شغل ارتفاع أسعار المحروقات العديد من الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي وخصوصا صفحات المعارضة التي حولتها إلى أحد أدوات للهجوم على النهضة التي تواجه أيضا حملة غير مسبوقة بسبب التقارب المثير للشبهة مع أنصار التجمع. خلف ارتفاع أسعار المحروقات في ما ينشره التونسيون في الموقع الاجتماعي سخرية مرة، نراها في الصور الساخرة للحمير بصفتها ستعوض السيارات لعجز الناس عن دفع ثمن البنزين، خصوصا في ظل اشتعال الأسعار عموما، ومصاريف العودة المدرسية بالإضافة إلى حالة الإحباط العام بسبب تنامي العنف والفوضى وما يسميه أحد الناشطين الشباب: «انتشار النفاق والكذب السياسي في وسائل الإعلام».
تداول الكثير من الناشطين صورة لمأوى للحمير في إحدى الدول الآسياوية مع تعليق ساخر يقول: «محطة باب عليوة بعد عامين»، في إشارة إلى عودة التونسيين إلى استعمال الحمير بسبب غلاء الوقود.
كما كتب ناشطون معروفون بحيادهم أن الترفيع في سعر البنزين عادي ومتوقع، وفي دول مماثلة يحدث ترفيع بنسبة أعلى بكثير مما حدث في تونس، تصل إلى 30 بالمائة سنويا، وجاء في نص لأحد الحقوقيين: «لسنا بلدا منتجا للنفط مثل ليبيا والجزائر، الترفيع في سعر المحروقات مبرمج منذ عهد بن علي، وقد أقرته حكومة الباجي قايد السبسي ثم أجلته إلى ما بعد الانتخابات حتى لا يحسب عليها سياسيا».
لكن هذا الطرح لا يقنع أحدا غير أنصار الحكومة، وكتب ناشط متخصص في الاقتصاد: «هذا الترفيع سوف تكون له انعكاسات سلبية جدا بالترفيع في أسعار كل شيء، وخصوصا في ارتفاع حدة تهريب البنزين من الجزائر وليبيا». وفي باب السخرية التي يتقنها التونسيون جيدا، تم تداول تعليق جاء فيه: «لتر البنزين ب 1470 مليم، اشكون الغني القادر على إحراق نفسه توه ؟».
وبالتوازي مع ذلك، تداول ناشطون كثيرون في الصفحات الاجتماعية يوم أمس صورا للسيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة في حفل خيري في الساحل، حضرته وجوه تجمعية عديدة، واستغل خصوم النهضة هذه الصور لمواصلة الحملة على ما يعتبرونه تقاربا واضحا بين حركة النهضة وبقايا التجمع، ليس في مجال السياسة فقط، بل خصوصا في مجال الإعلام العمومي. وعن حضور تجمعيين في نشاطات رئيس الحكومة، تداول ناشطون من المعارضة في الموقع الاجتماعي نكتة تستحق النشر، جاء فيها «أثناء تجمع أنصار حركة النهضة بالقصبة وخروج حمادي الجبالي لمصافحتهم مر أحد الشيوخ بجانب التجمع فسأله أحد الشبان: لماذا لم تشارك في هذه الوقفة التاريخية ؟ فقال: كيف أشارك مع جماعة الشعبة ؟ فرد الشاب: لا لا، إنهم يهتفون يا حمادي الشعب معاك، فأجابه الشيخ: أنا لا اقصد ما يقولون ولكنني أعرف منهم العديد من الوجوه التي كانت بالأمس القريب في الشعبة».
ويكتب أحد الزملاء في صفحته تعليقا على هذا الموضوع: «الانتخابات تقترب، والمنافسة مع نداء تونس حول جلب أكبر عدد ممكن من التجمعيين على أشده، الجميع يعرفون أن أصوات التجمعيين سوف تصنع الفارق في أية منافسة قادمة، لأنهم ما يزالون يملكون المال والنفوذ في الدولة».
وإذا تجاهلنا التعاليق الحادة والسباب والتهم المتبادلة بين شقي النزاع التاريخي في تونس، فإننا نقرأ أحيانا تعاليق جيدة عما يحيط بتصرفات الحكومة من اعتماد على أشخاص عرفوا بولائهم التاريخي للتجمع، مثلما كتب زميل من التلفزة الوطنية: «ما تفعله الحكومة من تسميات في قطاع الإعلام لا يدع أي مجال للشك في ازدواجية خطابها حول محاسبة الفساد في الإعلام خصوصا العمومي، من حيث التصريحات، رئيس الحكومة يعلن عن فتح باب التشاور مع المهنيين في الإعلام في ما يخص التسميات، ومن حيث الواقع تتدخل أياد خفية في فعل العكس وعدم استشارة أحد في تعيينات تفتح باب البلاء على الحكومة والبلاد كلها».
وقرأنا عبارة «الحكومة تفتح على نفسها باب البلاد» في صفحات ناشطين معروفين بالنزاهة والحياد، وحتى في صفحة ناشط قريب من النهضة، كتب تعليقا جاء فيه: «سمحت الاحتجاجات على التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام لعدد كبير من الأشخاص المعروفين بفسادهم الكبير وتورطهم في حملات شتم المعارضة بالاندساس بين أصحاب المطالب العادلة، مثل هذه التصرفات الخاطئة من الحكومة تسمح لهؤلاء بانتحال سمعة نظيفة وبأن يختلطوا بالمناضلين الحقيقيين وأن يصبحوا ثوريين، يا للخسارة».