احتضنت المدرسة العليا للفلاحة بماطر خلال الأسبوع الماضي ندوة جهوية نظمها الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري ببنزرت وأشرف عليها السيدان سالم الجريبي والي بنزرت ومبروك البحري رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وخصصت لتدارس أوضاع المناطق السقوية بالولاية وآفاقها المستقبلية. الفلاحون المشاركون في هذه الندوة تدارسوا أوضاع المناطق السقوية حاضرا ومستقبلا انطلاقا من التجارب التي خاضوها طيلة مدة عملهم في هذا الميدان كما استعرضوا الإشكاليات التي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة. ومن ذلك أن ترويج إنتاج المناطق السقوية غير مضمون باستمرار إذ يباع الانتاج أحيانا بأسعار لا تغطي الكلفة، كما لا توجد آلية تسمح بامتصاص فائض الانتاج كالخزن والتحويل. أما طريقة التصرف في مياه الري فهي غير ملائمة ناهيك وأنه كثيرا ما يتم قطع الماء عن المزروعات سواء نتيجة عطب طرأ على شبكة الري أو بسبب عدم خلاص معلوم الاستهلاك من قبل الأفراد أو الجمعيات. وإلى ذلك فإن البنية الأساسية تبقى منقوصة في بعض المناطق كالطرقات وتجديد شبكات الري التي أصبحت غير صالحة. مرصد ولجنة وانطلاقا من الاشكاليات والصعوبات التي استعرضها الفلاحون خلصت الندوة إلى جملة من الحلول التي من شأنها أن تعطي دفعا قويا لقطاع الفلاحة السقوية بالجهة. وقد صيغت هذه الحلول في شكل توصيات دعت إلى العمل على ضمان الترويج من خلال اعتماد برمجة الانتاج حسب حاجيات البلاد ومتطلبات التصدير واعتماد العقود بين الفلاحين والمصنعين والفلاحين والتجار «كالهباطة» مثلا، واحداث مرصد لكلفة الانتاج يؤخذ رأيه بعين الاعتبار عند تحديد تسعيرة المنتوج والبحث عن زراعات غير تقليدية تكون ذات مردودية كالنباتات الطبية والعطرية وغيرها والإنتاج البيولوجي وذلك باستغلال قطع تجريبية بالمناطق السقوية للوقوف على مردودية هذه الزراعات وعند الاقتضاء إقحامها في المناطق السقوية. وتفعيلا لعملية التصدير أوصى المشاركون بتكوين لجنة تمثل اتحادي الفلاحة والصناعة والتجارة ووزارتي التجارة والفلاحة، للبحث عن أسواق خارجية جديدة وتشخيص المنتوج المطلوب للتصدير واقحامه في المناطق السقوية. وفي ما يتعلق بآليات الخزن والتحويل أوصوا بتفعيل دور مجامع التنمية وفق الأهداف التي بعثت من أجلها والتي تشمل جميع المجالات تقريبا من إرشاد وتزويد الفلاحين بمستلزمات العمل وترويج المنتوج في الداخل والخارج وغيرها. أما في ما يتعلق بالتصرف في مياه الري فقد أوصت الندوة بالعمل على صيانة شبكات الري وتجديدها عند الضرورة والإسراع في إصلاح العطب كلما طرأ وذلك بتوفير وحدة تدخل سريع مجهزة بما يلزم لتفادي ضياع المياه، من جهة، ولتجنب قطعها والإضرار بالمزروعات، من جهة أخرى، وعدم اللجوء إلى قطع الماء عن المزروعات عند عدم خلاص معلوم الإستهلاك سواء من قبل مجمع أو من قبل فرد من المجموعة المرتبطة بعداد جماعي رغم أن بقية أفراد المجموعة تكون قد سددت المبالغ المطالبين بها. المديونية والتخصّص كما أوصت بتجهيز المستغلات بعدادات فردية واعتماد تسعيرة موحدة لمياه الري في كامل الجمهورية، مع التخفيض فيها قدر الإمكان والإبقاء على الأسعار التفاضلية لبعض المنتوجات ومعالجة مديونية ماء الري بالنسبة إلى المجامع والفلاحين بالمرونة الممكنة. وحرصا على جودة التكوين والتأطير الفني والبحث التنموي دعت الندوة إلى تكوين اليد العاملة المختصة في الزراعات السقوية من حيث التسميد والمداواة والميكنة والتعليم واللف والتكييف والتبريد لضمان جودة الإنتاج والقادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية وايجاد صيغ مناسبة لحسن التأطير الفني للمنتجين والتجديد التكنولوجي من خلال بحوث تنموية مناسبة، كما دعت في مجال البنية الأساسية إلى تعبيد الطرقات وصيانتها وحماية بعض المناطق السقوية من الفيضانات والانجراف. ويبقى الهدف من هذه التوصيات هو الارتقاء بالفلاحة في ولاية بنزرت إلى المستوى الذي تتحقق معه الأهداف المنشودة وهي تحقيق انتاج أوفر ونوعية أفضل قادرة على المنافسة واقتحام الأسواق الخارجية وبالتالي مردودية أحسن للفلاح.