حذّر رئيس مركز الدراسات حول الرأي العام والإعلام والحوكمة المحلية رضا جنيح من أنّ الفراغ التشريعي وغياب هيئة للإعلام السمعي البصري يخدمان مصلحة «الترويكا» الحاكمة ويفتحان الباب أمام سيطرتها على قطاع الإعلام وتوظيفه خدمة لمصالحها الحزبية. التحذير جاء خلال ندوة علمية نظمها المركز قبل أيام في سوسة بحضور عدد من الأساتذة المتخصصين في الشأن القانوني قدّموا تصورات بخصوص الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري وتداعيات تأخّر تشكيلها على مسار الانتقال الديمقراطي.
وحاولت الندوة الإجابة عن عدد من التساؤلات أبرزها لماذا تعطّل تفعيل المرسوم 116 المؤرخ في 4 نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري وإحداث هيئة عليا للاتصال السمعي البصري؟ ولماذا تعطل مسار إحداث الهيئة؟
وأوضح جنيح أنّ المرسوم واضح في ما يتعلق بتشكيل الهيئة من حيث الأحكام الانتقالية ومعايير التعيين وأن هناك أطرافا تتدخل في هذا الشأن منها جمعية القضاة والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ونقابة مديري المؤسسات الإعلامية ونقابة الثقافة والإعلام التابعة لاتحاد الشغل وقد قدمت كل هذه الاطراف مرشحيها وكنا ننتظر الإعلان عن تركيبة الهيئة يوم 10 ديسمبر 2012 بمناسبة إحياء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكن ما راعنا إلا ورئاسة الجمهورية تعلن تأخير الموعد لإجراء مزيد من المشاورات.
وأكّد جنيح أنّ الهيئة صارت بالفعل محلّ تجاذبات سياسية كبيرة وأن هناك اطرافا لا تريد أن يكون هناك إعلام حرّ في هذه المرحلة، وأنّ «حالة الفراغ التشريعي تخدم مصلحة من يحكم البلاد اليوم من أجل توظيف الإعلام خدمة لمصالحه الحزبية لا خدمة للرأي العام وللانتقال الديمقراطي».
من جانبه عبّر رئيس الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال (المنحلّة) كمال العبيدي عن أسفه لتعطّل الإعلان عن تركيبة الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري بسبب التجاذبات السياسية رغم أنّ الحكومة قررت المضي في تفعيل المرسوم 116 منذ منتصف أكتوبر حين أضرب الصحفيون للمطالبة بتطبيق المرسومين 115 و116.
وأضاف العبيدي «من المؤسف أن تستمر التجاذبات ويمنع إحداث الهيئة، ويبدو أنّ هناك من بين مكوني الائتلاف الحكومي من يرغب في فرض بعض الأسماء التي لا تتوفر فيها شروط الكفاءة والاستقلالية أو لديها اعتراض على بعض الأسماء لأنها لا تروق لها او لأنها انتقدت عمل الحكومة» محذرا من أنّ في ذلك تعطيلا للمسار الديمقراطي واستمرارا لحالة الفوضى التي نعيشها اليوم في القطاع الإعلامي.