كشفت الصحف المصرية منذ أسابيع بأن قائد الحرس الثوري الإيراني حل بالقاهرة في زيارة سرية وأنه أمدّ عناصر اسلامية هناك بتجربته في تكوين هذا الحرس الذي انطلق في الأول كميليشية شعارها حماية الثورة ثم أتت زيارة الرئيس أحمدي نجاد إلى القاهرة لتحقق اختراقا سياسيا كبيرا من طهران ليس فقط لمصر الدولة التي ظلت مصرّة على عدم اقامة علاقات ديبلوماسية مع إيران طيلة عقود بل أيضا لثورتها التي تريد طهران أن تستفيد منها. وتكثفت منذ أيام في تونس وتيرة العلاقات مع إيران على أكثر من صعيد ويتم الاعداد حاليا لحزمة من المشاريع التي قد تساهم فيها طهران أمام الإغراء والإلحاح التونسيين. الشيء الذي يطرح السؤال حول هذه العلاقة التي بدأت تتشكل بين إيران وما يسمى بدول الربيع العربي خصوصا أن دول الخليج تعتبر إيران تهديدا لها وخطرا عليها إن بمشروعها النووي الذي يؤرق تلك الدول أو بتدخلها في مملكة البحرين أو بإحتلالها لجزر إماراتية أو بتحكمها في حزب الله اللبناني أو حتى بمساندتها لنظام الرئيس بشار الأسد. فما الذي يجعل دولة مثل مصر أو تونس تراهن على علاقات وثيقة مع إيران؟
هل هي الحاجة والفاقة الاقتصاديتان اللتان تجعلانهما يتقربان من إيران؟ وهل يعني ذلك أن بخل دول الخليج تجاههما وعدم انخراطها في دعم اقتصادهما هو الذي زيّن لهما الرهان على إيران والقرب منها رغم ما يحفّ هذا القرب من مخاطر؟
وماهي التأثيرات المنتظرة لهكذا سياسة لها انعكاسات إقليمية ودولية خصوصا أن ايران تتصدر منذ سنوات جدول الأعمال الدولي؟ انها كلها أسئلة تلقى في هذا الصدد خصوصا ان إسلاميي تونس ومصر لم يخفيا تعاطفهما الواضح مع ثورة إيران التي قادها آية الله الخميني فقد رأى فيها هؤلاء خصوصا في بداياتها أنها تبشر الأمة الاسلامية بالنصر والتمكين وأنها سوف تفتح الطريق سالكة صوب القدس وأنها وضعت اللبنة الأولى لبناء الدولة الاسلامية وعلى الرغم من إعادة احياء النعرة الطائفية بين السنة والشيعة، وهو ما ساهم فيه شيخ الاسلاميين المقيم بقطر القرضاوي كل المساهمة فإنه لم يسبق أن صدر عن الاسلاميين في مصر وتونس ما يؤكد انخراطهم في هذه اللعبة أو حماسهم لها بل إن تنظيما تابعا لحركة الإخوان المسلمين على غرار تنظيم حماس الفلسطيني كان في تلك الفترة على علاقة جيدة جدا بإيران التي منها يتلقى الدعم المالي والعسكري وهو ما يظهر أن العلاقات مع إيران وسياساتها صوب الاسلاميين هي أعقد أدق من أن تحشر في زاوية واحدة وأن تخضع لتحليل أحادي.
إن إيران التي قال في شأنها الرئيس أوباما مؤخرا إنه لا بد من وجود حل ديبلوماسي معها، بصدد الانفتاح على دول الربيع العربي فهل يأتي ما يعكرّ ذلك الانفتاح ويساهم في مزيد تفريق الصف العربي أمام الموقف المتشدد لدول الخليج؟