ارتبط تدفق عيون الاحواض الرومانية سابقا ببعد اسطوري تجلى في ممارسة طقوسية تتمثل في ذبح ثور ليزداد تدفق هذه العيون وعند الكبار يقال انك تسمع زغردة العين بنحر الحيوان. انها ذاكرة شعب سطا عليها جبروت وجشع الرأسمالية الصناعية فحولت مجاري العيون وكلّ العيون في قفصة الى مغاسل المعامل على قلتها في الجهة فاسكتت قلب المدينة واوقفت نبضه ومعه توقف ضخ المياه ونضب الوادي وقبله عين الشفاء وسيدي احمد زروق والمناقع لتنطلق اشكالية الماء في مدينة المياه .
بعد سنوات من اهمال الوادي وتحوله الى مصب للفضلات ...ومع ثورة الشعب عادت الحياة الى النسيج الاجتماعي فكان ميلاد الجمعيات والاحزاب والحركات العفوية التي مثلت عوامل اعادت الروح الى وادي الباي وادخلت الفرحة والسرور على الكبير والصغير فكان الخبر الذي انتشى له الجميع. مسعودية رواشد في عقدها التاسع وجدناها صدفة مع المهنئين قرب الوادي فتحدثت الينا بتلقائية الصغار قائلة ان الوادي مثل مكانا للاحتفال بالأعراس قديما فكان يذبح «العاصي» فتزغرد العين حتى لا يغرق روادها.هذه العين كانت مجمع النساء ليلا والشبان نهارا حسب محدثتنا التي اضافت ان قفصة بدون الوادي تفقد خصوصيتها .اما الفتى حافظ بالقاضي (14سنة) من حومة الوادي فقد لخص فرحته بالقول انه يوم عيد انتظرناه طويلا ومنذ سماعي في المدة الاخيرة بانطلاق الاشغال لعودة الماء كنت لا انام الليل كله ومنذ الصباح ازوره .وفي هذه الحرارة المرتفعة ومع غلق المسبح البلدي ومسبح سيدي احمد زروق مثلت عودة الماء الى وادي الباي فرحة كبيرة والحمد لله والشكر لكل من ساهم في احيائه .
فيما قال النفطي شوشان ( 54سنة) ان الوادي بدون ماء منذ سنوات واليوم بعودة المياه الى مجاريها اصبحت المسؤولية كبيرة فلابد من توفير الدوريات الامنية حتى لا تحدث التجاوزات والخصومات التي قد تكون شرارة مشاكل نحن في غنى عنها مضيفا ان هناك اوساخا قد تسبب الامراض لابد من ازالتها ومعالجة اثارها التي منها مرض «اللاشمانيا».
بينما قال وسيم النوري وهوعضوفي جمعية نخلة وادي الباي لقد سعينا الى اعادة الحياة الى الوادي لادخال البسمة على الجميع في عز الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة لقد تكاتفت الجهود من مجتمع مدني وعمال بيئة وحضائر وديوان التطهير والفلاحة وبلدية قفصة فالكل اجتهد لاعادة الروح الى الاحواض الرومانية وهي خطوة اولى في انتظار تركيز مشروع بئر خاصة بالوادي والمشروع في اللمسات الاخيرة بتمويل من شركة الفسفاط وسيرى النور قريبا .
فاتح بالناصر من المساهمين بالجهد والاجتهاد في اعادة الحياة الى الاحواض وجدناه في قمة السعادة بتدفق المياه حيث قال ان الجمعيات المائية مشكورة وفرت لنا الماء رغم قلته فالماء لم يبلغ مستواه العادي لكنه جيد جدا في مثل هذه الاوقات مع ارتفاع درجات الحرارة انه متنفس قفصة والشكر لكل من ساهم في هذه الحركة الطيبة .
لئن عادت الروح الى وادي الباي بعودة المياه الى مجاريها الا ان ما يامله كل سكان قفصة وخاصة سيدي احمد زروق ان تطول العناية ايضا مسبح زروق الذي تجاهله الجميع بما في ذلك بلدية قفصة .