نداء من الممرضين في تونس لتعزيز حقوقهم وتوسيع آفاقهم المهنية    اختصاصي أمراض القلب: قلة الحركة تمثل خطراً صحياً يعادل التدخين    " جيروساليم بوست": ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    الكاف: اجراءات مرورية بمناسبة إجراء مقابلة الأولمبي الباجي والترجي الرياضي    غدا: اختتام الملتقى الوطني للقصة القصيرة جدا    الكاف: زيارة منتظرة لوزيري السياحة والتجهيز والإسكان    إصلاحات ثورية لتحسين خدمات تصفية الدم: نصوص قانونية و هذه التفاصيل    جنيف: بكين وواشنطن على طاولة الحوار    لهذه الأسباب اتحاد المرأة يرفض ''طلاق عدل الإشهاد''    المهدية: إيقاف 3 أعوان بمستشفى الطاهر صفر بشبهة السرقة    حج 2025: وزير الشؤون الدينية يُشرف على يوم تدريبي لحجيج صفاقس وسيدي بوزيد    سليانة: الأمطار التى شهدتها الولاية مفيدة للأشجار المثمرة والزراعات الكبرى (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    قريبا إصدار نصوص قانونية لتحسين الخدمات المسداة في مراكز تصفية الدم    نائب سابق بالبرلمان: وفاة مهاجر تونسي آخر في سجن إيطالي    الرابطة المحترفة الاولى - الرابطة تسلط عقوبة "الويكلو" بمباراتين على اتحاد بن قردان    الرابطة المحترفة الثانية: الملعب القابسي يُهزم جزائيًا ويُعاقب بمقابلتين دون جمهور وخطية مالية    قرعة افروباسكيت 2025 : المنتخب التونسي ضمن المجموعة الثانية الى جانب مدغشقر ونيجيريا والكاميرون    نهائي كأس تونس للكرة الطائرة: التوقيت والقناة الناقلة    الترجي الرياضي التونسي بطل الماسترز الدولية للسباحة للمرة الثانية على التوالي    رضا قويعة: شركة فسفاط قفصة أصبحت عبء على الدولة مثل بعض المؤسسات العمومية    الشكندالي: سياسة التعويل على الذات في تونس فكرة جيدة ولكن...    جريمة مروعة تكشف بعد 8 سنوات: قتلت زوجها ودفنته في المنزل بمساعدة أبنائها..!    وزارة التربية: فتح باب التسجيل بالسنة الأولى من التعليم الاساسي للسنة الدراسية 2026/2025    المهدية: إيقاف 3 أعوان وتاجر بشبهة سرقة 45 سريراً طبياً من مستشفى الطاهر صفر    القيروان تتصدر المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الحبوب المروية    إنتاج الحبوب يرتفع بأكثر من 58% بفضل الظروف المناخية الملائمة    تحسن ملحوظ في مخزون السدود بتونس: النسبة العامة للامتلاء تقترب من 40% لأول مرة منذ 2019    عاجل/ سماع دوي انفجارين في سريناجار بالشطر الهندي من كشمير..    الولايات المتحدة تعرض الوساطة بين الهند وباكستان    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    زيت النعناع... حيلة ذكية لكل ''تونسية'' تحب النظافة الطبيعية وتكره الحشرات    موعد مباراة أنس جابر في بطولة روما للتنس    محرز الغنوشي: حرارة صيفية ظهرا مع أمطار آخر النهار    وزارة العدل تذكرالخبراء العدلين بقرب انتهاء آجال الترسيم وتدعو المعنيين للإسراع بإيداع ملفاتهم    سيدي بوزيد: اليوم وغدا انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    تقارير عن محاولة ترحيل مهاجرين إلى ليبيا والسلطات الليبية تنفي أي تفاهمات مع واشنطن    القيروان: ارتفاع صابة المشمش إلى 18.2 ألف طن ...وحركية اقتصادية كبيرة    افاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي، أبرز محاور كلمة وزير الخارجية في الاحتفال بيوم أوروبا    عاجل/ الحوثيون يستهدفون مطار بن غوريون ويتوعّدون: "القادم أعظم"..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    باكستان تغلق مجالها الجوي لمدة 24 ساعة    صفاقس: الدورة 7 لمهرجان المسرح المدرسي الناطق باللغة الفرنسية بدار الثقافة عقارب.    الاحتياطي من العملة الصعبة يبلغ 22,9 مليار دينار وتراجع بنسبة 3 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية    معهد البحوث الفلكية في مصر.. لا نتدخل في تحديد توقيت عيد الأضحى والأمر متروك للسعودية    المهدية: الأيام الرومانيّة «تيسدروس» بالجم في نسختها الثامنة: رحلة مشهديّة... في عُمق التّاريخ    المنستير: الدورة 12 لمهرجان "خيمة سيدى سالم " تحت شعار "التراث والفن انسجام يروي حضارتنا " يومي 17 و18 ماي    القصرين: اكتشاف موقع أثري جديد بمنطقة جبل السلوم يعود للفترة الرومانية    الكاف: الأمطار الأخيرة تتسبب في تصدع في الطريق والحائط المحاذي إلى معلم القصبة الحسينية بمدينة الكاف    الكاف: أنشطة ثقافية وفكرية واقتصادية في الدورة 35 لمهرجان "ميو"    الأيام الفرنسية التونسية للأشعة تناقش أيام 8 و9 و10 ماي بتونس تطور التصوير الطبي وتحديات قطاع الأشعة    إنتبه لها.. 7 علامات لارتفاع ضغط الدم    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    إنخفاض بنسبة 3% في عجز الميزان التجاري الطاقي موفى شهر مارس 2025    نابل: انطلاق فعاليات أيام "حرفة الحصير"    قبلي: التلميذ الياس معالي يفوز بالمرتبة الثانية في البطولة العالمية للحساب الذهني بتايوان    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اضرابات الجوع: وسيلة احتجاج... أم ابتزاز؟
نشر في الشروق يوم 05 - 01 - 2013

