تشهد العديد من الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي حملة واسعة ضد حركة النهضة بسبب قانون التعويض لمساجين وضحايا الرأي إبان نظام بن علي، ولم تنجح صفحات أنصار الحركة في رد الهجوم وإقناع التونسيين بوجاهة مطلب التعويض المالي. وجد أنصار النهضة أنفسهم معزولين يوم أمس إزاء مسألة التعويض للمساجين السياسيين والتي وحدت مختلف تيارات اليسار والمعارضة وحتى المستقلين في مواجهة النهضة ومن يناصرها في مشروع التعويض المالي الذي سيتم تقديمه إلى أعضاء المجلس اليوم، وتم تقدير حجمه بما لا يقل عن ألف و100 مليار من المليمات. ويمكن أن نقول من خلال قراءة المئات من التعاليق حول هذا الموضوع إن هذا المبلغ الضخم يثير رعب أغلبية التونسيين خصوصا في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه أغلب الناس من حرمان من ماء الشرب في الأرياف وعودة آلاف السكان إلى اقتسام مياه الأودية والغدران مع الحيوانات، وفي ظل انتشار البطالة إلى حدود تدفع إلى الخوف، وتراجع موارد الدولة وانسداد الآفاق وغيرها من الظروف التي تدل كلها على الأولوية المطلقة للتنمية وضمان مواصفات الحق الأدنى من العيش الكريم للتونسيين قبل أي مشروع تعويض.
ويكتب ناشط حقوقي معروف بحياده السياسي: «لقد فتحت النهضة على نفسها بقانون التعويض باب بلاء كبير، خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي المزري وتناقص موارد الدولة وانتشار الفقر والبطالة».
ولا يتردد أنصار اليسار في اعتبار مشروع التعويض مخصصا لمساجين حركة النهضة الذي يمثلون أغلبية مطلقة في مجموع ضحايا الاضطهاد في تونس، كما يجد خصوم النهضة في الصفحات التونسية ما يدعم حملتهم على النهضة، وخصوصا ما نسب إلى شيخ زيتوني من تعليق نشر في صفحته يرفض فيه «أن ينال الإنسان تعويضا ماليا على عمل قدمه من أجل الوطن» مبينا أن ما قام به مناضلو النهضة من أجل نصرة الله حسب ما يدعون، فان أجرهم عند الله سبحانه وبالتالي ليس من حقهم المطالبة بتعويض.
وأفاد الشيخ الذي يقدم برنامجا دينيا على الوطنية الأولى أن مناصري حركة النهضة اختاروا النضال من تلقاء أنفسهم ولم يوكلهم الشعب التونسي حتى ينهبوه ماله، كما وجه نداء حاد اللهجة لحركة النهضة لرفض التعويض. كما لقي موقف حمة الهمامي بخصوص التعويض عن السجن والتعذيب والاضطهاد الكثير من النشر في مواجهة قانون التعويض، وتم تداول تصريح منسوب إلى زعيم حزب العمال جاء فيه: «منذ قرابة أربعين عاما وأنا أعيش بين السرية والسجون، ولم أفكر أبدا في المطالبة بالتعويض».
وبعيدا عن الصفحات المسيسة، نقرأ في عدة صفحات محايدة رفضا واضحا للتعويض، مثلما كتب ناشط حقوقي متخصص في الاقتصاد للتدليل على أهمية مبلغ التعويض، حيث قدره بما يزيد على 134 بالمائة من ميزانية وزارة التشغيل، 89 بالمائة من ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، 87.7 بالمائة من ميزانية وزارة الصحة، 77.6 بالمائة من قروض تونس الداخلية لعام 2012.
ولم نعثر في الصفحات التونسية على ردود قوية أو منسقة في صفحات أنصار النهضة والقريبة منها، واكتفى بعض الناشطين بالتذكير بأن التعويض عن الاضطهاد والتعذيب استحقاق من استحقاقات العدالة الثورية، معترف به دوليا وتم اعتماده في الأرجنتين وجنوب إفريقيا، وأن التنازل عنه يخص الضحية وحده، وليس من حق أي طرف حرمانه منه، فيما أصر ناشطون آخرون على أن حزب المؤتمر هو الذي اقترح هذا القانون وليس النهضة.
بالتوازي مع ذلك، حفلت صفحات أخرى بدعوات يتخفى أصحابها وراء أسماء مستعارة، مثل الدعوة إلى العصيان المدني أو التوقف عن دفع الضرائب، بالإضافة إلى دعوات صريحة للعنف واقتحام مقرات السيادة الحكومية مثل الولايات أو إغلاق الطرق مثلما حدث مرة أخرى في سيدي بوزيد. أما الأقل تطرفا فيدعون إلى وقفة احتجاجية واسعة اليوم أمام المجلس التأسيسي.