دعت مؤسسة بحث أمريكية رئيسية لها علاقات مع وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون) الولاياتالمتحدة وحلفاءها إلى ضرورة التصدي لما أسمته «قوى الإسلام الراديكالي» التي تتهمها بزعزعة الاستقرار بكسب تفهم أفضل لوجهات النظر ذات الأفق الواسع بين المسلمين الذين يمكن أن يكونوا حلفاء محتملين والآخرين المعادين المصممين على ذلك. وتدعو «راند كوربوريشن» في دراسة تصدر اليوم الخميس بعنوان «الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء، المصادر والاستراتيجيات» إلى اتباع استراتيجية يمكنها أن تفرق بين المسلمين الذين يمكن إقامة علاقات سلمية وحوار معهم والمسلمين المتطرفين الذين لا تتفق قيمهم بصورة أساسية مع الديمقراطية والنظام الدولي المعاصر. وذكرت الدراسة التي أعدتها المحللة في راند، شيرول بينارد أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها بحاجة إلى أن يكونوا أكثر تمييزا بشأن الطريقة التي ينظرون فيها ويتعاملون فيها مع المجموعات التي تدعو نفسها إسلامية. وقالت «إن هذه التسمية غامضة ولا تساعدنا في الحقيقة عندما نتطلع إلى تشجيع المبادئ التقدمية والديمقراطية في الوقت الذي نكون فيه مؤيدين للمعتقدات الدينية.» وتتحدث الدراسة عن عدد من الموضوعات الرئيسية أو «القضايا المميزة» مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والعقوبات الجنائية والجهاد ووضع الأقليات ومبدأ الدولة الإسلامية التي تكشف الأيديولوجية الأساسية لأي مجموعة. وتقول الدراسة أنه بمقارنة مواقف المجموعات حول القضايا المميزة مع المعتقدات الإسلامية المقبولة عموما فإن المجموعات الأكثر تطرفا غالبا ما تأخذ مواقف مناقضة بصورة واضحة للإسلام على الرغم من ادعائها أنها تمثل الإسلام. مواصفات امريكية وتعطي الدراسة للمجموعات والأفراد مكانة ضمن سلسلة من المواصفات ترتكز على قيم هذه المجموعات بحيث يكون الإسلام الراديكالي في إحدى النهايات والعلمانية الراديكالية في الجهة المقابلة. ومعظم المجموعات تأتي في مواقع بين هاتين المجموعتين ويمكن تصنيفها ك»أصوليين وتقليديين وعصريين وعلمانيين». وإحدى الميزات الرئيسية للأصوليين الراديكاليين، حسب وصف الدراسة، هو عداؤهم المكشوف والهجومي تجاه الولاياتالمتحدة يرافقه هدف تخريب وتدمير المجتمع الديمقراطي. وتزعم الدراسة أن الأصوليين يريدون فرض وتوسيع نطاق الالتزام بالإسلام، الذي يفسرونه في الغالب بطرق غريبة لا تؤيدها النصوص التقليدية والمصادر، من خلال القوة والعنف والإرهاب، وأي وسائل أخرى ضرورية. أما التقليديون فإنهم يميلون إلى التركيز على إبقاء مجتمعاتهم وأسرهم في إطار إسلامي يتسم بالتقوى ولا يميلون إلى تحدي الدولة ومعارضة الإرهاب. وهم غالبا، حسب الدراسة، يفتقرون إلى التعليم حتى بشأن مبادئ عقيدتهم معتمدين بدلا من ذلك على الخلافات والتقاليد المحلية. وفي كثير من الأماكن ساهم هؤلاء في حالة الركود والكسل ولم يساعدوا مجتمعاتهم على الازدهار والتقدم. أما العصريون والعلمانيون فإن الدراسة تجد أنهم متحالفون بصورة أوثق مع الغرب في قيمهم وسياساتهم على الرغم من أن من تصفهم ب»العلمانيين المتطرفين» يمكن أن يكون لديهم وجهات نظر متطرفة تضعهم خارج حدود الديمقراطية (ذات الوصفة الأمريكية). وتقول الدراسة أن العلمانيين يهبون على مدى أبعد ويحثون المسلمين على قبول الفكرة الغربية في الفصل بين