شهدت عديد المؤسسات السجنية في المدة الأخيرة اضرابات جوع في صفوف المساجين الذين اختاروا هذه الوسيلة للاحتجاج، فلماذا يختار السجين اضراب الجوع؟ وأي تأثير لذلك على القضاء؟ وأي دور للنيابة العمومية في هذه المسألة؟ أسئلة حاولت «الشروق» الاجابة عنها باتصالها بأهل الاختصاص

يلجأ السجين إلى اضراب الجوع عندما تفشل كل محاولاته في ايصال مطالبه كالاحتجاج على طول فترة ايقافه دون محاكمة أو للمطالبة بتحسين ظروف العيش. لكن أن يتحول اضراب الجوع للضغط على السلطة القضائية فتلك هي المشكلة.

اضراب الجوع : بين الشرعية واللاشرعية

يحاول المضربون عن الطعام الضغط على القضاء وعلى وزارة العدل بالتحديد لتحقيق مطالبهم مما يعيق أو يعرقل سير العمل خاصة في ظل ما يشهده الشارع من احتقان ومارافق القضاة من حملات تشويه إبان الثورة وهو أمر رفضه القضاة ونددوا بخطورته.

إذ اعتبرت رئيسة جمعية القضاة كلثوم كنّو ان كل ممارسة من شأنها الضغط على القضاة مرفوضة سواء كانت من السلطة التنفيذية أو الشارع عبر تنظيم وقفات احتجاجية أمام المحاكم بمناسبة النظر في قضايا.

أو كذلك عبر شنّ اضرابات جوع لبعض المظنون فيهم من الموقوفين وأضافت السيد كنّو أنه في المدة الأخيرة ارتفع عدد المضربين عن الطعام وقال إنه أمر غير عادي خاصة وأن هاته الوسيلة هي في الحقيقة تجعل الشخص المضرب عن الطعام معرضا إلى توعك صحي يمكن أن يصل به إلى حد الموت.

واعتبرت القاضية كنّو ان هذه الوسيلة يراد منها التعريف بالقضية وليس للضغط بها على القضاء لتغيير موقفه.

من جانبه اعتبر الأستاذ محمد الهادي العبيدي ان اضراب الجوع هو شكل من اشكال الاحتجاج القصوى وهو مرتبط بمشروعية السبب لكن إذا تحول إلى الضغط على القضاء يصبح فهما خاطئا للشكل الاحتجاجي وهو أمر مرفوض فيجب أن يستعمل اضراب الجوع من أجل حق مشروع.

