{وَأَحْسِنُوا اِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.. (البقرة : 195)، وهذه شريعة أخلاقية قرآنية يؤكد عليها القرآن في أكثر من آية، وهي شريعة الاحسان في كل الأعمال التي يقوم بها الانسان في علاقاته مع الآخرين في حالة السلم وفي حالة الحرب. وقد جاء في آية أخرى: {اِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون}.. (النحل : 90). أمّا قيمة الاحسان فتتمثل في السلوك العملي الذي ينفتح فيه الانسان على الجانب الخيِّر في الحياة، وهو العطاء السمح الذي ينساب من روح الانسان وشعوره الحيّ، فيدفعه الى أن يحترم مشاعر الآخرين وظروفهم، فلا يثير معهم القضايا الصعبة من موقع صعوبتها؛ بل يحاول أن ينفتح معهم على جانب السهولة في الحياة، من جهة، في ما يأخذه من الحق الذي له، وينطلق مع خط العفو والتسامح من جهة أخرى.
وبذلك يتحرك الاحسان كخط أخلاقي اسلامي من مواقع الارادة الطوعية الطيبة في الانسان، فيخفف من شدة العدل وقسوته، ليعيش الانسان بين العدل والاحسان في الأجواء التي تبعث الطراوة حتى في أشد المواقف صعوبة وقساوة، انسجاما مع التركيب الداخلي للانسان في شخصيته الباحثة أبدا عن العدل والرحمة في مواقع الحياة.