مظاهرات الغضب احتجاجا على الفيلم والرسوم المسيئة للاسلام تواصلت أمس في عدة بلدان منها باكستان وبنغلاديش ونيجيريا بينما أكدت التقارير أن «القاعدة» على وشك استهداف مصالح أو مراكز ديبلوماسية أمريكية وفرنسية خصوصا في أوروبا. ذكر مسؤولون أن السلطات الباكستانية أعلنت نفسها في حالة تأهب قصوى أمس السبت غداة مظاهرات دموية احتجاجا على الفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أثار غضبا في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
غضب متجدد
وقالت صحيفتا «نيوز» و«دون»: إن 23 شخصا قتلوا وأصيب أكثر من 200 آخرين أمس الأول الجمعة بعد أن خرج آلاف الأشخاص معظمهم ينتمون إلى جماعات دينية يمينية إلى الشوارع في مظاهرات أطلق عليها اسم «يوم في حب النبي» التي دعمتها الحكومة.
ونظمت مظاهرات عنيفة قرب البعثات الخارجية في العاصمة إسلام آباد بالإضافة إلى لاهور وكراتشي وبيشاور. وقال المفتش العام بشرطة إسلام آباد بن يامين لوكالة الأنباء الألمانية: «إننا على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي مشكلة بعد الحماية الناجحة أول أمس للمنطقة الحمراء (التي تضم العديد من السفارات ومبنى الحكومة الرئيسي) في إسلام آباد». وأضاف : «يمكنني أن أؤكد أن المتظاهرين لن يسمح لهم بدخول المنطقة الحمراء أو أي منطقة حساسة أخرى».
وحتى ساعة متأخرة من مساء أمس كانت طرقات وساحات عديدة «مغطات» بالطوب والحجارة وأجزاء من النوافذ المهشمة وزجاج السيارات وإطارات السيارات المحترقة، بعد أن أشعل المتظاهرون النار في العديد من المباني والمركبات ونهبوا العديد من المتاجر والبنوك. وفي بنغلاديش أعلن مسؤولون وشهود أن عشرات الأشخاص أصيبوا بجروح في اشتباك بالعاصمة داكا بين الشرطة ومئات المسلمين الذين كانوا يحتجون ضد الفيلم المسيء للنبي الكريم.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع واستخدمت الهراوات لتفريق محتجين كانوا يرشقون بالحجارة وينتمون إلى نحو اثنتي عشرة مجموعة إسلامية. و قالت الشرطة: إن الاشتباك اندلع عندما حاولت الشرطة منع التظاهرة.
وقال شهود: إن المحتجين حرقوا عدة سيارات بينها عربة للشرطة خلال المواجهة، وأعلن المحتجون إضرابًا عامًّا في مختلف أنحاء البلاد اليوم الأحد للاحتجاج على أفعال الشرطة. ونظم أمس الأول أكثر من ألفي شخص مسيرة في داكا وحرقوا نعشًا رمزيًّا كان ملفوفًا بالعلم الأمريكي مع دمية للرئيس باراك أوباما. وفي نيجيريا تظاهر عشرات آلالاف أمس في شوارع كانو ثاني أكبر المدن وذلك للاحتجاج على الفيلم المسيء للمسلمين الذي انتج في الولاياتالمتحدة.
وقال مراسل وكالة «فرانس برس» ان المتظاهرين ساروا عدة كيلومترات داخل المدينة هاتفين «الموت لامريكا، الموت لاسرائيل الموت لاعداء الاسلام». ونظمت التظاهرة الحركة الاسلامية في نيجيريا (شيعية) المقربة من إيران والتي كانت بدأت الظهور منذ أواخر سبعينات القرن الماضي في أكبر دول افريقيا لجهة عدد السكان. وقال محمد توري العضو في الحركة وأحد متزعمي التظاهرة «نزلنا للشوارع للتعبير عن غضبنا ورفضنا لهذا الفيلم». وأضاف «وترمي هذه التظاهرة أيضا لمطالبة الحكومة الأمريكية بوقف مثل هذه الأعمال المشهرة بالاسلام».
القاعدة «تهدد»
من جهة أخرى أكدت مصادر قريبة من دائرة السفارة الأمريكية في القاهرة أن أمن السفارة سيستعين بقوات إضافية من «المارينز» (مشاة البحرية) لحماية السفارة من الداخل.
يأتي هذا في الوقت الذي تلقت فيه السفارات الأمريكية والفرنسية في عدد من العواصم الأوروبية رسائل تهديد من عناصر تابعة لتنظيم القاعدة في أوروبا تتوعد بحرقها وشل كل مصالحها احتجاجا على الفيلم الأمريكي المسيء للرسول والرسوم الكاريكاتورية التي تسخر من الإسلام والتي نشرتها صحيفة «شارلي إبدو» الفرنسية خلال الأيام الماضية. وقد رفعت السفارات الأمريكية والفرنسية في عدد من الدول الأوربية منها بولونيا والنمسا وألمانيا درجة الاستعداد القصوى استعدادا لمظاهرات محتملة في عطلة نهاية الأسبوع يقودها إسلاميون متشددون ضد السفارات الأمريكية والفرنسية والبعثات التابعة لهم.
وقد استعانت بعض السفارات الأمريكية في أوروبا بقوات «المارينز» لتأمينها خلال الفترة المقبلة في مواجهة العناصر التي وصفتها وسائل الإعلام الأوروبية ب «الراديكالية» وتخص بها الإسلاميين المتشددين.
وقد بدأت السفارات الأمريكية في أوروبا في الاعتماد على نظم أمنية شديدة التطور للكشف عن المتفجرات وإجهاض أية محاولات للانتحاريين بالتنسيق مع أجهزة المخابرات العالمية بشأن المعلومات عن نشاط خلايا بؤر الإرهاب وأذرع تنظيم القاعدة في كل دول العالم.