إذ هناك مساجين حق عام دخلوا في اضراب جوع دون أن يكون لهم الحق في ذلك فيجب أن تكون الأسباب قوية كطول مدة الايقاف أو سوء المعاملة وسوء الاقامة داخل السجن حتى يتخذ السجين أو الموقوف قرار الاضراب عن الطعام.

لكن يبقى السؤال المطروح هنا من يتحمل تبعات اضرابات الجوع؟

النيابة العمومية في قفص الاتهام

حمّل الأستاذ العبيدي مسؤولية العواقب الوخيمة لاضراب الجوع إلى وزير العدل بصفته رئيس النيابة العمومية وأشار إلى حادثة موت الشابين السلفيين محمد البختي والبشير القلّي وقال إنهما خاضا اضراب جوع تجاوز ال 50 يوما وخلال تلك الفترة احتجت عائلاتهم واحتج لسان دفاعهم لكن مامن مجيب، وهذا لا ينفي عن الوزير مسؤولية هلاكهما الذي كان على علم بكل ما يجري داخل السجون لكنه لم يتعامل مع المسألة بكل جدية.

إذ من واجبه مراقبة السجون لكنه لم يأذن بفتح أبحاث في التجاوزات داخلها وأضاف الأستاذ العبيدي أنه وفي ظل اضرابات الجوع كان على النيابة العمومية القيام بمعاينة للسجون للوقوف على حقيقة الأمور، لكن طالما أنها تأتمر بإمرة وزير العدل لم تحرك ساكنا.

وقال الأستاذ العبيدي أنه يجب أن تكون لوزير العدل الشجاعة في الاعلان عن استقالته خاصة فيما تعلق بالتجاوزات داخل المؤسسات السجنية.

أين الاستقلالية؟

«أعتبر ان النيابة العمومية في وضعها الحالي غير مستقلة خلافا لما يصرح به من قبل وزارة العدل» هذا ما قالته رئيسة جمعية القضاة كلثوم كنّو، موضحة أن آخر دليل صارخ على عدم استقلالية جهاز النيابة العمومية ماتم بخصوص مابات يعرف بقضية سامي الفهري.

وأضافت أن عديد القضاة من النيابة العمومية أكدوا لها أنهم يعملون تحت ضغط خاصة وأن التعليمات التي يتلقونها لا تكون كتابية بل تعليمات شفاهية وتأتي عن طريق رؤساهم في العمل الذين يخضعون بدورهم لاشراف وزير العدل.

كما ان عدم استقلالية النيابة العمومية يتجسد من خلال السلطة الممنوحة لوزير العدل في اختيار أعضاء النيابة العمومية بصفة انفرادية مثلما حدث مؤخرا فيما يسمى بالحركة القضائية.

وأضافت أنه لا وجود لضمانات تجعل قضاة النيابة العمومية يعملون بإستقلالية فهم مثل زملائهم الجالسين يمكن نقلتهم بمجرد مذكرة عمل يصدرها وزير العدل متى شاء كما أنهم لا يمكنهم فتح بحث في أي شكاية أو إخلالات بالنظام العام إلا متى سمح لهم وزير العدل بذلك.

والدليل على ذلك ان هناك عددا كبيرا من الافعال المجرّمة والاخلالات اليومية لم تفتح النيابة العمومية في شأنها بحثا. وهذا ما يجعل المواطن التونسي إلى حدّ الساعة لا يثق في القضاء وفي تعامله مع الملفات. وساندها الأستاذ العبيدي مؤكدا أن النيابة العمومية غير مستقلة طبق القانون وهو ما يجعلها مرتبطة وظيفيا بوزير العدل.

القضاء وضغط الادارة؟

لا ينكر أحد من جناحي العدالة ان القضاة مازالوا فعلا يخشون سلطة الوزير وردود فعله.

