جسدت مسيرة 1 ماي واحتفالات عيد الشغل مناسبة فريدة لتعميق الاحساس بأهمية الوحدة الوطنية في التقريب بين مختلف الفرقاء السياسيين في السلطة والمعارضة. كما أبرزت تلك المناسبة التي ابتهج لها الجميع أن التعايش ممكن مهما اختلفت الآراء وتنوعت الانتماءات الحزبية والايديولوجية. بعد فترات من الاضطراب والتوتر والقطيعة والصدام اتجهت الساحة السياسية في عيد الشغالين إلى هدوء وسكينة انتظرهما التونسيون منذ 14 جانفي 2011. انها حالة الاستقرار اللازمة بعد أشهر طويلة من الانفلاتات الاجتماعية وانعدام الأمن وغيرها من مظاهر المضاربات السياسية والايديولوجية التي كادت في لحظات عديدة أن تعصف مرة واحدة بأفق الانتقال الديمقراطي. وضعت مسيرة 1 ماي جميع الأطياف أمام مرآة عكست أخطاءها وسوء فهمها لطبيعة المرحلة ولنمط التوازنات الواجب توفرها لتأمين مستقبل البلاد وتحقيق أهداف الثورة بعيدا عن كل أشكال «الدمغجة» و«الثورجية» و«المزايدات». إن الأفق بعد 1 ماي 2011 بات واضحا في ضرورة السير خطوات أخرى فعلية في التعايش بين كل التيارات، بعيدا عن منطق تجاهل معطيات الواقع من أحجام وأعوار ومهمات كلها يجب أن توجه إلى خدمة المصلحة الوطنية لا المصالح الحزبية والفئوية الضيقة.