قبل عدة قرون قال العلامة ابن خلدون : «المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه وفي سائر أحواله وعوائده...» وكم نتمنى اليوم أن تعترف الأندية التي سقطت بالضربة القاضية أمام الترجي الرياضي بقوة هذا الفريق وتقدم على اقتفاء أثره في كل شيء بدل تبني نظرية «المؤامرة» وإطلاق الاتهامات جزافا لتبرير السيطرة التي فرضها أحفاد الشاذلي زويتن على المستوى المحلي. فهذا الفريق «أدمن» الفوز بالألقاب منذ عام 1939 (تاريخ حصوله على الكأس) حيث توج الأصفر والاحمر ب24 بطولة دون اعتبار لقب الموسم الحالي بالاضافة الى الكأس في 14 مناسبة وكذلك العديد من الألقاب القارية والاقليمية والدولية ليبلغ مجموع الألقاب الموجودة بخزينة فريق باب سويقة 51 لقبا في اختصاص كرة القدم ولا ننسى كذلك التتويجات الخاصة ببقية الفروع مثل كرة اليد (27 بطولة والكأس في 24 مرة منها ما لا يقل عن 14 ثنائيا قبل ان تطأ قدما سليم شيبوب مكتب رئاسة النادي العريق) وكذلك عدة ألقاب في الكرة الطائرة وكرة السلة (هذا الفرع جمّد نشاطه عام 1994) والعديد من التتويجات في رياضات أخرى كالجيدو والسباحة والمصارعة والملاكمة.
إن كل هذه الألقاب التي أصبحت حديث المجالس لم تتحقق بمحض الصدفة كما أنها ليست طلاسم لا يفهمها أحد وإنما جاءت كنتيجة حتمية للتنظيم الإداري المحكم والقدرة الفائقة على إدارة الأزمات والاستفادة من القوانين الرياضية (قرار الكناس بإعادة مباراة بني خلاد) والانغلاق على الذات قدر المستطاع ذلك أن الترجي يعتبر الفريق الأقوى على مستوى القدرة على التكتم على مشاكله الداخلية هذا اضافة الى توفر المال والرجال وكذلك العوامل الفنية المتمثلة في امتلاك لاعبين من طراز رفيع يتمتعون بالمهارات والروح الانتصارية العالية بدليل أن الترجي سجل في بطولة الموسم الحالي ما لا يقل عن 11 هدفا في الدقائق العشر الأخيرة من مبارياته (ضد النجم الخلادي في دق94 وأمام أمل حمام سوسة في دق94 وضد المرسى في دق92...) وكلها مؤشرات موضوعية تجعل هذا الفريق يقع في شرك الألقاب لا يستطيع منه فكاكا بمرور الشهور والدهور.
الترجي تحصّل على اعتراف من التاريخ ومن «الفيفا» ومن الاتحاد الدولي لتاريخ واحصاءات كرة القدم لكنه اليوم في حاجة الى اعتراف من «أشقائه في تونس لأن الأصفر والأحمر غير مسؤول عن مشاكل الافريقي وقضايا النجم الساحلي و«انهزامية» الهمهاما وقلة خبرة النادي البنزرتي وتذبذب أداء أبناء الكوكي...
قد يكون الترجي استفاد في الماضي من وجود شخصيات مؤثرة على المشهد الرياضي لكن هذا الأمر حدث مع كل الفرق التونسية تقريبا (الضغوطات التي مارسها النجم الساحلي على الجامعة قبل نهائي كأس 2001، محاباة نجم حلق الوادي والكرم، الحضور القوي للطرابلسية في الافريقي، وجود صلاح الدين باي في نادي حمام الانف) ولكن بعد ان أثبت الترجي قدرته على التتويج بالألقاب قبل الاستقلال وبعده وكذلك عقب «الثورة» فإنه لا مجال مطلقا لعدم الاعتراف بقوة هذا النادي.
هذا الكلام لا يعني ان الترجي فريق كامل الأوصاف ولكنه الافضل حاليا على المستوى المحلي على الأقل لذلك من المفيد ان نهمس في آذان الترجيين: «لا يخدعنك الربيع وصفو الفضاء وضوء الصبح» فالنادي مازال أمامه الكثير لتحقيقه على المستوى القاري وكذلك في كأس العالم للأندية.