في هذا السياق أوضحت السيدة كنّو أن ما يعيشه القضاة اليوم وبعد مرور سنتين من الثورة لا يختلف نوعيا عما كانوا عليه في العهد السابق بل في بعض الأحيان فإن وضعهم أصبح أكثر ترديا مما كانوا عليه إذ اضافة إلى الضغط الذي يمارسه عليهم الشارع وكذلك الاعلام فإن السلطة التنفيذية مازالت تواصل ضغطها وقد أضحى الأمر أكثر فداحة خاصة بعد أن تولى وزير العدل في نهاية شهر ماي 2012 اعفاء عدد من القضاة دون تمكينهم من حق الاطلاع على ملفاتهم ودون تمكينهم من حق الدفاع عن أنفسهم مما جعل بقية القضاة يعملون تحت طائلة الخوف من أن يشملهم قرار الاعفاء خاصة وان وزير العدل كان يلوح في عديد المناسبات بأنه سيواصل استعماله لآلية الاعفاء بدعوى تطهير القضاء من رموز الفساد والحال أنه في حقيقة الأمر فإن التطهير يجب أن يمرّ حتما بإصلاح المؤسسة وهو مالم تقم به السلطة التنفيذية، ولا السلطة السياسية التي ماطلت في سنّها لقانون الهيئة الوقتية التي ستحل محل المجلس الأعلى للقضاء لتترك يد وزير العدل مطلقة لإحكام قبضته على القضاء والقضاة خاصة في هذه المرحلة الانتقالية.

وأضافت أنه وفي غياب الحماية للقضاة وخشية على مصائرهم المهنية فإن عددا من القضاة يحاولون التقرب من وزير العدل وذلك باتخاذ مواقف قريبة من ميولاته رغبة منهم في البقاء في مراكز عملهم أو بغية نقلة أو مسؤولية، وهو أمر خطير على القضاء وعلى المتقاضي معا.

ماذا عن السلطة السياسية؟

تختلف السلطة السياسية من نظام إلى آخر ففي النظم الديمقراطية لا يمكن للسلطة السياسية أن تتدخل في شؤون القضاء.

حيث اعتبرت كلثوم كنّو ان كل سلطة سياسية تحاول بشكل أو بآخر أن تضع القضاء في صفها، لأن القضاء المستقل هو حامي الحقوق والحريات وبالتالي فإن تركه يعمل باستقلالية يجعله أن يحاسب من هم في السلطة وهذا ما يجبر السلطة السياسية على أن تضع حدودا للقضاء.

وقالت ان ما يعانيه القضاء اليوم خير دليل على ذلك خاصة في مسألة التتبع والاحالة وفتح الأبحاث إذ لا نلمس على حدّ قولها أي إرادة سياسية نحو جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية خلافا لما جاء بالبرامج الانتخابية للأحزاب السياسية ومن بينها الاحزاب الحاكمة.

ولا يوجد من يدافع بشكل واضح عن استقلالية القضاء بل يرفع هذا الشعار في بعض المناسبات فقط دون أن يمرّ إلى التكريس. الأستاذ العبيدي قال من جهته ان السلطة السياسية اليوم بعيدة عن الاستقلالية والشفافية فهي غير صادقة في وعودها الانتخابية وبقيت هي صاحبة القرار وتسمح لنفسها أن تخالف القانون باعتبار أن المؤسسات غير مستقلة وتسيطر عليها التعليمات على عكس النظم الديمقراطية التي يكون فيها القضاء فعلا سلطة مستقلة على غرار خضوع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك للتحقيق ولا دخل لرئيس الدولة في المسألة.

أين الحل؟

أكدت رئيسة الجمعية كلثوم كنّو على ضرورة فصل النيابة العمومية عن وزارة العدل وقالت إنه مطلب ملحّ يجب تحقيقه في أقرب وقت لاستعادة المتقاضي ثقته في القضاء من جهة وليتمكن القضاة بصفة عامة من ممارسة عملهم دون أي ضغط ودون الخضوع لأية تعليمات مهما كان مصدرها ولا يطبقون إلا القانون. كما أنه على المجتمع المدني ان يتحرك بدوره لتحقيق ذلك المطلب كحق مشروع لضمان حقوقه.

فيما اعتبر الأستاذ العبيدي ان الحل الأمثل لفك الارتباط بين وزير العدل والنيابة العمومية هو حذف الفصل 23 من مجلة الاجراءات الجزائية حتى تكون النيابة العمومية ممثلة فعلا للمجتمع وتمارس دورها طبق القانون حتى تضع حدا للتجاوزات وتكون العين الساهرة على ضمان حقوق المواطنين بعيدا عن ضغط الادارة أو ضغط الشارع (الاضرابات الاحتجاجات الاعتصامات أمام المحاكم).

إذا يبقى المشكل المطروح في ظل عدم استقلالية القضاء وخضوع النيابة للتعليمات ان يتحول اضراب الجوع من حق مشروع للاحتجاج إلى وسيلة للضغط على القضاء والتأثير عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.