نظّم الحزب الجمهوري نهاية الأسبوع الفارط في أحد النّزل بالمهديّة ندوة حول «قطاع الألبان في تونس.. الحلول لتفادي النّقص» بمشاركة مختصّين من أهل المهنة والقطاع الفلاحي ومختلف مكوّنات المجتمع المدنيّ. الندوة سجلت حضور رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي، والأمين التنفيذي للحزب ياسين إبراهيم، وعضو المجلس الوطنيّ التّأسيسي ريم محجوب المصمودي، وقد تمحورت مداخلات المشاركين، وتدخّلات الحاضرين عموما حول آفاق هذا القطاع، وضرورة دعم صغار المربّين، والفلاّحين لمجابهة غلاء الأعلاف، وتأطيرهم تأطيرا علميّا يتماشى ونسق النّموّ الدّيمغرافي في البلاد، وحاجة الجميع إلى توفير مادّة الحليب التي تحتل مكانة أسياسية في حياة المواطن.
وبينّ ياسين ابراهيم ما لمثل هذه النّدوات التّشاركيّة من ايجابيّات لتصوّر مستقبليّ لما يهمّ عموم المواطنين بالإنصات إلى شواغلهم والعمل على تجاوزها باتّخاذ إجراءات حينيّة، وتحسيس السّلط المهتمّة بالقطاع الفلاحي بضرورة التّحرّك بما ينفع النّاس، شأن متدخّل مشارك عن اتّحاد الفلاّحين الذي ألقى باللّوم على أهل الاختصاص من مهندسين، وأكاديميّين ممّن لا يفارقون مكاتبهم والحال يدعو إلى العمل على أرض الميدان مع الفلاّح و المربّي خاصّة مع ما شهدته تونس في الآونة الأخيرة من توريد 5 ملايين لتر من الحليب كان أجدى وأولى أن توجّه تلك المليارات من العملة الصّعبة مع ما تمّ توريده من علّوش العيد إلى مربّينا الصّغار وفلاّحينا.
وأضاف المتدخل أن الأزمة ليست في الإنتاج، إذ يكفي الإنتاج المحلّي كامل البلاد لولا التّهافت على مادّة الحليب في فترة وجيزة من طرف أكثر من مليونين ونصف من العائلات والتي كانت كفيلة بإفراغ السّوق في ظل صعوبة إعادة ما تمّ اقتناؤه في فترة وجيزة أيضا بحسب مدير عام شركة ألبان المهديّة المهندس علي الكلابي ، في حين أكّد عدد من المشاركين على ضرورة الاستشعار لمثل هذه «الطّوارئ» عبر خلايا إرشاد لتفادي أيّ نقص في أي مادّة أساسيّة، ودعم الهياكل المهنيّة، والتّعاضديّات الخدماتيّة، وفرض رقابة على التّهريب الذي هو أحد أهم أسباب هذه الأزمة.
وأكّد الأستاذ أحمد نجيب الشّابّي أنّ انعقاد هذه الدّورة الأولى من هذه النّدوة تمثل حافزا لمزيد العطاء من فلاّحي ومربّي ولاية المهديّة الذين يشكون من عديد النّقائص وأهمّها غلاء الأعلاف، وعدم الإحاطة والدّعم، لتحتلّ الجهة أولى المراتب في إنتاج الألبان ب105 مليون لتر سنويّا على النّطاق الوطنيّ شأن الصيد البحري، والزّيت رغم هشاشة البنى التّحتيّة، وضعف الامكانات.
حدّادة الغريبي فلاحة من جهة صفاقس مربّية ل23 رأس من الأبقار المؤصّلة عانت الويلات أيّام الثّورة لعدم إمكانية توزيع مادّة الحليب مع توقيت الطّوارئ وما شاب القطاع من تهميش أمام غلاء الأعلاف التي نستورد مكوّناتها مثل «الصّوجا»، والحال يدعونا إلى إيجاد بديل لزراعات يشهد التّاريخ أن تونس هي منبتها مع غياب البذور الخاصّة بالأعلاف، وحرمان المربّين الصّغار، وأصحاب المقاسم الفلاحيّة الصّغرى من الدّعم والقروض والإحاطة، لتؤكّد أنّها كمربّية وصاحبة مشروع مجبرة على بيع «الأراخي» التي من المفروض الاستعانة بها لتجديد القطيع، وتشبيبه لكنّ سوء حال المربّي مادّيا يجعله يفرّط فيها بالبيع أمام عدم سحب المنح المخوّلة لتربيتها على صغار المربّين والفلاّحين الذين يمثّلون نسبة 80 بالمائة في تونس، وأنّ نسبة ال40 بالمائة من إنتاج الألبان وطنيّا متأتّ من هؤلاء، كما أكّدت أنّ تدارس، وتشخيص مشاكل القطاع لابدّ أن يسحب على كلّ جهات البلاد من خلال تشريك أهل القطاع.
هذه النّدوة باعتبارها بادرة أولى في انتظار ما سيقع التطرّق إليه مستقبلا لمشاكل قطاعات الصّيد البحري والفلاحة عموما تمثّل محاولة لتشخيص مشاكل أهل القطاع بحثا عن حلول من شأنها أن تساهم في تطوير هذا القطاع المهم في الاقتصاد الوطني، إذ بإمكان بلادنا أن تكون مصدّرة للألبان وغيرها من الموادّ لو أخذنا فعلا بأيدي منتجيها.