بعد احتجاجات متواصلة ومداهمة لمقر الحرس الوطني وحرقه، عاد الهدوء من جديد إلى معتمدية عقارب، أسباب الأحداث تعود إلى حادث مرور ذهب ضحيته الشاب وحيد الكوني بعد ان دهسته سيارة حرس وطني. «الشروق» اتصلت بعائلة الفقيد لتنقل معاناتهم لأن حادثة هلاك الشاب وحيد الكوني اثر حادث مرور طرفه سيارة الحرس الوطني فجّرت أحداثا لم تشهدها مدينة عقارب حتى أيام الثورة، ولئن استسلمت عائلة الفقيد لقضاء الله وقدره رغم آلام الفراق وبشاعة الحادثة فإنّها في المقابل لم تستطع بعد السكوت عن التعتيم وبعض المغالطات التي رافقت الحادث.
الفقيد وحيد الكوني وعلى حدّ تعبير والده كان سندا ماديا ومعنويا بما أنّه يعمل ليلا نهارا لتوفير قوته بعرق جبينه بواسطة عربة لبيع الذرة ومستغلا أحيانا موسم جني الزيتون للعمل بالأجرة لتحسين وضعه الاجتماعي الصّعب. فالفقيد متزّوج ولا يملك منزلا فهو مشتت بين السكن على وجه الكراء أو مشاركة أفراد عائلته السكنى. وكان أمله أن تساعده السلطات المحليّة على إنشاء كشك صغير بمحاذاة مدرسة 2 مارس المكان المفضّل لديه لكنّ المنيّة لم تمهله حتى يرى مشروعه النور ويستفيد منه أفراد العائلة الذين لا مورد رزق آخر لهم.
أخ الفقيد أكّد لنا أنّ كلّ أفراد العائلة مستاؤون من تعاطي الأمن مع حادثة موت أخيه انطلاقا من عدم إعلامهم بالحادث منذ الوهلة الأولى حيث وقعت حادثة المرور حوالي الساعة السادسة مساء وعشر دقائق حسب شهود عيان نقلوا الخبر لاحقا للعائلة. بينما اعلموا بالخبر حوالي الساعة الثامنة ليلا عن طرق معارفهم. وخلال هذه الفترة أكّد لنا محدّثنا أنّ عمليّة نقل الفقيد للمستشفى تأخرت ولم يتأكّدوا من الخبر إلّا عند الذهاب إلى مستشفى صفاقس. تقرير الطبيب الشرعي أشار إلى أنّ الموت ناتج عن رضّ دماغي هائل مصحوب بكسور بالطوابق الثلاثة لقاعدة الجمجمة إلى جانب كسور والنزيف وجرح الكبد وغير ذلك، وقد أشار محدّثنا أنّ التعزيزات الأمنيّة التي وصلت عقارب في وقت قياسي داهمت منزل عائلة الفقيد ممّا ضاعف آلامهم. ويضيف المتحدث ولمّا اتّصل أحد أشقائه بمركز الحرس للاستفسار عن ملابسات الحادثة أشهروا في وجهه السّلاح، كما تمّ رمي المنزل بالقنابل المسيلة للدموع طيلة أيام الاحتجاجات رغم أنّ كلّ أفراد عائلة الفقيد طالبوا بالتهدئة وعدم التصعيد مقابل فتح تحقيق جدّي وعاجل حول ملابسات الحادثة. شقيق الفقيد اعتبر أيضا أنّه فقد سنده المادّي في هذه الحياة مطالبا السلطات المعنيّة بتخصيص جراية عمريّة لوالده المسنّ (77 سنة) ووالدته أيضا التي كان «وحيد» يتكفّل بمصاريفها. وبغياب الهالك فقدت كلّ العائلة سندا كبيرا لما عرف به من طيبة وتضحية جعلت كلّ أهالي عقارب يتعاطفون معه بشكل يثير الدهشة.