رئيس وزراء مصر.. نعتذر لأي مواطن تم تعليق معاشه بسبب إجراءات إثبات الحياة    وزير الدفاع يؤدّي زيارة إلى القاعدة العسكرية ببوفيشة    علماء.. مستوى سطح البحر سيرتفع حتى لو توقفت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون    تونس تروّج لمؤتمر 'الصحة الواحدة'وتدعو لدعم اتفاقية الوقاية من الجوائح    الصوناد: بعض مناطق ولاية منوبة تشهد الليلة اضطرابا في توزيع مياه الشرب    منحوا الجنسية لعناصر إرهابية... 72 سنة سجنا لموظفين سابقين بقنصلية تونس في سوريا    جندوبة: استعدادا لموسم سياحي استثنائي...عاصمة المرجان جاهزة    رئيس جنوب أفريقيا لترامب: أنا آسف ليس لدي طائرة لأعطيها لك    أخبار الملعب التونسي ...جدل بسبب التحكيم ولا تفريط في العياري    كاس العالم للاندية 2025: فترة استثنائية لانتداب اللاعبين من 1 الى 10 جوان 2025    طعنها بسكين وتركها في حالة حرجة فكشفته أثناء إسعافها .. هكذا خطّط طبيب مشهور لقتل زوجته!    فيلم جديد للمخرج منذر بن إبراهيم...«سراب» يستعيد أحداث التجنيد القسري برجيم معتوق    محمد بوحوش يكتب:...عن أدب الرّسائل    بيروني: الاتحاد الاوروبي يخطط لمنح تونس المزيد من التمويلات خلال الفترة الممتدة من 2025 -2027    وزير الاقتصاد والتخطيط ل"وات": لقاءاتنا مع شركاء تونس الماليين كانت واعدة    الاتحاد الأوروبي: مستعدّون لدعم جهود الإصلاح في تونس.. #خبر_عاجل    صفاقس مصحة إبن خلدون تُنظم يوما مفتوحا لتقصي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.    نيزك في سماء تونس: أستاذ بمدينة العلوم يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    تكليف وزارة التجهيز بالتفاوض مع شركة تونسية-سعودية حول إنجاز مشروع تبرورة    قرمبالية: قتلى وجرحى في حادث مرور    جريمة صادمة في مصر: عامل ينهي حياة والدته بآلة حادة    لقاء سفير تونس لدى طرابلس برئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يبحث "تطورات الأوضاع في ليبيا"    عاجل/ وزارة النقل تنفي أخبار فشل المفاوضات مع سواق التاكسي وتكشف..    صالون الصناعات التقليدية يعود في دورته ال41: ابتكار يُحافظ على الهوية ويُنعش الاقتصاد    دول أوروبية تستدعي سفراء إسرائيل بعد استهداف وفد دبلوماسي في جنين    شجرة الجاكرندا في تونس: ظل بنفسجي يُقاوم الغياب ويستحق الحماية    35 سنة سجنًا لامرأة خطّطت لهجمات إرهابية في تونس ودعت إلى ذبح الأمنيين    الترجي يطالب بتحكيم أجنبي لمباراته في نصف نهائي كأس تونس    عملة جميع فروع الملّاحات التّونسيّة في إضراب عن العمل بثلاثة أيّام.    وزارة الحجّ والعمرة تُحذّر من جفاف الجسم    النائبة فاطمة المسدي تتقدم بمقترح قانون لضبط ضمانات القروض البنكية وتكريس الشفافية    عاجل/ العثور على جثة فتاة مُلقاة بهذه الطريق    هام/ بداية من هذا التاريخ: انطلاق بيع الأضاحي بالميزان في هذه النقطة..    للتمتّع بأسعار معقولة في شراء أضحية العيد: توجّهوا إلى نقاط البيع المنظمة    النوم لأكثر من 9 ساعات قد يكون مؤشرًا لأمراض خطيرة.. تعرف على عدد الساعات المثالية للنوم    أربعينية الفنان انور الشعافي في 10 جوان    كاس افريقيا للاندية الفائزة بالكأس لكرة اليد (رجال وسيدات): برنامج الدور نصف النهائي    ب"طريقة خاصة".. مؤسس موقع "ويكيليكس" يتضامن مع أطفال غزة    إطلاق سراح الشاب ريان خلفي الموقوف بالسجن المدني ببنزرت    منتخب الأصاغر يواجه ودّيا نظيره الجزائري    نهائي كرة السلة: الإفريقي يستقبل الاتحاد المنستيري في ثالث مواجهات النهائي    أحمد السقا يعلن طلاقه من مها الصغير بعد 26 عامًا من الزواج    منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر يصل القضاء    عاجل/ في العاصمة: طبيب يطعن زوجته بسكين..    بايدن ينفي علمه المسبق بإصابته بسرطان البروستاتا    سلسلة فيفا للشباب 2025 تحت 16 عاما - المنتخب التونسي يلاقي غدا الخميس نظيره السويسري من اجل المركز الثالث    مانشستر سيتي يصعد للمركز الثالث بفوزه 3-1 على بورنموث في اخر مباراة لدي بروين على ملعب الاتحاد    كيف سيكون الطقس الأيام القادمة: حرارة غير عادية أم هواء بارد وأمطار؟    تم التصويت عليه فجر اليوم: هذه فصول القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف    السعودية: غرامة مالية ضخمة ضد الحجاج المخالفين    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تلغي امتياز استغلال المحروقات "بيرصة"    السينما التونسية تحصد أربع جوائز في اختتام الدورة التاسعة لمهرجان العودة السينمائي الدولي    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    









