لا يخفى على أحد أن القطاع الصحي في بلادنا مريض، وهو في حاجة الى علاج حقيقي وليس الى مجرد مسكّنات. فالوضعية متوترة واضرابات عديدة في الأفق منها اضراب 18 أكتوبر في تونس من الإطارات شبه الطبية في كل المؤسسات الراجعة بالنظر لوزارة الصحة وإضراب جهوي بصفاقس يومي 22 و23 أكتوبر بقطاع الصحة الخاص والعام. توتّر العاملين بالقطاع الصحي يعود حسب السيد عثمان الجلولي الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للصحة والمسؤول عن الاعلام الى العنف المزدوج المسلط على أهل القطاع من المواطن ومن وزارة الإشراف.
اعتداءات يومية
ولاحظ مصدرنا ان حجم العنف المسلط على إطارات وأعوان الصحة يتجاوز 30 حالة اعتداء كل 24 ساعة وتعود هذه الاعتداءات الى تردي الخدمات الصحية وارتفاع سقف انتظارات المواطن بسبب الوعود الانتخابية بعد الثورة. ولاحظ ان مستشفياتنا تعاني من نقص في التجهيزات وأطباء الاختصاص وابتعاد المواعيد ونقص كبير في الإطارات شبه الطبية (المقاييس تنصح بتوفر ممرض لكل قسم به 3 مرضى في حين يشرف ممرضان فقط على قسم به 50 مريضا) مما تولّد عنه اكتظاظ كبير في المستشفيات والعيادات وظروف استقبال سيئة للمرضى وخدمات متدنية جدّا. كل هذا يجعل الإطارات الصحية وشبه الصحية تتعرض لكل هذا الكمّ الهائل من العنف يوميا. ولاحظ محدثنا «أن الدولة تعد المواطن بجودة الخدمات الصحية والإطارات الصحية تدفع الفاتورة عبر تقبلها للعنف» بسبب تردي الخدمات. وأضاف انه في صفاقس تم انتداب 10 إطارات شبه طبية في جهة تضم مليون ساكن وتعود اليها بالنظر 8 ولايات (!).
عنف مزدوج
وتحدّث مصدرنا عن عنف مزدوج الأول من المواطن والثاني من وزارة الاشراف عبر تكريس إلغاء الحق النقابي وقد بلغ الامر بالوزير في ندوة بالقيروان الى إعطاء تعليمات للمديرين الى عدم امضاء أي محضر جلسات مع الطرف النقابي وهي مسألة غير عادية ولا مقبولة بعد الثورة.
ووصف مصدرنا القطاع الصحي بأنه متأزم ويمرّ بفترة توتّر بما في ذلك الاطارات شبه الطبية وأطباء الصحة العمومية والأطباء الجامعيين والإداريين الذين خضعوا لحركات نقل وإعفاءات بالجملة غير مبررة وغير شرعية واعتبرها مصدرنا مهينة خاصة أن جزءا منها تم ليلة العودة المدرسية مما أربك العائلات وأدخل عليها الكثير من الألم. علما أن هذه الاعفاءات لم تتأسس على ملفات قضائية ودون سند واضح.
بالاضافة الى تراجع وزارة الاشراف عن عديد الاتفاقيات ومحاضر الجلسات عبر إصدار مناشير مسقطة ودون تفاوض مع الجامعة. ومن أسباب الاضرابات والتوتّر أيضا في الجسد الصحي تحدّث الجلولي عن عدم تطبيق جزء هام من محضر 6 فيفري مثل التنفيل وإحداث الرتب وحضور نقابات في مجالس الإدارات ومجالس المستشفيات.
ولاحظ المتحدث ان الحوار الوطني حول الصحة جاء في توقيت غير ملائم اذ تزامن مع فترة التوتر التي يعيشها القطاع وكان أفضل لو أجّلته وزارة الصحة الى فترة يشهد فيها القطاع هدوءا أكبر.