أثارت أنشطة بعض اللجان في القيروان وقيامها بالدور الأمني، احتجاجات بعض الجمعيات والأحزاب ومن قبل أعوان الأمن أنفسهم، وتحدثوا عن عملية انتحال صفة وعن ضرورة قيام الجهات الأمنية بواجباتها وعدم ترك مجال عملها لأي طرف. ويبرّر هؤلاء تدخلهم في الجوانب الأمنية بوجود فراغ أمني وتكرار لحالات التجاوزات وأنهم متطوعون لحماية المواطن.
أعوان الأمن أقرّوا بوجود أفراد ينشطون في القيروان ويقومون بأعمالهم، وهو ما يعتبرونه انتحال صفة يعاقب عليها القانون، وذلك في إشارة إلى اللجان الشعبية وإلى رابطة حماية الثورة.
وقال بكّار العفلي كاتب عام النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بالقيروان، «إنّ من يجب أن يحمي الثورة والعباد والبلاد هو أعوان الأمن ضمن عملهم التنفيذي»، وقال: «إن أعوان الأمن يقومون بواجباتهم في حدود ما هو متاح لهم»، مضيفا: «لدينا جميع الاختصاصات الأمنية التي من شأنها حماية المواطن»، واعتبر العفلي أن التطوّع في انتحال صفة عون الأمن غير قانوني ولا أحد يجب أن يقوم بدور الأمن غير المؤسسة الأمنية.
لكنه تحدث عن صعوبات في تدخل عون الأمن هي التي أحدثت فراغا في العمل، منها عدم التدخل بسرعة في بعض الجوانب التي تستدعي استشارة من وكيل الجمهورية، وتحدث كذلك عن قضايا رفعت ضد أعوان أمن بسبب التدخل قبل الحصول على إذن من النيابة العمومية. كما أقرّ بوجود هشاشة على مستوى الوضع الأمني، وذلك بسبب غياب التعليمات الواضحة وعدم وجود قوانين تنظّم عمل عون الأمن إضافة إلى نقص التجهيزات وتحدث عن مطالب وجهوها إلى الإدارة من أجل حمايتهم أثناء تدخلاتهم، وأشار السيد العفلي إلى مطلب تفعيل الأمن الجمهوري وتحييد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية كما شدّد على استعداد المؤسسة الأمنية للتصدي لكل من ينتحل صفة عون أمن.
نشاط جمعياتي لكن!
من جهته قال والي القيروان السيد عبد المجيد لغوان إن نشاط رابطة حماية الثورة هو نشاط قانوني وفي إطار العمل التطوعي للجمعيات، ولديها تأشيرة عمل ولديها تمثيليات في الجهات وتقوم بعدة أنشطة وتنشط ضمن فعاليات المجتمع المدني، لكنه أشار إلى أنه في صورة مخالفتها للقانون سواء عبر العنف أو خرق القانون، فإنه سيطبّق عليها قانون الجمعيات وقال: «لم يثبت لدينا أنهم قاموا بالعنف».
ويرى المسؤول أن هذه الجمعيات تنشط بشكل تلقائي وقال: «نحن لم نكلف أحدا بالعمل نيابة عنا»، لكنه اعتبر أن العمل التطوعي أمر محمود ومطلوب في هذه المرحلة التي تقتضي تشاركية»، وقال «هناك أناس متطوعون يقدمون خدمات خيرية»، اعتبرها قيم أخلاقية وقيم إسلامية يجب التشجيع عليها ودعمها، كما اعتبر أن العمل التطوعي «حالة صحية» قائلا: «الأصل في الشيء هو مساهمة المجتمع المدني في البناء والعمل».
وقال المحامي خميس الكافي اعتبر أن وجود مثل هذه الهياكل هو بمثابة المس من سلطة الدولة وهيبتها وهو خطر يتهدد المجتمع خاصة أن هذه اللجان تسمح لنفسها بممارسة كل شيء».
ويرى من الواجب الملح وضعها في إطارها الجمعياتي القانوني، محذّرا من أنها «ستكون خطرا وأنه من الواجب أن تكون الدولة هي الماسك الأول والوحيد بزمام الأمور».
وهو نفس الموقف الذي ذهب إليه محمود الوسلاتي رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالقيروان، يرى أن لا مجال لتواجد مثل هذه اللجان في ظل دولة القانون والمؤسسات، فهي تضعف أجهزة الدولة وتحل محلها»، حيث بين قائلا: «إذا فُسح المجال لعمل مثل هذه اللجان، فعلينا أن ننتظر تكوين ميليشيات من قبل مختلف الأحزاب، ولن تتوقف القصة إلا بحرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس»، واعتبر في المقابل أن الأمن يلزمه إعادة تكوين وتأطير حتى يستوعب المعنى الحقيقي لفكرة الأمن الجمهوري ويقوم بواجبه بشكل محايد.