العباسي في حديث شامل ل«الشروق» : توظيف الاتحاد مرفوض مهما كان لون السلطة

كما كان دأبه دوما، يبقى الاتحاد العام التونسي للشغل خيمة التونسيين الذين يريدون أن يتنفسوا حرية.. قبلة النقابيين وهذا أمر عادي، ولكن الاتحاد لا يزال أيضا قبلة المجتمع المدني منظمات وأحزابا.

بهدوئه المعتاد، تولى الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي، الاجابة عن أسئلة وتساؤلات «الشروق»..
هادئ في صرامة.. وصارم في هدوء، هكذا كان اللحاف الذي اتخذه الرجل طوال هذا الحوار الذي دام قرابة 90 دقيقة..
الاتحاد لا يزال القوة المعدّلة للحياة السياسية بالبلاد، وهو الجهة المقربة لوجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.

إلى أين وصلت مبادرة الاتحاد للحوار الوطني، بعد اجتماع الافتتاح يوم 16 أكتوبر الماضي؟
وماذا عن اللجنة المشتركة بين الاتحاد والحكومة، للتحقيق في أحداث 4 ديسمبر الماضي؟ ثم ما هو موقف الاتحاد من خطاب بعض الأيمة بالمساجد، والذين يكفرون الاضراب.. وهو الحق الذي تكفله المواثيق الدولية؟
عن هذه الأسئلة وغيرها، يقول العباسي إن الاتحاد، وفي مستوى المكتب التنفيذي قرر أمس تشكيل لجنته بخمسة أفراد يترأسها السيد المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد وعضو المكتب التنفيذي.. كما يكشف الأمين العام للمركزية النقابية، خيبة أمل الجميع بخصوص نص مشروع الدستور الذي قدمه نواب التأسيسي للرأي العام.. أما بخصوص تكفير الاضراب من على منابر المساجد، فإن العباسي يطلق صيحة فزع مفادها، المطالبة بأن تتحمل الحكومة مسؤولياتها تجاه هذا الخطاب الخطير.. داعيا السلطة إلى الاجابة عن سؤال مركزي: هل نتجه إلى دولة مدنية أم لا؟

فإلى هذا الحوار الشامل، الذي خصنا به مشكورا الأمين العام السيد حسين العباسي.

