لا شكّ أن أحد أهمّ القضايا التي شغلت الرأي العام التونسي، هذه الأيام، موضوع التحوير الوزاري ذلك أن الحكم الانتقالي في شقّه المتمثل في السلطة التنفيذية، وجد نفسه أمام وضع مهزوز اجتماعيا، ويريد هذا «الحكم» أن يدير ذات الوضع بوسائل تحيلنا على نظام مستقر له باع في الديمقراطية وإرث مؤسساتي يضمن حق الاحتجاج وحق الرّدع السياسي. قد تكون تونس اليوم، وبعد عامين من عمر الثورة، بحاجة الى اصلاحات عميقة، والى تحوير وزاري، قد ينأى بالبلاد عن المحاصصات الحزبية، لكن ما نرى تونس بحاجة أوكد له، هو الاستقرار والانتهاء من كتابة الدستور، وعرضه على الشعب يناقشه ويبدي فيه الرأي.
لقد لمسنا في أكثر من مناسبة وفي أكثر من موضع أن السلطة التنفيذية، كثيرا ما تغافلت، عن قصد أو عن غير قصد، عن معطى أساسي ويتمثل في أن المرحلة السياسية الآن، لا تستحق أن تضع العائلات السياسية، كل ثقلها في سلّة الحكم وممارسة السلطة. فهذه مرحلة التأسيس لتونس جديدة، متقدمة، وتقطع مع منوال التنمية المتوارث منذ عهد الاستعمار المباشر، لأن تونس وببساطة شهدت ثورة. من المفروض أن أبناءها هم الذين سيحرسونها من الغدر ومن الالتفاف.
إذ الأطراف التي تقوم بهذه الأفعال المشينة ضد الثورات، نجدها دوما مصاحبة لكل انتفاضة شعبية ولكل نية إصلاحية عميقة، لبلدان قادرة على تحقيق الاستقلال الوطني.. بفضل الالتفاف الشعبي على مبادئ وأهداف ثورة 17 ديسمبر 14جانفي..
التحوير الوزاري الآن، قد يعني جزءا صغيرا من التونسيين، ولكنه لا يعني الشعب برمّته، ذلك أن الشعب ينتظر التحول الديمقراطي وإرساء أسس النظام الذي سيضمن عدم انتكاسة المسار الديمقراطي ويضمن كذلك عدم عودة الاستبداد..
التحوير الوزاري ليس حدثا بحدّ ذاته، حتى يشغل المشهد السياسي بهذه الطريقة التي نراها اليوم، بل هو ضرورة تهمّ «الترويكا» الحاكمة.. لأن المدة التي قضّتها في السلطة قد تكون مكّنتها من مراجعة سياستها، وفق الأحداث التي جدّت على الساحة الاجتماعية والسياسية للبلاد.. فهو تحوير لا يستحقّ الوقوف عنده.. لأن التونسي مشغول بالانتهاء من هذا الوضع الانتقالي.