بلوغ سن التقاعد مرحلة لابدّ منها ومع ذلك العديد يخاف منها ويحاول رفضها بممارسة انشطة مهنية واخرى ترفيهية للتعبير على انه لم يفقد دوره في هذا المجتمع. رغم كل هذا فقد يشعر انه طرد من هذه الحياة. فما هو رأي المتقاعدين؟ وكيف ينظر الاخصائيين النفسانيين لمثل هذه المسألة؟ للتقاعد عن الوظيفة العمومية او عند اي عمل او نشاط مهني حر وقع خاص في نفس صاحبه اذ يستبد به شعور بالفراغ ينقلب الى قلق ويأس محمد علي العلاقي مثلا كان يشغل احد الوظائف الادارية لكن بمرور السنين اصبح من المتقاعدين ووجدته مجبرا على معايشة بعض المواقف النفسية الصعبة يقول وقد كانت نظراته لا تخفي بعض الحزن: «خرجت من الوظيفة الإدرية بعد ان بلغت سن التقاعد ورغم انني امارس مهنة التجارة فإنني اشعر بالفراغ والقلق وبصراحة فإن حياة المتقاعدين بصفة عامة هي حياة بلغوا فيها مرحلة اليأس خاصة وانهم فقدوا الصحة والقوة، يأس يتدعم بمواقف بسيطة فأحيانا يشعر بأنه لم يعد صالحا للمجتمع واحيانا يظلم مثل هؤلاء في الشوارع ويحسّون ببعض الاحتقار ولكنهم لا يستطيعون ردّ الفعل». وفي مرحلة متقدمة من عمره قد يشعر بالعجز وانه فقد اهم ادواره في هذه الحياة لكن الخوف ان يحاول المتقاعد ملء فراغه بافتعال بعض المشاكل يقول السيد محمد: «الملل الذي يعيشه المتقاعد يدفعه الى مشاكسة زوجته او ابنائه ومجرد مثل هذه الافعال تجعل اسرته ممتعضين منه لذلك انصحه بأن يواصل العمل ولا يقطع نشاطه المهني حتى في بعض القطاعات الخاصة الاخرى» ومن جهته يقترح محمد علي العلاقي ضرورة ردّ الاعتبار للمتقاعد الذي كما يقول: «ضحى في عمله ولسنين طويلة من اجل وطنه ومن اجل الارتقاء باقتصاد بلاده ومن اجل وظيفته وردّ الاعتبار يكون بأمرين لا ثالث لهما ففي ظل ارتفاع نسق الحياة وتعقّد ظروف العيش على السلط المختصة النظر في امكانية ترقية المتقاعد آليا بمعنى لا تقف الترقية بمجرد وقوفه عن العمل وهذه الخطوة ذات فائدة معنوية يشعر خلالها المتقاعد بأن الدولة والمجتمع لم ينسيانه. ثانيا يجب اعفاء المتقاعد من مختلف الأداءات». خوف حالات عديدة تعايش القلق والفراغ واليأس وهي حالات تدفع البعض الآخر ممن هم على شفا هذه المرحلة من العمر الى الاحساس بالخوف يقول السيد عبد الحميد «انني اخاف من هذه التجربة رغم ان العديد من اصدقائي المتقاعدين حاولوا التغلب على الملل بارتياد المقاهي للعب الورق او الشطرنج... انني لا اعتقد ان الذهاب الى مثل هذه الامكنة صباحا مساء انجع الحلول فمن الواجب ايجاد وسائل ترفيه اخرى. ان اسوأ وضعية يعايشها المتقاعد انه بين اللحظة والأخرى يجد نفسه بلا نشاط ولا حركة وتلك هي المصيبة التي اخشاها». رغم ذلك ورغم هذه الاحاسيس التي تنتج عن تغير في ادوار ومهام الحياة فإن الكثير من المتقاعدين يحاولون اثبات تقدّم سنين العمر لوحدها لا تستطيع ان تخرجهم او تطردهم من هذه الحياة. رأي الاخصائي النفساني: عن وقع التقاعد على نفسية صاحبه يجيبنا الدكتور لطفي بوغانمي وهو اخصائي في علم النفس قائلا: «المشكل ان المتقاعد يشعر ان المجتمع لم يعد بحاجة اليه وانه اصبح يفقد مكانته وقيمته في المجتمع هذه القيمة التي طالما استمدها من عمله ونشاطه المهني. اكثر من ذلك وفي بعض الحالات خاصة عندما يتزوّج كل اولاده ويغادرون المنزل وقد يفقد زوجته فيجد نفسه وحيدا، وهذه الوحدة اضافة الى الفراغ قد تصيبه بالاكتئاب. علامات اكتئاب تتدعم مع الاحساس بأنه على شفا الموت لاسيما اذا ما كان يشكو من وهن بجسمه. عند نسبة من الشيوخ التقاعد يفرز بعض اضطرابات نفسية وهو امر يجب ان تنتبه اليه العائلات وتأخذه بعين الاعتبار». ويؤكد الاخصائي النفساني على الدور المهم للجمعيات والنوادي ومختلف الأنشطة الثقافية والترفيهية الاخرى التي من شأنها ان تُرجع امثال هؤلاء الى حياة حاولوا برهافة مشاعرهم ان يطردوا انفسهم منها.