المشهد السياسي في تونس، وهو على الحال الذي نعرف جميعا.. أين مبادرة الاتحاد للحوار الوطني، فقد عرفت منذ المؤتمر الأول نوعا من «خفت الصوت» مما سمح بظهور مبادرات أخرى ذات طابع حزبي، فهل هي الآلية التي تنقص أم أن العقبات أقوى مما كنا نتصوّر؟

كما تعرفين، عندما أطلقنا المبادرة ولم نعقد المؤتمر الوطني للحوار حول المبادرة، بدأت تظهر بعض الأحزاب والأطراف تجمّع أنفسها بغاية ارساء مبادرة جديدة، لتضع حدا لمبادرة الاتحاد ولتعوضها، وهناك البعض من الأحزاب طلبت منا، أن نتجمع مع بعضنا بغاية ايجاد مبادرة مشتركة.
كان الجواب كالتالي: نحن أطلقنا مبادرة من داخل الاتحاد لأننا لن نكون منافسين للاستحقاقات الانتخابية القادمة.

نحن قمنا بدراسة، توفقنا إلى أن هناك خلافات بين الأحزاب (جوهرية) وقلنا إنها ستتفاقم لو لم تطلق مبادرة كنا متخوفين من العنف والاحتقان والانفلات الأمني. وما توقعناه حصل وقلنا في ذاك الوقت أننا في الاتحاد باعتبار إننا غير معنيين بالسلطة، وبما أن دورنا هو خلق التوازن، وغايتنا المصلحة العليا للوطن قبل أي أمر آخر. بخلاف المبادرات التي تأتي من الأحزاب لأن الحزب يحتسب في الحسبان الأنانية الحزبية. والأحزاب لا تلتقي إلا إذا كانت متجانسة في أهدافها.
قلنا تعالوا ساهموا في المبادرة، وبهذا الشكل يجد التونسيون الأرضية المشتركة وكل طرف يجد أهدافه وغاياته.

قبلت الأحزاب من أصحاب المبادرات، مبادرتنا، ونشكرها، في فترة ظهور المبادرة لم يكن هناك حزب ضد، باستثناء بعض الأحزاب.
أقلية، من قال «ما دخل الاتحاد في هكذا أمور».. ولكن لم يكن لهذه الأصوات تأثير.

بما في ذلك حركة النهضة.. فقد رحّب أمينها العام وكذلك رئيس الحركة بالمبادرة وهو يزورنا هنا بالمقر.. طبعا حدث هذا قبل أن يتحول المؤتمر إلى حقيقة قابلة للانجاز.
كان العديدون يراهنون على فشل الاتحاد في تأمين مؤتمر للحوار الوطني.. والجميع كانوا مع الاتحاد ولكن لكل حساباته، فقد ظن منهم ان الاتحاد لن يقدر على عقد هذا المؤتمر.
بدليل انه وعندما حددنا موعد 16 أكتوبر 2012، بدأت عملية استباق، بتقديم محاور موازية موجودة أصلا في المبادرة.

فمثلا قبلت النهضة بأن يتحول النظام في برنامجها إلى رئاسي معدل بعد أن كانت مع نظام برلماني وقبلت بالاعلان عن الهيئة الوطنية للانتخابات وتفعيل المرسومين 115 و116 في الاعلام، وقد تجاوزوا هذا الأمر إلى اعطاء روزنامة للانتخابات، كانت الغاية كأنها سحب البساط من تحت أقدام الاتحاد.. لكن المؤتمر نجح بالأحزاب والجمعيات والمنظمات الوطنية (اتحاد الصناعة والتجارة) وعديد الشخصيات الوطنية المشهود لها بولائها لتونس، وهي شخصيات لم تعد معنية بالسلطة وممارستها.

باستثناء حزبي المؤتمر والنهضة، لم يشاركا كحزبين، عكس التكتل الذي قرر وشارك. ولكن رغم عدم مشاركتهما فإن الرؤساء الثلاثة كانوا حاضرين ونوّهوا بالمبادرة.
كما تعرفين تشكل مكتب عن المؤتمر، ستقع دعوته من جديد لكي يقع الاتصال بالأطراف المعنية لاجتماع ثان لايجاد حلول والتقدم.. بشأن البلاد..

