في منطقة الصباح بولاية بنزرت تعيش عائلة في مستوى الكفاف داخل منزل في أدنى مرتبة من سلم العيش الكريم وما من عائل لها سوى منحة 001 دينار... فهل من تدخل لفائدتها ؟ هذه المنحة تخص عجوزا لازمت الفراش وائتزرت بمئزر الصبر عسى أن تنظر لها السلطات المعنية نظرة جادة وتمد لها الجمعيات الخيرية يد العون. هي عائلة يوسف بن محمد بن أحمد البجاوي عمره 34 سنة وهو عاطل عن العمل وزوجته حنان مثلوثي عمرها 29 سنة وابنته شيماء عمرها 5 سنوات وأمه بختة البجاوي عمرها 76 سنة وهي مريضة بالأعصاب ومقعدة وتتحصل على منحة شيخوخة زوجها المتوفى وقدرها 100 دينار التي تنفق منها هذه العائلة.
وفي زيارتنا لهذه العائلة هالنا رداءة ملابسهم التي لا تقي من برودة الطقس والتي حرضتنا على اكتشاف منزلهم الفقير لأبسط مقومات العيش الكريم فالباب والنوافذ مكسرة ولا يحتوي سوى بعض الفراش المهترئ وأواني قديمة بالية وموقد صغير اعتلاه الصدأ وكل شيء كان دون المستوى المطلوب. وفي غرفة كلها رطوبة ونافذتها مكسرة وأرضيتها مبللة من «الندى» من الأمطار التي تدخل عبر النافذة والتي تتسلل عبر الجدران، تجلس بختة في فراش مهترئ ملتحفة بغطاء بال متآكل لا يقي من برودة الطقس، كانت عاجزة عن المشي وتأمل أن تخرج في نزهة لكنها لا تملك كرسي متحرك وقد عبرت ببضع كلمات متقطعة عن أملها هذا: «نحب نخرج...
لو عندي كرسي... نخرج» وتتدخل حنان والدموع لا تفارقها مؤكدة أنهم لا يملكون ثمن كرسي متحرك ولا يأكلون طعاما جيدا بل تطبخ « سلق وأعشاب أخرى من الغابة» وتجهش بكاء قائلة «حتى الحليب لا نشربه ومشيت للمعتمدية على كرسي متحرك لكن بلا فائدة» ويبكي يوسف بكاء مرا معبرا عن ألمه لبطالته وعجزه عن تأمين حياة كريمة لعائلته فملابسهم بالية وأغطيتهم مهترئة والجدران كلها رطوبة والطعام مجرد فتاة خبز مع أعشاب غابية ويكفي زيارة خاطفة لهذه العائلة لاكتشاف أنها يطوقها حزام فقر مدقع فلا أكل ولا ملابس ولا غطاء ولا احتفال بأعياد بل تعاني عزلة نرجو أن لا تكون أبدية.