يمكن للمدعي أن يتخلّى كليا أو جزئيا عن دعواه وذلك بعد عدوله عن طلباته، ولا يقبل إلا التخلّي الصريح، كما يجوز للمدعي طلب طرح القضية وفي هذه الحالة يمكنه رفع دعواه من جديد مع مراعاة شروط القيام، وهو ما نصّ عليه الفصل 32 (جديد) من قانون المحكمة الادارية التي أصدرت قرارا في هذا الاتجاه يوم 15 أفريل 2003 في القضية عدد /10239. والدعوى رفعها أستاذ جامعي ضد عميد كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بالمهدية لرفضه تجيد مطلب ترشحه كمساعد عرضي للتدريس بالكلية، وقد اطلعت المحكمة على الوقائع التي آلت الى صدور القرار المطعون فيه والتي مفادها أن العارض قدّم مطلبا للتدريس كمساعد عرضي بكلية العلوم الاقتصادية والتصرف بالمهدية الا أن مكتب الضبط رفض تسليمه وصلا في الغرض، الأمر الذي اضطرّه الى توجيهه عن طريق عدل منفذ، ولما تبيّن له أنه لم يحض بالقبول قام بقضية طالبا الغاء قرار الرفض المذكور ناعيا عليه خرق القانون والتنكّر لمبدإ المساواة والتكافؤ بين الفرص. وردّت الادارة على ذلك في تقرير طلبت فيه رفض الدعوى استنادا الى أن العميد لم يمتنع عن تسلّم مطلب ترشح العارض للتدريس كمساعد عرضي وإنما أشار عليه فقط بإيداعه بمكتب الضبط باعتباره السلطة المختصة بذلك فضلا عن أن انتداب المساعدين العرضيين يخضع الى سلطتها التقديرية التي تقرّرها حسب الشغورات الموجودة ومدى توفر الاطار الكافي للتدريس من عدمه، ذلك أنه سبق لها أن انتدبت العارض خلال السنة الجامعية 2001/2000 للتدريس بصفة عرضية باعتبار حداثة الكلية وعدم توفر الاطار الكافي للتدريس خاصة في المواد القانونية ثم وفي مستهل السنة الجامعية 2002/2001 وفّرت سلطة الاشراف الاطار المدرّس اللازم من مساعدين قارين ومتعاقدين وهو ما آل الى رفض مطلب المعني بالأمر باعتبار عدم حاجة الكلية لخدماته. واعتبر العارض أن امتناع العميد، باعتباره أعلى سلطة ادارية بالكلية، عن تسلّم مطلب ترشحه بصفة شخصية انما يؤكد نوايا الادارة الاقصائية منذ البداية مبينا من جهة أخرى بأن ردود جهة الادارة جاءت مجرّدة حيث برّرت فيها رفض مطلب ترشحه بعدم وجود شغورات دون أن تقدم أي دليل مادي على أقوالها كمدّ المحكمة مثلا بمحضر مداولات المجلس العلمي. وبعد ذلك قدّم المدعي في 7 مارس 2003 مطلبا طلب فيه طرح القضية، وبعد أن اطلعت المحكمة الادارية على كافة مظروفات الملف وعلى القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في 1 جوان 1972 والمتعلق بالمحكمة الادارية كما تمّ تنقيحه واتمامه بالنصوص اللاحقة له وخاصة منها القانون الأساسي عدد 39 لسنة 1996 المؤرخ في 3 جوان 1996، وبعد أن أعادت التذكير بالوقائع استندت الى منطوق الفصل 32 (جديد) من قانون المحكمة الادارية والذي ينصّ على أنه «يمكن للمدّعي أن يتخلّى كليا أو جزئيا عن دعواه وذلك بعد عدوله عن طلباته ولا يُقبل إلاّ التخلّي الصريح، ويجوز للمدّعي طلب طرح القضية وفي هذه الحالة يمكنه رفع دعواه من جديد مع مراعاة شروط القيام» ورأت المحكمة أنه طالما كان مطلب الطرح صريحا ومتماشيا مع مقتضيات الفصل 32 (جديد) فإنه يتجه قبول مطلب ا لطرح وتحميل المدعي المصاريف القانونية.