متى يتم ذلك؟

نحاول أن لا نتجاوز 10 جانفي القادم.

ولكن بعد الأزمة الأخيرة بين الاتحاد والنهضة، نادى رئيس الجمهورية بتفعيلها؟

نعم تفعيل مبادرة الاتحاد اليوم، ظهر جليا ان رئيس الدولة طالب الجميع مؤخرا بتفعيل مبادرة الاتحاد وكذلك رئيس المجلس التأسيسي وقال لي انه يستطيع ان يعطينا فضاء داخل المجلس التأسيسي ويشارك بطلب رؤساء الكتل من أجل تحديد رزنامة واضحة اي متى ننتهي من كتابة الدستور وبقية المواعيد الانتخابية؟

عندي تصوّر بأن المبادرة وعندما تأتي من الاحزاب لا تنجح لأن مصلحة الحزب تطغى على الأهداف.
ولكن هي محاولات ايجابية لكن من لا مصلحة له في الاستحقاقات القادمة هو الاتحاد العام التونسي للشغل.
أنا أقول أمرا آخر: هل يريدون أن يجتمعوا وينسّقوا أمورهم كأطراف بدوننا نحن؟ ساعتها يكونون قد أراحونا.
نحن دورنا دفع الاطراف لوجود توافقات. هذه فرصة لأقول لا أحد ضد ان تدار المفاوضات تحت قبة التأسيسي. نحن مع هذا الخيار.
نحن نقرّب وجهات النظر بين الأطراف . نحن نساعد بتوحيد المواقف، حتى تبتعد الاطراف عن العنف.
ليس لنا مطالب للوصول الى الحكم ليطمئن قلب الجميع هذا التشكيك في دور الاتحاد نعتبره في غير محله... ونحن نقف على نفس المسافة من كل الاحزاب. ولكن يهمّنا شأن بلادنا ومصلحتها.

تونس ما بعد 1956 استمرت في نفس منوال التنمية الذي كان متبعا من الاستعمار الفرنسي من حيث ارتباط البلاد بالمؤسسات المالية العالمية، وكان الاتحاد قد زوّد البلاد ببرنامج اقتصادي واجتماعي لكن بورقيبة تخلى عنه في لحظة ما... اليوم وبعد الثورة هل يعتزم الاتحاد تقديم بديل بعد ان تبيّن ان لا منوال تنمية في الأفق؟

أريد تصحيح أمر. لم يواصل النظام في 1956 نفس منوال التنمية عهد الاستعمار... كان الخيار الوطني هو تحرير البلاد... بالنسبة الى الحزب الحر الدستوري التونسي والحزب الشيوعي التونسي. حزب السلطة لم يكن متهيئا عندما يتسلم السلطة يكون له برنامج اقتصادي واجتماعي، ولكن الاتحاد العام التونسي للشغل كان له دور وطني ودور للانعتاق الاجتماعي. كان يملك برنامجا اقتصاديا اجتماعيا كاملا ومتكاملا عندما تحررت البلاد وأخذ النظام مشروع الاتحاد وتبنّاه ولكن بعد مدة توصل الى وثيقة أخرى..

