يتساءل الكثير من الناشطين في الصفحات التونسية إن كان نواب المجلس التأسيسي سينجحون في تفادي خلافاتهم والتقدم لإنجاز الدستور في الموعد الذي حدده السيد مصطفي بن جعفر في الثالث والعشرين من أكتوبر، خصوصا وهو ظل تنامي الاستقطاب والصراع السياسي.
كتب ناشط حقوقي معروف في صفحته معبرا عن مخاوفه بخصوص موعد إنجاز الدستور: «في ظل تشرذم المعارضة وانقسام بعض الكتل، لست متفائلا بتوفر التوافق على فصول الدستور، وأنا أخاف أن يستغل نواب النهضة غلبتهم العددية لتمرير الفصول التي يريدونها دون معارضة تذكر». تكتب ناشطة حقوقية معروفة تعليقا على ذلك: «بقيت خمسة أشهر، فهل ستقدر اللجان في المجلس على فض خلافاتها في أقل من شهرين لكي يتمكن بقية النواب من النظر في الدستور في قراءة أولى ثم ثانية ؟ يبدو لي الأمر مستحيلا في ظرف خمسة أشهر».
أما أنصار النهضة فيستغلون هذا الموعد للهجوم على خصومهم من المعارضة ويتهمونهم بتعطيل تقدم إنجاز الدستور، لتعطيل إنجاز المشاريع التي وعدت بها الحكومة. ثمة أخبار كثيرة خطيرة يروجها بعض أنصار النهضة تتهم خصومهم خصوصا من اليسار بالتورط في برنامج كبير لنشر الفوضى والاعتصامات الوحشية وإغلاق الطرقات وتعطيل المرافق العامة، لكن مثل كل هذه الأخبار تبقى دون أي إثبات في صفحات الموقع الاجتماعي حيث تنتشر يوميا الأخبار الزائفة والمدسوسة من كل الأطراف، وحيث لا أحد يخجل من نفسه عندما ينشر خبرا زائفا ثم يتم ضبطه متلبسا بذلك، وتكتب ناشطة سياسية من حزب المؤتمر: «الواضح أن كل الوسائل والأساليب وخصوصا القذرة قد أصبحت مباحة ومتاحة في ال «فايس بوك»، لقد بلغنا مرحلة الحرب بين السياسيين في تونس، ولحسن الحظ إنها حرب افتراضية».
وبالعودة إلى مسألة إنجاز الدستور، نقرأ في صفحات نشطاء المعارضة والكثير من الحقوقيين المحايدين خوفا من أن ينتج التسرع دستورا ينقصه التوافق بين الجميع، يكتب محام له حضور جيد وموضوعي في الموقع: «نعرف أن النهضة وحلفاءها يملكون أغلبية مريحة في المجلس، وأنهم إذا أرادوا فرض أي فصل بالتصويت فسينجحون في ذلك، سينجحون في الحصول على الأغلبية، لكنهم قد لا ينجحون في تحصيل التوافق». واعتبر ناشط في جمعية حقوقية أن إعلان السيد مصطفى بن جعفر عن موعد الثالث والعشرين من أكتوبر ليس سوى ضغط مبدئي على مختلف الفرقاء السياسيين لوضعهم أمام الأمر الواقع وإحراجهم أمام الرأي العام، يعني إذا بالغ طرف في نقاش أي فصل، سوف يتهمونه بتعطيل إنجاز الدستور».
مواطنون غير مسيسين في الصفحات التونسية يبدون انشغالهم بسبب صراعات السياسيين، وثمة قلق عام من تعاظم الصراعات الإيديولوجية على حساب مصالح البلاد وتقدمها وتقدم الإصلاح. وثمة حالة غضب على السادة النواب بسبب غياباتهم الواضحة عن أشغال المجلس، وبعض الناشطين الشباب ينشرون صورا لنواب في «حالة شخير» عميق على كراسي المجلس ويتم نشر هذه الصور على نطاق واسع مع تعاليق ساخرة عن إمكانية إنجاز الدستور الموعود بنواب بعضهم يفضل النوم وآخرون لا يحضرون أصلا. وفي هذا الإطار يتم ترويج دعوة طريفة ضد غياب بعض النواب عن مداولات المجلس جاء فيها: «نحن الشعب التونسي نطالب صناع القرار في الدولة بخصم الأيام من رواتب النّواب الذين يتغيبون عن جلسات المجلس التأسيسي». البعض من خبثاء الصفحات التونسية يطالب بأكثر من ذلك، مثل إغلاق بوابة المجلس من الخارج ومنع السادة النواب من الخروج إلا بعد إنجاز ما عليهم إنجازه يوميا، من يدري، ربما يكون هذا حلا لإنجاز الدستور في موعده.