من المنتظر أن يقفز احتياطي تونس من العملة الصعبة قريبا إلى ما يعادل 120 يوم توريد بعد ان استقر منذ مطلع الشهر الحالي في مستوى 94 يوم توريد . فهل يقع التراجع عن الاجراءات التضييقية التي قرر اتخاذها البنك المركزي التونسي تُجاه القروض الاستهلاكية وقروض السيارات والتوريد؟ أعلن السيد رضا السعيدي الوزير المكلف لدى رئيس الحكومة بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية مؤخرا أن احتياطي تونس من العملة الصعبة سيتطور بداية من نوفمبر القادم إلى ما يُعادل 120 يوم توريد بعد أن تدهور مطلع أكتوبر الجاري – لأول مرة في تاريخ تونس – إلى ما يعادل 94 يوم توريد وأحدث بذلك ارتباكا لدى السلطات المالية. وسيرتفع احتياطي العملة الصعبة حسب الوزير بعد حصول تونس على قروض وتمويلات أجنبية تناهز 3 آلاف و500 مليون دينار، وهو ما سيسمح باسترجاع جانب هام من توازناتها المالية في مجال احتياطي العملة الصعبة خاصة أن تونس تعتمد بشكل كبير على توريد عدة مواد ضرورية (مواد استهلاكية ومواد أولية) و تلزمها سيولة دائمة من العملة الصعبة لخلاص المواد الموردة والقروض التي تحصل عليها .
وكان البنك المركزي التونسي قد دعا مؤخرا إلى ضرورة التعامل مع هذا الوضع الصعب بحزم ودعا في السياق ذاته إلى اتخاذ جملة من الاجراءات مثل الحد من القروض البنكية (قروض الاستهلاك و قروض السيارات) والحد من توريد بعض المواد قصد المحافظة أقصى ما يمكن على رصيد البلاد من العملة الصعبة.
وقد تقبل التونسيون هذه القرارات بشيء من الاستياء باعتبارها ستؤثر على المنظومة الاستهلاكية التي تعودوا بها طيلة السنوات الماضية والتي كانت قائمة بالأساس على القروض البنكية سواء قصد اقتناء سيارة أو لتوفير متطلبات الاستهلاك العادي .. ولاقت الاجراءات المزمع اتخاذها انتقادات واسعة لأن أغلب التونسيين يعيشون اليوم صعوبات مالية متتالية بسبب ارتفاع الاسعار وكثرة متطلبات العائلة والابناء و تواصل تدني الأجور ، ويعول كثيرون من حين لآخر على القروض البنكية لتجاوز أزماتهم. وحسب خبراء الشأن الاقتصادي فإن هذا التطور في احتياطي العملة الصعبة الذي يعادل 120 يوم توريد يجب أن يدفع بالسلطات المالية إلى التراجع عن القرارات المزمع اتخاذها للتضييق على النمط الاستهلاكي للتونسيين. حيث لم يبق في رأيهم أي مبرر للبنك المركزي حتى يواصل التشبث بدعوة البنوك للحد من اسداء القروض الاستهلاكية وقروض السيارات لحرفائها.
ويرون في السياق ذاته ان الحد من الاستهلاك سيزيد في تفاقم الوضعية الصعبة التي يمر بها اقتصادنا . ذلك أن الاستهلاك يُعد أحد أبرز محركات الدورة الاقتصادية لأنه سيشجع المصانع على مزيد الانتاج ومزيد تطوير الاستثمارات في شتى المجالات وبالتالي تحسين نسبة التشغيل والتنمية.