في البداية كان العمل بمنوال التنمية الذي قدّمه الاتحاد.
والاتحاد كان دائما يلعب الدور الوطني ولكنه لا ينسى دوره الاجتماعي.
الاتحاد ساهم في ارساء الاقتصاد الاجتماعي والاقتصاد التعاوني... وبنى مؤسسات مالية (بنك الجنوب) وعديد المصانع... ولكن الاتحاد في عام 1978 كان له توجه نحو الدفاع عن استقلاليته والخروج عن هيمنة الحزب الحاكم. وهذا ما لم يقبل به الحزب الحاكم وبورقيبة.
ولكن هذا لم يحدث، نهض الاتحاد من جديد في 1980 مؤتمر قفصة وأعاد الهياكل الشرعية... وبدأ يتلمس طريقه من جديد ليلعب دوره الأساسي (قصة الانتاج والانتاجية والأسعار) وقال الاتحاد ان نصيب العامل ضروري من حصاد الزيادة (المنتوجية) لكن حقيقة الأمر كانت الحكومة تحضر الاصلاح الهيكلي للاقتصاد التونسي، وقف صدّا منيعا لبيع المؤسسات الوطنية ولكن في تصوّره في منوال التنمية، ضد ما فرضه على بلادنا البنك العالمي..
المؤتمر 16 قدّم الاتحاد (1984) البرنامج الاقتصادي والاجتماعي.. الذي لم يعجب الحكومة لذلك دفع به الى أزمة من جديد ونصّبت السلطة قيادة في 1986 حيث أصبح للحكومة اليد المطلقة للبيع والتفويت في المؤسسات عبر وصفة مملاة من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
لم تدم طويلا تلك الفترة وفي 1988 في مؤتمر سوسة أفرز قيادة مسكت بالاتحاد ولكنها لم تكن قيادة ممانعة ولم تدافع عن الاستقلالية كما يجب... زادت مرونة وقلّلت من حماية العمّال وهياكلهم.

واليوم، أين الاتحاد من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية؟

اذا تفحصت مبادرة الاتحاد، ستجدين فيها ما اشرنا اليه بأن تعمّ العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بشكل عادل... وقلنا لابدّ من تغيير منوال التنمية، فقد كان منوالا لا اجتماعيا، ادى الي تزايد الفقر والى ارتفاع نسبة البطالة وعدم توزيع عادل للثروات... تفاوت جهوي واضح.. من اقتصاد منتج... الى اقتصاد خدماتي.. .وتوجه الى السياحة وليس الفلاحة.. لم تقدّم لها العناية الكافية نحن قلنا لابدّ من اتباع منوال تنمية آخر.. وقلنا لنفكّر في الأمر، وأن السلطة يجب ان تعي ان اتباع منوال التنمية القديم سيؤدي بها الى الهاوية مثلما وقع مع بن علي والاحزاب ايضا عليها ان تقدّم تصوّرا.
منوال التنمية سينصص على العدالة والتغطية الاجتماعية والتربية وكلها لنا فيها وحولها دراسات، وتتطلب التحيين. في مكتب الدراسات (الذي يشرف عليه أنور بن قدّور) نحضّر تصوّرا لمنوال تنمية: نتمنى أن نجد تجاوبا... منوال تنمية يستجيب لأهداف الثورة.

ألا تعتقد أن الاتحاد هو الجهة الأنسب التي يمكن أن تضغط باتجاه دسترة منوال التنمية حتى تكون القوانين المتفرعة سائرة نحو بديل اقتصادي وطني؟

ليس هناك منوال تنمية صالح لكل زمان ومكان.. ولكن يمكن أن ينص الدستور على منوال تنمية يعطي للشأن الاجتماعي من حيث العدالة الاجتماعية والجبائية مكانة هامة... يمكن التنصيص على منوال تنمية يقطع مع العراقيل التي أتى بها المنوال القديم. منوال تنمية يستجيب لأهداف التونسيين. منوال تنمية يعتني بالفقر، ويعتني بالبطالة... نريد منوال تنمية، كل تونسي يجد مكانه وحظه فيه. اذن يمكن التنصيص على هذا. بالرغم من ان عندي قناعة ان ليس هناك منوال دائم ولكن نعتمد التنصيص على منوال تنمية يحفظ الكرامة ويستجيب لطموحات وأهداف الثورة.

لابد لدستورنا القادم ان ينصص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي للأسف هذه المسودة جاءت مخيبة للآمال في هذا الشأن...

