انطلق مهرجان الحمامات في دورته 48 بعرض مسرحية «فايس بوك» لمسرح «فو» للمخرجة رجاء بن عمّار بحضور وزير الثقافة مهدي المبروك ووالي نابل محمود جاب الله وعدّة وجوه فنيّة وسياسية. وقد اتخذت المسرحية أبعادا رمزية وأخرى نقدية. وقد قدّم مدير المهرجان فتحي الهداوي المسرحية بأنها أتت بأخبار ما قبل الثورة وما بعدها لذلك وقع اختيارها لإفتتاح المهرجان. المسرحية تعرّضت إلى التحولات التي شهدتها البلاد منذ أكثر من عام وتعود الفكرة إلى سنتين حيث عرضت للمرة الأولى أمام لجنة الرقابة يوم 16 ديسمبر أي قبل قيام الثورة بيوم واحد وتسارعت الأحداث ولم يتمكّن الفريق من استكمال المسرحية إلا في مارس 2012.
انطلقت المسرحية وسط إضاءة خافتة و ديكور متعدد الوسائط واكتشف الجمهور المسرحية التي روت قصة ربّة المنزل (رجاء بن عمّار) التي تستعد للإحتفال ب «7 نوفمبر» فيما يبث التلفزيون فيلما عن الفاشية وفي ركن آخر من المبنى نشاهد صحافي ملفوف بخيوط العنكبوت (المنصف الصايم) يعيش منعزلا يراقب العالم الخارجي من برجه العاجي ونشاهد المدونة و المناضلة (رندا دبّاغ) في مكان آخر تقضي ساعات على شاشة الكمبيوتر.
قدّمت المسرحية ثلاث شخصيات هي المرأة و المثقف و الشابة المناضلة لتلتقي هذه الشخصيات في فضاء افتراضي وواقعي في آن واحد هي شخصيات رصدت واقع الثورة التونسية منذ البداية و صولا إلى «ديڤاج»، تجسّد كل ذلك في لوحات صفّق لها جمهور مسرح الحمامات في لوحات عاينت تطوّر الحراك الشعبي في تونس بأدوات الكوريغرافيا والموسيقى والألعاب البهلوانية وخيال الظل وألعاب الفيديو والعنصر السمعي.
وتعرّضت «فايس بوك» إلى واقع المرأة التونسية ووهم التحرر الذي ظل حبرا على ورق في مجلة الأحوال الشخصية.أما عن ردود أفعال بعض الجماهير التي واكبت العرض فقد لمسنا استحسان الأغلبية للمسرحية ونذكر منها زوجان حضرا وهما عمران البخاري وزوجته آمال متفقدان عامان للتربية، وقد ذكرت السيدة آمال بأنها تتابع بكل حب الأعمال التي تقدّمها الفنانة رجاء بن عمّار واعتبرتها فنانة متكاملة لم تغيّر نهجها الذي سلكته منذ بداياتها مع الفنان توفيق الجبالي.
أما وزير الثقافة فقد اعتبر العرض ناجحا شاكرا الفنانة على المجهود الذي بذلته وذكر بأنه عرض فيه تشريف لمسيرة الفنانة رجاء بن عمّار ولمنصف الصايم وثمرة لعمل سنوات لمصلحة المسرح. الفنان فتحي الهداوي بدوره أبدى اعجابه بالعرض وذكر بأن خروج عدد من الجمهور احتجاجا على بعض الألفاظ لا يدعو بأي شكل من الأشكال إلى العودة إلى الرقابة. وفيما يخص والي الجهة محمود جاب الله فقد رأى بأن العرض مرضي اجمالا وأكّد بأن نقد الفنانة للسلطة الجديدة يندرج ضمن إطار حريّة التعبير وأضاف بأن عهد النظرة الواحدة قد ولّى إلا أنه لم يخف لومه عليها الإغراق في السوداوية لفترة ما بعد الثورة.
نظرة سوداوية لم يتفق معه فيها السيد عبد العزيز المهذبي (أستاذ فلسفة) الذي اعتبر أن الفنانة أنهت المسرحية بنظرة تفاؤلية باعتبار أن الفن في علاقته بالواقع هو نقد له وتجاوز للسائد وتمرّد عليه وليس من دوره أن ينقل الواقع كما هو بل خلق واقعا آخر أفضل وأجمل يفتح لنا بابا على الأمل.