضة والتجديد واقترح ان يتم رفع هذا التصور الى لجنة التشريع ليتم اصدار هذا القانون عاجلا دون انتظار اتمام كتابة الدستور.مبررات هذا الطرح ان الدستور سيكتب لأجيال قادمة وينتظر ان يأخذ مدى مائة عام أو أكثر وان الامل كبير في ان تجد القضية الفلسطينية حلا لها قبل هذا التاريخ وقد يكون قريبا بما يجعل التنصيص على تجريم التطبيع غير ذا معنى لارتباطها اساسا بالقضية الفلسطينية وهو ما سيقتضي مراجعة هذا الفصل اذا ما تم حل هذه القضية.
المقترح الثالث الذي اثار زوبعة وردود فعل كبيرة تقدم به عضو كان ينتمي الى التكتل وانسلخ عنه ونعني به عبد القادر بن خميس وفيه اعتبر ان تجريم التطبيع يتعارض مع حقوق الانسان مؤكدا ان القضية الفلسطينية شان فلسطيني داخلي لا يهم الشعب التونسي وليس من حق اللجنة الخوض فيه فلا يجب التنصيص من منظوره على مسالة تهم شعبا «آخر»! ولا بد من مبدا التسامح والحوار مع اسرائيل ويقترح كحل اتباع نفس التمشي والنموذج المتبع في جنوب افريقيا. ويختم مراد العمدوني مداخلته بابراز موقف حركة الشعب من المسالة وتأكيدها على ضرورة ادراج فصل خاص داخل متن الدستور ينص صراحة على تجريم التطبيع.