هل تعتقد أن المبادرة التي تقدم بها الاتحاد يمكن أن تفرز نصوصا يتضمنها الدستور تكون ثمرة وفاق وتسريع في انجاز هذه الوثيقة؟

يبقى التنصيص هو مهمة المجلس الوطني التأسيسي. ولكن نحن غايتنا من المؤتمر هو تقريب وجهات النظر.. طالما ان المشاركة من الأحزاب، فهي لها امتدادها داخل المجلس الوطني التأسيسي فيمكن ان نسهل المهمة.. ويمكن ان يقدموا اقتراحاتنا لكن نحن نسهّل المهام فقط... حتى ننأى بالحوار الوطني عن التشتت واضاعة الوقت.

قدّم الاتحاد مشروع دستور منذ مدة هل تعتقد ان مشروع الدستور الحالي الذي قدّمه نواب التأسيسي يمكن أن يأخذ من مشروعكم او يستأنس به.. خاصة اذا نجح الحوار الوطني في تأمين جلسات أخرى للحوار؟

قدّمنا بعد ان نقاشنا مشروع الدستور الذي عرضناه للنقاش.. وكان تقبّله ايجابيا.. وقد أثّر في الجانب السياسي.. وكان الاعتقاد السائد أنه بعد التعريف بمشروع الدستور وعندما سُئل المختصون رشّحوا من بين 4 مشاريع، مشروع الاتحاد العام التونسي للشغل.

ولكن لم نجد أثرا لجل الحقوق الاجتماعية.. مثل حق الاضراب...

ولكن أقصد هنا المشروع الذي سيفرزه الوفاق الوطني..؟

بحثنا في المكتب التنفيذي وسوف ندعو أعضاء من المجلس التأسيسي لنقول هذا جهدنا، وكنا ننتظر الكثير ولكن خيب الآمال.. لأننا لا نجد أثرا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فكيف يمكن الحديث عن ثورة ودستور وليد الثورة..؟

اجتماع المكتب أمس (الأول) ماذا أفرز من قرارات خاصة بما يهم اللجنة المشتركة مع الحكومة للتحقيق في أحداث 4 ديسمبر؟

وردت علينا رسالة من رئاسة الحكومة أشارت فيها أنه بعد الاتفاق الحاصل بإلغاء الإضراب العام هناك لجنة، طلبوا منا ان نحدد اعضاءها. فأجبنا اليوم (أمس) وقلنا لهم نحن جاهزون. وأعلمناهم ان لجنتنا تتكون من 5 أفراد.. وأن لا نتجاوز المواعيد المقررة.. ونحن مازلنا في الآجال المقررة...

من هم أعضاؤها من الاتحاد؟

هذه اللجنة سيترأسها الاخ المولدي الجندوبي، باعتباره مسؤولا عن التشريع.

والبقية؟

لا أستطيع ان أقدّم أسماء الآن.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا أثر لها في نص مشروع الدستور... ولكن أكثر من ذلك فإن أيمة في الجوامع أثّموا الاضراب وربما سيدعون الى التظاهر.. ولم نر ردّا واضحا من الاتحاد؟

لنتفاهم أولا: هل سنؤسس لدولة مدنية ديمقراطية اجتماعية ام عندنا تصور لدولة ثانية.
على الاقل بالنسبة للمرحلة الحالية لا أحد صرّح بغير هذا.. أنا أتحدث عن الرسمي.. هناك اجماع حول هذا التمشي.
والجميع يتصور ان يترجم دستورنا هذا الامر وهذه الأهداف بعد الثورة. لا تنسي ان بلادنا لها قوانين، في مجلة الشغل الاضراب غير مشروط، وتونس مصادقة على الاتفاقيات الدولية التي تنصص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وما على الجميع ان يترجم هذه الاتفاقيات داخل قوانينه بما فيها الدستور وكل المحاولات والتهجم في الجوامع والمساجد سواء في خطب «الخُمس» أو الجمعة، والتي تنادي بتجريم الإضراب، وفيها تهجّم على الاتحاد.. والحال أن المساجد وجدت لتنشر إسلام التوافق والإخاء والمحبّة وإذا بالبعض من الأيمة الذين يتقاضون رواتبهم من مال الشعب التونسي (العمومي) يتوجهون وراء حزب النهضة الذي يقدم اتهامات ضد الاتحاد.. وما تقوم به روابط الثورة.. إذن لم نسكت، بل بيان الهيأة الادارية ندّدنا فيه وحمّلنا المسؤولية لوزارة الشؤون الدينية، مسؤولية الدولة والحكومة التي تديرها.. اعتبرت ذلك خطرا لتقسيم المجتمع، ولكن بحكم الحسّ الديني، قد يؤدي الى تناحر وتقاتل، وهذا خطر على تونس، وحمّلنا كل الأطراف مسؤولياتها، ووزارة الشؤون الدينية عليها أن تتحمل مسؤولياتها، الجوامع لذكر اللّه وليس للتباغض، وبلادنا لا تتحمّل هذا العنف.

