نائب بالبرلمان : سنسائل بصفة عاجلة كل المعنيين حول فقدان الحجيج    وفاة الناقد السينمائي خميس الخياطي    الرابطة الأولى: رهان المقاعد الإفريقية يلقي بظلاله على الجولة الختامية لمرحلة التتويج    عاجل/ "الفيفا" يوقف هذا اللاعب عن النشاط لمدة ستة أشهر..    إنطلاق الموسم الرياضي الجديد وموعد سوق الإنتقالات    لجنة مكافحة الإرهاب تعلن عن إطلاق حملة للتعريف باستراتيجية مكافحة التطرف العنيف    مواطنون يشتكون من '' الوضعية المزرية '' لقطار تونس بنزرت    دعما للنمو: ضخ 330 مليون دينار لدعم تدويل المؤسسات في الفضاء المغاربي    احذروا منه.. زر في ريموت المكيّف يضاعف فاتورة الكهرباء!    الرابطة الأولى: ملعبا الشاذلي زويتن وأولمبي سوسة يحتضنان ملحقي تفادي النزول والصعود    راضي الجعايدي يغادر فريقه سيركل بروج البلجيكي    مانشستر سيتي يبدأ دفاعه عن لقب البطولة الإنقليزية في ملعب تشيلسي    خطير/ 3 حرائق في يوم واحد بهذه الولاية..    رئيس البعثة الصحية يؤكد التعهد بالمرضى وحالات الضياع لكل الحجيج التونسيين حتى من خارج المنظومة    حوادث: 6 حالات وفاة خلال 24 ساعة..    إصلاح الأعطاب و إرجاع التيار الكهربائي إلى هذه المنطقة    باجة : الحماية المدنية تتولى إخماد ثلاث حرائق بأراض فلاحية    %60 نسبة سداد الدين الخارجي.. تونس توفي بالتزاماتها تجاه الدائنين    استئناف سفرات النقل العمومي نحو جرجيس وجربة    9 ضحايا في حريق الع في مستشفى بإيران    جندوبة: اندلاع حريق في ضيعة فلاحية..    ضربات شمس و إرهاق خلال الحج ..البعثة الصحية توضح    حالات وفاة وضياع في صفوف "الحجيج".. حاج تونسي يُوضّح..#خبر_عاجل    جريمة القيروان المروعة: تفاصيل جديدة..    تفاديا للكثافة المروريّة بالمدخل الجنوبي للعاصمة.. وزارة الداخلية توضح    تصريح أثار جدلاً.. بسام كوسا يسخر من فيديو فاضح لممثلة سورية    إصدار أغنية جديدة : ريمكس عربي لأغنية Attraction ل Ramy Sabry و ETOLUBOV    عاجل/ تفاصيل جديدة عن وفاة "الأنستغراموز" فرح بالقاضي..    أبرز ما ورد في الصحف التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء 18 جوان 2024    وزارة الصحة: بوابة إيفاكس ستشمل كل التلاقيح وستُمكّن المواطنين من الحصول على دفاتر علاج رقمية    توصيات وزارة الصحة لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة    وزارة الصحة: بوابة 'إيفاكس' ستشمل كل التلاقيح وستُمكّن المواطنين من الحصول على دفاتر علاج رقمية    مقتل 10 مهاجرين بعد غرق قارب في البحر المتوسط    شهداء ومصابون إثر قصف الاحتلال الصهيوني لمخيم "النصيرات" وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    منها الأولوية.. 8 عادات تميز المرأة القوية عقلياً ونفسياً    هذا آخر ما قالته "الاستغراموز" فرح بالقاضي قبل وفاتها..    تونس : أنس جابر تغيب عن دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024    اليابان: تصاعد الدخان من محطة فوكوشيما النووية    الاتحاد الفرنسي: مبابي يعاني من كسر في أنفه وسيرتدي قناعا    علقوا مقلوبين بالهواء: لحظات تحبس الأنفاس بمدينة ملاهٍ أردنية    طقس الثلاثاء: درجات الحرارة تتراوح بين 34 و45 درجة مع ظهور الشهيلي    حقيقة وفاة الداعية المصري الشهير عمر عبد الكافي    صمود المقاومة يعمّق أزمة الاحتلال...حل مجلس الحرب الصهيوني    قرقنة .. وفاة حاج من منطقة العطايا بالبقاع المقدّسة    خصائص المدرسة الناجحة ...أثر تربية المرأة في تحقيق التنمية الشاملة    عدنان الشواشي : المنوّعات صنعت في وقت قياسيّ وغفلة ذوقيّة فيالق من أشباه "النّجوم" و"النّجيمات"    مدخرات تونس من العملة الصعبة تقدر ب107 ايام توريد منتصف جوان 2024    بلاغ مروري بمناسبة إنتهاء عطلة عيد الأضحى    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود لم تتجاوز 31،5 بالمائة    الفيلم التونسي "المابين" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية    وفاة الأنستغراموز فرح القاضي    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    إستخدام الأواني المصنوعة من مادة البلاستيك يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    في ظل انتشار التسممات الغذائية في فصل الصيف، مختصة في التغذية تدعو الى اعتماد سلوك غذائي سليم    في أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يؤدون آخر مناسك الحج    47 درجة مئوية في الظل.. الأرصاد السعودية تسجل أعلى درجة حرارة بالمشاعر المقدسة    بن عروس/ 18 اتصالا حول وضعيات صحية للأضاحي في أوّل أيّام عيد الأضحى..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



