وضّح أمر صادر مؤخرا عن رئيس الحكومة حمادي الجبالي صيغ وإجراءات دفع المساهمة الظرفية التطوعية المنصوص عليها بالفصل 5 من قانون المالية التكميلي لسنة 2012 التي كثر الجدل حولها في الفترة الماضية. اقتضى الفصل 5 المذكور احداث «مساهمة ظرفية تطوعية بعنوان سنة 2012 لفائدة ميزانية الدولة لتدعيم مجهود الدولة في الاستثمارات العمومية في مجال البنية الاساسية بالمناطق ذات الاولوية ودعم التشغيل . ويرخص لقباض المالية ومحاسبي المراكز القنصلية والدبلوماسية باستخلاص هذه المساهمات الظرفية التطوعية وتضبط صيغ واجراءات المساهمة الظرفية التطوعية بمقتضي أمر».
وتتطلع الحكومة المؤقتة من خلال هذه المساهمة إلى تعبئة 450 مليار من المليمات سيتم تخصيصها لتمويل استثمارات البنية الأساسية بالمناطق الداخلية ودعم التشغيل. و حسب الامر المذكور يمكن دفع هذه المساهمات إما مباشرة او عن طريق الاقتطاع من الاجور والجرايات.
اقتطاع من الاجور والجرايات
بالنسبة للأجراء وأصحاب الجرايات الذين يرغبون في دفع مساهماتهم عن طريق الاقتطاع من الأجر أو من الجراية فإنهم مطالبون بتقديم مطلب في الغرض إلى المَدين بالأجر أو بالجراية (المُشغل أو الصندوق الاجتماعي الذي يدفع الجراية مثلا) يُبينون فيه المبلغ المرغوب اقتطاعه و أقساط الاقتطاع .
ويتعين على المَدينين المُشغّلين مثلا دفع المساهمات المقتطعة لدى القباضة المالية المختصة وذلك بمقتضى تصريح حسب نموذج تعدّه الإدارة يتضمن قائمة المساهمين والمبالغ المقتطعة، ويودع في الآجال المحدّدة لدفع الخصم من المورد (retenu à la source) بعنوان المرتبات والأجور والجرايات وبالطريقة نفسها . كما يتعيّن في هذه الحالة أن تتضمن شهادة خلاص الأجر أو الجراية المسلّمة للمساهم مبلغ المساهمة المدفوعة.
وحسب الامر المذكور، سيقع تطبق الإجراءات المعمول بها في مادة الخصم من المورد بعنوان المرتبات والأجور والجرايات على هذه المساهمات التطوعية المخصومة من المورد وذلك فيما يتعلق بمراقبة ومعاينة المخالفات والنزاعات المتعلقة بها. مباشرة ..وبالبريد
نص الامر المذكور على أنه يمكن للأشخاص الطبيعيين والأشخاص المعنويين دفع المساهمة الظرفية التطوعية إما لدى قباضات المالية (بالنسبة للمقيمين داخل الوطن) أو لدى محاسبي المراكز القنصلية والدبلوماسية بالنسبة للأشخاص المقيمين بالخارج، وفي كلتا الحالتين يحصل المساهم على وصل في التسليم.
كما تم أيضا فتح حسابين جاريين بالبريد التونسي لدفع هذه المساهمات وذلك باسم «أمين المال العام» الاول عدد 17000000000049300095 بالنسبة للدفوعات من داخل البلاد و الثاني عدد 17000000000049300095 TN59 بالنسبة للدفوعات من الخارج.
شفافية و مراقبة
أثار الفصل 5 من قانون المالية التكميلي تجاذبات بين نواب المجلس التأسيسي عند المصادقة عليه و تراوحت مواقفهم بين مؤيد لمحتوى الفصل ومطالب بتنقيحه في اتجاه ضمان شفافية أكبر على آليات تنفيذه. وقد طالب النواب بضرورة توضيح الأشخاص المعنيين بدفع هذه المساهمة وطرق استخلاصها وسبل صرفها بما يضمن الشفافية في توظيف هذه التمويلات ودعا بعضهم إلى ضرورة التنصيص ضمن قائمة يتم نشرها للعموم على المبالغ المتبرع بها وأسماء المتبرعين واقترحوا اجرء يخول لكل شخص طبيعي او معنوي الاطلاع على الحسابات المتعلقة بالمبالغ و يفرض على الدولة تقديم جرد اخر كل سنة أو كل ثلاثة اشهر يتضمن المبالغ المتبرع بها و قائمة اسمية بالمتبرعين الى لجنة المالية بالمجلس التي تحرص على سرية هذه المعطيات.
وقد أوضح كاتب الدولة للمالية، سليم بسباس، آنذاك ، أن الحكومة المؤقتة تراهن على انخراط كل أفراد المجتمع التونسي في مساندة الدولة في تعبئة هذه الموارد التي سيتم توظيفها في نفقات استثنائية تتعلق أساسا بالتشغيل ودفع التنمية الجهوية. وقال بالخصوص ان هذه المساهمات ستدفع لصالح الميزانية ولا يمكن فصل حسابها عن حسابات الميزانية .واضاف انه توجد اجراءات في المجال تمنع على اي مواطن عادي الاطلاع على هذه المعطيات لكن الحكومة يمكنها الالتزام بتقديم تقرير حول هذه الحسابات في اطار قانون المالية لسنة 2013.
وبحكم ما خلفته التجربة السابقة للتونسيين عند التبرع لفائدة صندوق 26 26 ، فان الجدل حول مسألة الشفافية في هذه التبرعات سيبقى قائما ما لم تتخذ الحكومة المؤقتة أقصى ما يمكن من اجراءات تطمئن الناس وتشجعهم على التبرع دون أن تنتابهم الشكوك او هواجس .