عوض أن يبحثوا عن التسامح والإخاء، يؤجّجون الناس ضد المنظمة وبالأسماء.. أخشى ما نخشاه أن تتحول المساجد الى دعوة الى التنافر، نحن نريد منهم دورا إيجابيا، لا لدور احتقان.

شعبنا مسالم ومتديّن، وما يميّزه هو تعايشنا مع بعضنا البعض.

يذكر دائما أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو ملجأ التيارات والأحزاب السياسية، كيف تفصلون اليوم بين الانتماء الحزبي والمسؤولية النقابية في زمن أضحى فيه العمل السياسي مشاعا؟

أريد أن أقول أن الاتحاد هو ليس ملجأ للأحزاب فقط، بل هو ملجأ للمظلومين.. هو ملجأ لحماية الناس، وليكون نصيرا لهم.. ليس فقط في جانب الحريات.. وعادة، أو المتعارف عليه، كانت دوما كل الأطياف السياسية قواعدها منخرطة في الاتحاد العام التونسي للشغل، وأغلبها تعمل على التموقع في الاتحاد بما في ذلك أحزاب في الحكم.

وهذا نعتبره قوة إثراء وقوة توحّد.. ولكن للمنظمة قانونها الأساسي، الذي ينصّص على كل كبيرة وصغيرة.. في اتجاه دعم استقلاليته تجاه كل الأحزاب بنفس الطريقة وبنفس المسافة سواء كانت داخل أو خارج الحكم.

ولا نترك أي إنسان يوظّف العمل النقابي من أجل مصلحته الحزبية أو الفئوية الضيقة.. ولا نمكنه من مطية لتحقيق أهداف ولا يمكن أن يسمح الاتحاد بهذا الأمر.

النقابيون ناضجون قادرون على التمييز ولكن لهم القدرة للضرب بيد قوية علي كل من يحاول توظيف الاتحاد، وهذه تهمة مردودة على أصحابها، وعادة تأتي ممّن هو في السلطة مثلا إذا خرجت النهضة من الحكم سيقولون عكس هذا.

دورنا دور التوازن من أجل مناخ اقتصادي وسياسي سليم، هذه تهمة لن تنتهي، أحزاب السلطة دائما تتهم وعندما تخرج من السلطة يصبح الخطاب تجاه الاتحاد مناقضا لما كان عليه عندما كانوا في السلطة.

في التثقيف العمّالي، هل يعمل الاتحاد على إعطاء العمل قيمته الفاضلة؟

بالنسبة لنا فإن الاتحاد يعنى بالتكوين النقابي والتثقيف العمالي، وهنا لا أفصل ثقافة العمل. ندوات متعددة في هذا الشأن للتأكيد على أهمية العمل، وعلى واجب العامل الموكول له تجاه مؤسّسته. ونحثّه على دعمه ونحفزه على مزيد من البذل والجهد الاضافي، بغاية الترفيع في الانتاج، ولكن أيضا بغاية تحسين الانتاجية والمردودية.

