لم يكن مالك متعصّبا لآرائه، وكان متفتحا لآراء الغير ويعترف بخطئه، يقول: «إنما انا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي كل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافقهما فاتركوه». وكان لا يدّعي ما لا يعرف، فكان لا يجيب السائل عن مسألة إذا لم يعرف جوابها، ففي «حلية الأولياء» لابن نعيم أن رجلا سأله عن مسألة فقال «لا أحسنها»، فقال الرجل: إني ضربت اليك من كذا وكذا لأسألك عنها، فقال له مالك: فإذا رجعت الى مكانك وموضعك فأخبرهم أني قد قلت لك إني لا أحسنها.
وسأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب فقال: ما أدري ، ما ابتلينا بهذه المسألة في بلدنا، ولا سمعنا أحدا من أشياخنا تكلّم فيها، ولكن تعود.. ومن الغد عاد وقال له: مسألتي! فقال: ما أدري ما هي.
فقال الرجل: يا أبا عبد ا& اتركت خلفي من يقول ليس على وجه الأرض أعلم منك! فقال مالك غير مستوحش: إذا رجعت فأخبرهم أني لا أحسن. وكان مالك يقول في أكثر ما يسأل عنه: لا أدري.
و«الموطأ» كتاب حديث وفقه، استنبط فيه مالك بن أنس من الأحاديث الأحكام الفقهية فيما يتصل بالعبادات والمعاملات بعد التثبت في سند الحديث حتى سمي أمير المؤمنين فيه. وكان «الموطأ» الأصل الاول للحديث، اعتمد في كتب الحديث الصحاح الستة.
ويروى انه كان يرى كل ليلة الرسول ے وكان لا يجلس لروايته الا بعد أن يغتسل ويتطيب ويلبس ثيابا جددا، ويتعمّم ويضع على رأسه قلنسوه طويلة، وتعدّ له منصّة يروي منها الحديث،ويوضع له عود بخور يتبخر طيلة رواية الحديث. ذلك في المسجد النبوي الشريف في المكان الذي كان يجلس فيه عمر بن الخطاب للشورى والحكم.
أما إذا لم يكن درس حديث وكان درس فقه وعرض مسائل وافتاء فكان يخرج لطالبيه مباشرة، ويفتي دون ان يهيئ نفسه كما للحديث. وكان مالك لا يروي الحديث في الطريق قائما، ولا يجيب السائل عن مسألة إذا لم يعرف جوابها.
وكان مالك يفتي او يحدّث والناس حوله سكوت، لا يتكلم احد منهم هيبة له، ولا يفتي احد في مسجد رسول ا& ومالك في المدينة وكان كثير الصلاة والاذكار والاوراد في الاسمار.