همزة فصل : هل «بَعبَعَ» خروف الانتخابات؟؟
نشر في الشروق يوم 07 - 10 - 2012

عندما فرّ خروف «المنصف المزغنّي» من القصيدة إلى مجلس شبيه بهذا الذي يردّد أصحابه بأنّه سيّد نفسه،اختلط لأوّل مرّة في تاريخ الإنسان والحيوان، معجم الثغاء (ماع) بمعجم السياسة (إجماع)، وارتبك الصدى حتى اختلط عليه صوت الخروف الأصيل بصوت النوّاب النوّام الدخيل. فكانت القصيدة..وكان حلم التونسي الموؤود منذ خمسين سنة.

ونظرا لارتباط الانتخابات في الدول العربية قاطبة بالعطايا والهبات النقديّة والعينيّة عند كثير من الأحزاب ،من الواجب تحييد الخروف ،والنأي به هذه السنة عن التجاذبات السياسيّة التي تمزّق تونس.فالدعوة مفتوحة إلى كل الأحزاب من اليمين واليسار سواء منها تلك التي تملك مالا شريفا متأتيا من تبرعات منخرطيها الكرام، أو تلك التي تنتظر بفارغ صبر المنحة التي تقدمها الدولة، بأن تترك خروف هذه السنة بعيدا عن «بعبعتها» السياسيّة.فليس أتعس للديموقراطية الناشئة في تونس من أن يُقَايَضَ الصوت بخروف ،أو بشراء ذمة أسرة بأكملها تعوّدت أن تمدّ يدها لكلّ مَنْ يطرق بابها.ويبدو أن خروف هذه السنة مدرك لأهميته وخطورة دوره ،ومتأكّد من إمكانية توظيفه انتخابيّا .لذلك فرّ من بني جنسه وأنكر أن يكون من ذوات الأربع المعدّة للذبح كلما اشتهى الإنسان لحما فأَوْلَمَ. وأصبح ينتمي إلى فصيلة الطيور التي تحلق أسعارها في السماء بعيدا عن أعين الفقراء المساكين الذين حلموا بتونس جديدة تغيب فيها التفرقة ،وينهض فيها العدل الذي نام طويلا في الأروقة.

وما على كل الأحزاب السياسة،احتراما للفترة الانتقاليّة، إلّا أن تبتعد –هذه السنة على الأقلّ- عن زرائب الخرفان تجنبا لروائحها الكريهة التي ستعلق بكلّ مَنْ سيتوسّلها سبيلا لاستدراج المواطنين إلى مكاتب الاقتراع .ومَنْ نال كرسيا بعد أن دفع مقابله خروفا حيّا أو مشويا، لازمته الرائحة طوال حياته،وأصبح الخروف علامة دالة عليه حيثما حلّ.

إنّ الخروف حيوان يُسمّن للذبح. وهو مطواع إلى درجة غريبة. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها، أنّ كلّ الأحزاب –مهما ادّعت العصمة-تريد من الشعب أن يكون مطواعا مُسْلِما رقبته للذبح السياسيّ، كاتما لأصوات وجعه.وهي لا تريد منه إلّا أن يذهب إلى مكاتب الاقتراع مرّة كلّ خمس سنوات لالتقاط صور تذكاريّة على أن يلزم بيته بعد ذلك، ويبتعد عن الحديث في السياسة لأنّها جلّابة للمشاكل ،ووجع الرأس.

