وضعت هيئة المدب ثقتها في ماهر الكنزاري للإشراف على حظوظ الأصفر والأحمر عوضا عن نبيل معلول فما هي الدوافع التي جعلتها تختار التعاقد مع الكنزاري دون سواه؟ دأب الترجي الرياضي خلال السنوات الماضية على الاستنجاد بخدمات المدربين الذين يعرفون جيدا فريق «باب سويقة» سواء الذين سبق لهم تقمص أزياء الفريق على غرار نبيل معلول أو كذلك الأسماء التي دربت النادي مثل فوزي البنزرتي والسويسري دي كاستال...وقد اتبعت السياسة نفسها عندما فكرت في إيجاد الربان الجديد للسفينة الصفراء والحمراء بعد القطيعة مع نبيل معلول ووجدت ضالتها في اللاعب والمدرب السابق للنادي ماهر الكنزاري . لم يحرق المراحل
تحول ماهر الكنزاري عام 1997 إلى حديقة المرحوم حسان بلخوجة قادما من مركب باردو واستطاع التتويج مع الأصفر والأحمر بستة ألقاب على الصعيدين المحلي والقاري وذلك قبل أن يخوض تجربة إحترافية أخرى كلاعب في الخليج (السعودية والإمارات) ثم اقتحم عالم التدريب ونلاحظ أن الرجل لم يحرق المراحل حيث سطع نجمه كمدرب في بداية الأمر مع المنتخب الوطني للأصاغر وساهم في تألقه في كأس العالم عام 2007 حيث بلغ زملاء نور حضرية آنذاك الدور ثمن النهائي.
المنعرج
تولى الكنزاري أيضا مهمة مدرب مساعد في الترجي الرياضي وتمكن من التتويج مع فريق «باب سويقة» بخمسة ألقاب واكتسب بذلك خبرة أكبر وهو ما جعله يعتقد أنه حان الوقت ليصبح الرجل الأول على رأس الإطار الفني للفريق عندما إنسحب فوزي البنزرتي غير أن إدارة الترجي كان موقفها مخالفا لتوقعات الكنزاري وقامت بتسريحه وهو ما جعله يرفع شعار التحدي من خلال خوض تجربة استثنائية مع النادي البنزرتي حيث كان قاب قوسين أو أدنى عن قيادته خلال الموسم الماضي إلى التتويج بلقب البطولة للمرة الثانية في تاريخه لو لم تجتمع عدة ظروف وأدت إلى التنازل عن البطولة لفائدة الترجي الرياضي في الأمتار الأخيرة .
20 انتصارا مع النادي البنزرتي
لغة الأرقام تؤكد أن مسيرة ماهر الكنزاري مع النادي البنزرتي خلال الموسم الماضي كانت رائعة بكل المقاييس حيث قاده إلى تحقيق الفوز في 20 مقابلة وخمسة تعادلات وخمس هزائم وتميز فريق «قرش الشمال» بطابعه الهجومي حيث لم يفشل في هز شباك منافسيه في سباق البطولة إلا في أربع مناسبات (ضد باجة والنجم الساحلي والنادي الصفاقسي وشبيبة القيروان) كما فاز في أكثر من مناسبة بنتائج عريضة (خماسية ضد النجم الخلادي و 4 1 ضد حمام الأنف).
ماذا عن الناحية الفنية؟
يحبّذ الكنزاري الاعتماد على خطة (4 2 31) أي التعويل على لاعبي ارتكاز وثلاثة لاعبي وسط يتمتعون بمهاراتهم الفنية العالية وقدرتهم على هزّ الشباك (كأي يعتمد على ثلاثي حضرية والحرباوي ويوسوفا مبيغي) مع مهاجم صريح (الليبي أحمد الزوي) ويحبذ الكنزاري تكريس اللعب الجماعي والاستفادة قدر المستطاع من الامكانات التي بحوزة رأس الحربة (استغل مثلا طول قامة الزوي وقوته البدنية لتسجيل الأهداف من خلال التعويل على التوزيعات بإتجاه هذا اللاعب) وبرع الكنزاري في اكتشاف المواهب الشابة بدليل بروز حمزة المثلوثي وآدم الرجايبي وهذا الأمر قد يكون منطقيا بما أن الكنزاري درب منتخب الأصاغر الذي كان يعج بالمواهب مثل حضرية ويوسف المساكني.
نقطة سلبية
بقي أن نشير إلى أن بعض الأطراف التي تابعت عن قرب الفترة التي قضاها الكنزاري مع النادي البنزرتي أهملت نسبيا الإحاطة باللاعبين من خلال عدم الاطلاع على بعض المشاكل ومساعدتهم على تجاوزها نظرا إلى انعكاساتها السلبية على مردودهم في المقابلات وكذلك غيابه أحيانا عن الحصص التدريبية... وهي من النقاط التي ينبغي على الكنزاري تداركها خاصة أنه لن يتعلل هذه المرة ببعد المسافة الفاصلة بين مقر إقامته ومركب الترجي كما هو الحال في الموسم الماضي عندما كان يدرب النادي البنزرتي.
خطوة إلى الوراء
بعد النجاح الذي حققه الكنزاري مع النادي البنزرتي ارتفعت أسهمه حتى أن عدة فرق كبرى عبرت عن رغبتها في التعاقد معه على غرار الإفريقي وذلك قبل أن يختار تدريب السيلية القطري ومن المؤكد أن الكنزاري استفاد ماديا من هذه التجربة ولكنه في المقابل قد يكون ندم على هذه الخطوة على المستوى الرياضي بما أنها كانت فاشلة من ناحية النتائج حيث لم يستطع الخروج بهذا الفريق من عنق الزجاجة وظل هذا النادي قابعا في ذيل ترتيب دوري نجوم قطر مقابل نجاحه في الكأس (في شكل بطولة أيضا) حيث يحتل إلى حدّ الآن المركز الأول.
الترجي يراهن على اصرار الكنزاري
يراهن الترجي الرياضي على اصرار هذا المدرب على النجاح بما أنه يريد ردّ الاعتبار إلى نفسه بعد تلك الطريقة التي غادر بها الحديقة «ب» ولا ننسى أن الكنزاري يعرف جيدا لاعبي الفريق على غرار شمام والهيشري وبن منصور والدربالي والعياري... ولعب نهائي رابطة أبطال إفريقيا مع الفريق عام 2010 ضد مازمبي مما يعني أنه يعرف جيدا أجواء الفريق ومطلع على الكرة الافريقية ويعرف أيضا منافسي الترجي في البطولة وقد ينجح في قيادة الترجي إلى الهروب مجددا في سباق البطولة خاصة إذا كانت بدايته جيدة عندما يلاقي في الجولة الأولى الأولمبي الباجي في تونس.