الناظر إلى مجريات الأمور في بلادنا في الفترة الماضية يدرك دون عناء وجود سوء فهم شامل... ناتج إما عن إضمار ونية مبيتة أو عن سوء تقدير أو عن قصور في تشخيص الأوضاع... وأيا كان السبب الذي يختفي وراءه كل التونسيين سواء من عامة الناس أو من الأحزاب الحاكمة المعارضة أو من النخب السياسية والمثقفة، فإن الكل يبقى في الأخير مسؤولا عن هذه الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد. ذلك أن المعارض الذي يأخذه السعي الى تسجيل نقاط سياسية ضد الحكومة حدّ الاسهام ولو بصفة غير مباشرة في الاحتقان الشعبي وفي الانفلاتات المتكرّرة هو مسؤول ويفترض أن يعدّل سلوكه باتجاه بلورة خطاب عقلاني رصين يسهم في تهدئة الأوضاع وفي دعم الاستقرار بما يمكن عجلة التنمية من الدوران.
والمواطن الذي يطالب بالتنمية الآن... والذي يهرول إلى الحرق والتخريب كوسيلة للتعبير عن غضبه من أداء الحكومة أو اعتراضه على بطء نسق التنمية أو غيابها هو مسؤول أيضا لأن التعبير عن الموقف ممكن بأساليب متحضرة لا تهز الأمن والاستقرار اللذين بدونهما لا يمكن الحديث عن تنمية ولا عن تشغيل.
والمسؤول الحكومي الذي يتقوقع خلف نظرية المؤامرة ويعلق كل مآسي البلاد على التجاذب السياسي وعلى سوء نية الأطراف المقابلة وسعيها الى اغراق المركبة هو أيضا مسؤول... لأنه يملك الفرصة والوسيلة ليمد الجسور مع الجميع ولينزل الى الناس وبخاصة في الجهات الداخلية المحرومة بخطاب مباشر وصادق يضع كل الحقائق أمام الشعب ويحاول تعبئة المواطن البسيط في اتجاه انجاح وإنجاز المشاريع المبرمجة والخطط التنموية المتاح انجازها في هذا السقف الزمني الذي يفصلنا عن الانتخابات القادمة.
ومتى نظرنا كلنا في اتجاه واحد... اتجاه المصلحة الوطنية واتجاه حاجة البلاد الى الهدوء والاستقرار، فإننا سنوجه رسائل الطمأنة اللازمة لتهدئة المجتمع ولدوران عجلة التنمية... ولا يجب أن يغيب عن أحد في هذا الباب دقة وحساسية المرحلة التي تعبرها البلاد والمخاطر التي تتهدّد الجميع دون استثناء... طالما ان كل التونسيين يركبون نفس المركب ويتحملون بالتالي نفس القدر من المسؤولية لايصاله إلى شاطئ الأمان.