يعيش قطاع التجارة في بلادنا عموما وفي صفاقس والجنوب التونسي فوضى عارمة تجسّمه الانتشار المفزع للتجارة الموازية والانتصاب الفوضوي في أهمّ الشوارع والأنهج وأمام مداخل الأسواق كسوق باب الجبلي و أيضا بأهمّ الطرقات الرئيسيّة كطرقات تونس والمهدية و تنيور و منزل شاكر . وبرزت في الفترة الأخيرة ظاهرة بيع المحروقات المهرّبة من ليبيا في معظم مناطق العمران و خاصّة بالطرقات الرئيسيّة انطلاقا من مدينة بن قردان وصولا إلى مدينة الجمّ و لا تخلو مدينة أو قرية من نقاط بيع المحروقات المهرّبة .
وقد انتصبت دكاكين بيع هذه المادّة في أهمّ التجمعات السكانيّة دون قيد أو شرط خالية من كلّ أجهزة الوقاية و السلامة من الحرائق و الكوارث في تحدّ صارخ من أصحابها لأجهزة الأمن و الحماية والتراتيب البلديّة بانتصابهم و احتلالهم للأرصفة بأوعية بلاستيكيّة ساهمت بقسط كبير في تلوّث المحيط والبيئة بما أفرزته من فواضل البترول ولقد ارتفعت لدى هؤلاء الباعة حواجز الممنوع على بيع المحروقات المورّدة خلسة من ليبيا وأصبح الأمر من قبيل المباح أمام لامبالاة مصالح التراتيب والمراقبة الوقائيّة من شرطة وحرس وحماية مدنيّة و ديوانة وأيضا البلديّات غير عابئين بما قد ينجرّ عن تعاطي بيع المحروقات في مثل هذه المواقع السكنيّة و أيضا في مثل هاته الفترة الصيفيّة الّتي تشتدّ فيها الحرارة بدرجات قياسيّة.
ولقد أفرزت عمليّات جلب المحروقات خلسة من ليبيا سماسرة لبيع هاته المادّة بعد احتكارها وتخزينها بكميّات كبيرة في مخازن ممّا حوّلهم إلى تجّار جملة بترويجهم لصغار الباعة و هو ما جعل حلقة المتاجرة ببيع المحروقات المهرّبة تتعاظم يوما بعد يوم الأمر الّذي سيكون عسيرا عند فتح ملفّ بيع المحروقات من قبل مصالح المراقبة التجاريّة والهياكل المختصّة و لسائل أن يتساءل عن أسباب سكوت مصالح المراقبة رغم تعدّدها وتنوّع اختصاصها و انتشارها في أهمّ الطرقات و عن أسباب ظاهرة بيع المحروقات المهرّبة و عند توريدها خاصّة و هي تدخل البلاد في وضوح النهار عبر المعبّد فهل الحريّة تخوّل المتاجرة بكلّ شيء و هل تعني التعدّي على القانون؟
ويشتكي اليوم أصحاب محطّات البنزين والمحروقات من هذه الظاهرة و قد كبّدتهم خسائر ماليّة فادحة رغم إشعارهم المتواصل لمصالح وزارتي الصناعة والتجارة بنتائج بيع المحروقات المهرّبة من ليبيا بالطرق المخالفة للقانون فكثيرهم يلوّح بالتخلّي عن محطّته والانسحاب منها وهو الّذي يتكبّد دفع الضرائب و الآداء وكذلك نتيجة ما يتحمّله من مسؤوليات اجتماعيّة بما يوفّره من مواطن شغل وموارد رزق لعدد من العاملين فيها ولم يعد الأمر بالهيّن أمام التجاوزات الخارقة للقانون في مجال بيع المحروقات المهرّبة ممّا يستدعي ويحتّم وقفة حازمة للتصدّي لهذه الظاهرة قبل أن تزيد استفحالا و انتشارا في بلادنا و قبل أن تزيد الاقتصاد الوطني مضرّة و عجزا.