بالنسبة لنا المؤسسة الناجحة هي القادرة على المنافسة. ويكون فيها العامل متمكّنا ليس من التقنية فقط، بل يطوّر مهاراته وقدراته. وهذا نحث عليه، ولكن في المقابل على الدولة أن تقوم بدورها. وبتوفير التكنولوجيا المتطوّرة والرسكلة. ولكن أيضا لنكوّن نوعية العمّال ليكون العامل متعدّد الاختصاصات لأن عامل الشغل فيه تطوّرات جذرية.
هناك مهن حلّت محل أخرى... سواء كان من أصحاب المؤسسات في القطاع نحن في خندق واحد، اذن لا تنجح مؤسسة وعمّال، الا إذا ما وضعنا اليد باليد، اذا نحن نحدد المقاييس لكي يقوم كل بدوره...

لا يمكن أن لا نكون مع ثقافة العمل، حتى في مطالبتنا للدولة، كيف تطوّر مراكز العمل والتدريب؟

مثلا: الطاقة أضحت مكلفة هناك نصوص تشريعية تحفّز على المحافظة والتحكم في الطاقة بأقل تكاليف ممكنة.
للأسف الشديد عندما نرى ترسانة المنظومة القانونية نراها تحفّز صاحب الشغل وليس العامل.
تعطي قروض ميسّرة والمنح، من المال العام.
يجازى صاحب العمل والعامل والمختص لا يجازى ولا يحفّزه.

من المفروض أن نرسي ثقافة العمل وتحسين الانتاج إذا جاءت الارباح. ليس هناك تنصيص حتى تكون الارباح متجانسة من حيث التوزيع على الأطراف.
في اليابان مثلا، عندما يصلون الى أرباح كبيرة، جزء منه لتحسين المعدّات وجزء آخر يتجه للعمال لتحفيزهم وجزء آخر لصاحب المؤسسة. وجزء آخر يذهب الى المستهلك، بأن ينقص من سعر المنتوج لأن التكلفة تناقصت... المجهود اذن يعمّ على المجموعة الوطنية ككل.

الآن، ربما بتقارب مع اتحاد الصناعة والتجارة نحن بصدد إيجاد عقد اجتماعي بين الاطراف الثلاثة الدولة والاعراف والاتحاد بحضور ومشاركة المنظمة الدولية.
اذا توصّلنا الى ذلك فإن جحرا للزاوية الاساسية يضبط مسؤولية كل طرف تجاه الطرف الآخر قد حدد بدأنا نتجاوز ونفهم بأن مؤسسة بلا نقابة ليست مؤسسة ناجحة. المؤسسة فيها نقابة أفضل.

المؤسسات التي لم تكن فيها نقابة، صار فيها انفلات وحرق... والعكس صحيح. لجنة مشتركة ثلاثة مقابل ثلاثة، نريدها لجنة حوار هادئ، وليست لجنة أزمات أو طوارئ.

حسين العباسي في سطور

ولد في 19 اوت 1949
متزوج وأب لثلاثة أبناء وبنت واحدة
أصيل منطقة السبيخة
ابن فلاح صغير
متخرّج من مدرسة ترشيح المعلّمين في القيروان سنة 1969
باشر العمل كمعلّم تعليم ابتدائي بحفوز ثم بالسبيخة
انتقل من التدريس الى الارشاد التربوي (قطاع القيّمين سابقا)
شارك في دورات تكوينية وارتقى الى مرتبة قيّم مرشد.
متقاعد منذ ثلاث سنوات
تحمّل المسؤولية النقابية أول مرة سنة 1973 عضوا بنقابة أساسية
1981 كاتب عام النقابة الجهوية بالقيروان
سنة 1982 عضو النقابة العامة للقيمين والقيمين العامين بتونس العاصمة
1997 انتخب عضوا بالاتحاد الجهوي بالقيروان
ديسمبر 2002 كاتب عام الاتحاد الجهوي بالقيروان

ديسمبر 2006: انتخب أمينا عاما مساعدا مكلفا بالتشريع والنزاعات. أضيف اليه قسم الدراسات مما مكّنه من الاطلاع على أدق وأخطر ملفات الاتحاد.
في مؤتمر طبرقة ديسمبر 2011 أصبح أمينا عاما للاتحاد
ينتمي الى الخط المناضل والممانع في الاتحاد... منذ ما قبل الثورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.