الإمام العالم الزاهد البهلول بن راشد القيرواني المالكي أحد أصحاب الإمام مالك رحمه اله. هو العالم المجاهد والفقيه العابد والفدائي الزاهد، هو أبو عمرو الحجري الرعيني بالولاء، من العلماء الزهاد من أهل القيروان المشهورة في شمال افريقية. ولد سنة ثمان وعشرين ومائة، سمع من مالك والليث والثوري ويونس بن يزيد وغيرهم، وسمع منه سحنون والقعنبي وعون بن يوسف وآخرون. له كتاب في الفقه على مذهب الإمام مالك وقد يميل الى أقوال الثوري وقيل: ان أصحابه دوّنوا الكتاب عنه. سيرته وفضائله
كان البهلول عالما بصيرا بحكمة التشريع ووجوه الاصلاح الاجتماعي، وكان يؤمن بأن معاونة المحتاجين من أفضل العبادات والتقرب الى الله جلّ شأنه. قال أبو العرب التميمي صاحب مدوّنة طبقات علماء افريقية وتونس أبو عمرو البهلول بن راشد، كان ثقة مجتهدا، ورعا لا يشك في أنه مستجاب الدعوة، وكان عنده علم كثير. سمع من مالك بن أنس ومن سفيان الثوري بلغني عن البهلول انه كان ذات يوم جالسا، وعنده «رباح بن يزيد» فبينما هما في مكانهما اذ اقبل «بقية» من البادية فجعل يلهج بخبر المطر والزرع، والبهلول يتقلى ويتلون اغتماما، لعلمه بأن سيدي رباح لا يتحمل ذكر الدنيا وأسبابها، فلما أكثر بقية من الكلام نهض رباح وجعل يقول للبهلول: «سقطت من عيني الدنيا تذكر في مجلسك ولا تنكر ولا تغير» وقال له البهلول: «ما أبالي وما اكترث إذا لم أسقط من عين الله، من عين من سقطت. فخرّ وأكب رباح على رأس البهلول يقبله، وجعل يقول له: نعم، أحبيبي أبهلول، لا تبالي ولا تحفل من عين من سقطت، إذا لم تسقط من عين الله..
وحدثني ابو عثمان سعيد قال: «كنت بالمدينة المنوّرة، فإذا برجل يسأل ويقول: هل هناك أحد من أهل افريقية؟ فقلت أنا فقال: من أهل القيروان؟ قلت: نعم، قال أتعرف البهلول بن راشد؟ قلت أجل، فدفع الي كتابا (رسالة) وقال وصله اليه. فرفعت اليه الكتاب ففضه، اي فتحه، فإذا فيه «من امرأة من أهل سمرقند مجنت مجونا لم تمجنه الا هي، ثم تبت الى الله عزّ وجل، وسألت عن العباد من أقطار الأرض فوصف لي أربعة: بهلول بإفريقية رابع الثلاثة فسالتك بالغفور يا بهلول الا دعوت الله أن يديم ما فتح لي فيه.. فسقط الكتاب من يده وخرّ على وجهه فمازال يبكي بطين دموعه وهو يقول: يا بهلول ذكرت بسمرقند خراسان الويل لك من الله ان لم يستر عليك يوم القيامة.