الدين والدولة وتضيف الدين كمسألة خاصة. وصفة... للحوار وترى الدراسة أنه يجري رفع الأصوات بصورة متزايدة إزاء وجهات نظر العصريين التحديثيين والعلمانيين بصورة متزايدة في العالم الإسلامي في الوقت الذي يكافح فيه لفهم التحديات السياسية والاقتصادية المعاصرة والتوافق معها. ولكن الدراسة تقول أنه من النادر أن تسمع هذه المواقف في الغرب الذي يميل إلى إعطاء اهتمام غير متكافئ للأصوليين، وبخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 . وتحذر الدراسة من أن التركيز على الأصوليين يغطي على التفهم الغربي لمدى وعمق النقاش بين المسلمين اليوم. وتقول أن الأسلوب الأكثر فعالية للحوار مع العالم الإسلامي قد يشمل مزيجا من العناصر الاستراتيجية التالية: دعم المعتدلين أولا. ولكسب الإدراك والتنافس مع التفسيرات الراديكالية القوية للإسلام واجتذابها الشباب لموقفها، فإن باستطاعة الغرب مساعدة الراغبين في التعاون الذين أسمتهم «الإسلاميين المعتدلين» على نشر وجهات نظرهم في أوساط الجماهير من خلال وسائل متعددة وتشمل هذه الوسائل التعليم والإعلام والكتب والإذاعات والتلفزيون والصحف ومواقع الانترنيت والمؤسسات والمنظمات المدنية المستقلة والمجتمع المدني. ويتلقى الأصوليون دعما ضخما من الراديكاليين الذين يدعمونهم. ويجب على الغرب أن يساعد في تمهيد الساحة بجعل وجهات النظر الإسلامية البديلة متوفرة لجمهور المسلمين. وتعتقد الدراسة أن لدى وجهة نظر المعتدلين الإمكانية للتأثير واجتذاب الشباب إذا وجدت لديهم الفرصة لسماعها. دعم التقليديين ضد الأصوليين. وترى الدراسة أن لدى التقليديين الميل لتكون معتدلة وتجنب العنف ولديهم قادة يحوزون على الاحترام وينظر إليهم كشرعيين في أجزاء كبيرة من العالم الإسلامي. وكنتيجة لذلك فإن التقليدية يمكن أن تكون العلامة المميزة ضد الأصولية. وأنه لكي يكون التقليديون أكثر فعالية فإنهم قد يحتاجون إلى الدعم على شكل تعليم لأنهم في الغالب على مستوى متدن من التعليم، وليسوا على اتصال مع العالم الواسع ويكونون خارج نطاق جماعتهم عندما يتعلق الأمر بالنقاش ضد الأصوليين المفوهين. مجابهة أو معارضة الأصوليين الذين تقول الدراسة أنهم يدعون تمثيلهم الإسلام الحقيقي النقي. وترى الدراسة أن هذا يمكن تحديه على عدة مستويات. وفي هذا الصدد تقول الدراسة أن عنف المسلمين الوطنيين الذين تسميهم «الأصوليين» هو ضد الناس الأبرياء، والأخطاء الواضحة في تفسيرهم للمبدأ الإسلامي، وارتباطاتهم بالذين يدعمونهم من الفاسدين والمنافقين ينبغي أن ينشر بشكل أفضل من أجل القضاء على الصورة البطولية التي يحصلون عليها من الجماهير. ويمكن تعميم انتقاد التقليديين للعنف والأصولية المتشددة. دعم انتقائي للعلمانيين. وتقول الدراسة أنه حتى بعض المسلمين الأقوياء دينيا يؤيدون فكرة فصل الدين عن الدولة وأن هذا الفصل يمكن أن يعزز الإسلام ويوفر أساسا قويا لمجتمع سلمي عصري. وترى الدراسة أنها وجهة نظر أقلية ولكن ينبغي الاهتمام بها حينما يكون ذلك مناسبا. وتدعو الدراسة لمجابة الوطنيين الإسلاميين إلى العمل على تشويه معتقداتهم وأعمالهم التي تصفها بالتطرف والإجرام. مؤكدة على أن ذلك «يهدد شرعية نظام الاعتقاد الأصولي» وهو ما يتحقق وفق ما تقوله الدراسة «بإيجاد الشك داخل أعضاء هذه الجماعة وإظهار عجزها على القيادة أو إحداث تغييرات إيجابية وتصويرهم كإرهابيين جبناء ومزعجين».