من علماء التابعين يضرب به المثل في الزهد والمعارف. كان غزير الدمعة كثير الإشفاق. من كراماته انه ركب على اتان له في سفر، إذ غشيته السلابة وهم اللصوص فأخذوا الدابة ونزعوا ثيابه ولم يتركوا عليه الا ثوبا ثم ذهبوا فمال رباح الى موضع بالصلاة، فبينما هو يصلي، اذ أظلمت السماء، فلم ير السلابة اين يتوجهون، فأقبلوا اليه وهم لا يعرفونه فوجدوه قائما فقعدوا خلفه، فلما طول قالوا له : اختصر فقد ترى ما نزل بنا في وضح النهار وما نحسب ذلك الا من اجلك، فسلم ثم التفت اليهم وقال : ما تريدون مني؟ نزعتم ثيابي وأخذتم اتاني، قال فردوا عليه ثيابه ودابته فانجلت عنهم تلك الظلامة الموحشة. وحدثنا البهلول بن راشد انه كان بمكة المكرمة فأتى رجل خرساني يسأل عن رباح بن يزيد فقلت له: ما حاجتك واين عرفته فأخبرني أنه رآه في بئر زمزم وقد استقى منها عسلا فشرب وسقاني. وروى ابو بكر بن اللباد شيخ جماعة اهل السنة بالقيروان ان رباحا كان عنده أجراء حصادون فعمل لهم الغداء وكسر لهم الخبز ثم قال لو كان عندنا لبن عملناه لهم (قالها بحسرة) وكانت له قربة مملوءة ماء فصب منها لبنا على الخبز وقدم ذلك اليهم وهو صامت متكتم على الكرامة الالهية ثم قام الى القربة ذاتها ليتوضأ منها للصلاة فصب منها ماء وتوضأ.
قال سعيد بن الحداد: كان لرباح بن يزيد صديق وكانت له بنت مقعدة، فسأله ان يزوجها له، ففعل. فلما دخل عليها رباح أخذ بيدها وهو يتلطف بها، ثم قال: قومي بإذن الله، فقامت صحيحة تمشي وتوجه الى موضع بالبيت فصلى الى الصبح ثم خرج وخلى سبيلها، ولم يكن له إلى النكاح حاجة. ولقد كان سأله رجل من أهل القيروان ان يزوجه ابنته وكان لها مال عظيم فامتنع رباح عن ذلك وإنما تزوج من هذه الكسيحة من أجل الدعوة لها بالشفاء.
وروي عن رباح انه قال «رضت نفسي على اجتناب المآثم حولا ثم حولا، فضبطّها ورضت لساني على ترك ما لا يعنيني فبعد خمسة عشر عاما ضبطته.عند موته ازدحم الناس على نعشه من الظهر الى العصر. فلما طال أمرهم امر يزيد الشرطة بحمله وأزالوا الناس عنه. وقبر رباح بالحوطة قبلة قبر البهلول بمقبرة قريش بالقيروان وعند رأسه عمود ازرق ليس فيه كتابة.