لكن المصيبة أنّ المواطن الذين ينتظر الآن مواسم الخرفان هو نفسه الذي وقف على عتبات لجان التنسيق ينتظر من التجمّع قفة رمضان ،وخروف العيد، وبعض المال عند العودة المدرسية. لقد غاب البنفسجي فقط. وعوضته ألوان أخرى أكثر ثوريّة غيّرت الشكل وأبقت على المضمون.

وتقتضي الحكمة أن تُبعد الأحزاب السياسية خرفان هذه السنة الكبيسة عن «البعبعة» السياسيّة.إذ من الكريه أن يتحوّل صوت في مقابل خروف بسوط يتلذّذ عبره الجلّاد بتعذيب ضحيّته. ولا خير لتونس المستقبل في صوت يُشْتَرَى بخروف.. ولا خير في متبرّع يفضح المنتفعين بتبرعاته.

إنّ جميع الأحزاب السياسيّة مطالبة ،في إطار ترشيد الاستهلاك والضغط على الأسعار،بأن تبعد الخرفان هذه السنة عن بورصة الاستحقاقات السياسيّة...ففي هذه السنة العجفاء من الواجب ألا يدخل الخروف المسكين سباق صناديق الاقتراع حتى لا تكون البطن سبيلا لاختيار المرشّح عوضا عن العقل والوجدان. وقد يكون من الأفضل أن تتجمّع الأحزاب في جبهة واحدة من أجل أن تنادي وتناضل جميعها في سبيل إعلان الإضراب عن ذبح الخراف يوم العيد محافظة منها على الثروة الحيوانية إسوة بأشقائنا المغاربة الذين سبقونا إلى ذلك.

لقد علقت بالخروف المسكين خرافة قديمة طريفة تتحدث عن ذئب ماكر أراد بكل الطرق أن يأكل الخروف فاتهمه بتلويث الماء رغم أن الذئب كان في الأعلى والخروف في الأسفل...فمحنة الخروف ملازمة لبني جنسه وهو في إطار توزيع المهم على الأرض بأن يكون الضحيّة وأن يكون الإنسان جلاده.ولم يعد من الحكمة أن يشتري مواطن بسيط خروفا يبتلع المرتب ،ويضطر الشاري إلى رهن أحد أبنائه في بنك يعاني من أزمة في السيولة.

في سنوات الجمر أقرّ صحفيّ تونسيّ عذّبه «بن علي» ،وكادَ لَهُ بأنّه نعجة. وكانت رسالته التي وردت في شكل قصيدة توصيفا دراميا قاتما لوضع عاشته تونس ،فرض فيه ديكتاتور على شعبه أن يكون وحده الراعي الذي يهشّ على شعبه الغنم بعصاه.وإذا عزّ على هذا الصحفي أن يكون نعجة المجاز فممّا يُخْشَى في هذا الزمن أن يطلب المواطن الارتقاء إلى مصاف الخروف فلا يقدر.

ولا شك في أنّ الأحزاب الصغيرة عددا وتجربة التي تتحالف مع أخرى أكبر منها ،وقادرة على ابتلاعها ومصادرة رأيها في أي وقت، لا تبتعد كثيرا عن الصورة التي يرسمها المثل العامي التونسي وهو يسخر من «النعجة التي تفتخر بأُلْيَةِ الخروف»
على أن الأمل مازال قائما في أن يبتعد الخروف عن بورصة الصراع السياسي والاستقطاب الحزبي حتى لا يزداد أنفة فيتصعلك على المواطن البسيط بأسعاره وقرنيْه وصوفه.وهل يُحْتاَج إلى التذكير بأنّ المواطن المسكين ملّ من النظر إلى الخروف بعينين حزينتين ،والموت حسرة على أسعاره التي فاقت ثمن الثلاجة التي سينتهي فيها؟؟.و يبقى على المواطن بعد إنهاء عمليّة الذبح أن يجيب عن هذا السؤال الإشكاليّ : مَنْ يذبح الآخر ويشويه ؟ الإنسان بصلفه وعناده أم الخروف بثغائه وغروره؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.