مستشفى جندوبة .. استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    وزير الخارجية يلقي كلمة تونس في منتدى تحالف الأمم المتحدة للحضارات    عاجل/ يهم صابة زيت الزيتون: وزارة الفلاحة تعلن..    عملية سيدني.. مواطن مسلم ينقذ عشرات اليهود من الموت ويحرج نتنياهو..!    مصر تلوح بعمل عسكري ضد سد النهضة: "المفاوضات انتهت"    تظاهرة بصفاقس لإحياء الذكرى التاسعة لاغتيال الشهيد محمد الزواري    بطولة الرابطة المحترفة الثانية (الجولة 13-الدفعة2): النتائج و الترتيب..    الالعاب الافريقية للشباب (لواندا 2025): تونس تعزز رصيدها بفضية و برونزيتين    الطقس هذه الليلة..    مؤشرات حول حوادث الطرقات    مجمع موزعي النظارات يرحب بالفصل 72    قبل مباراة جمعت الفريقين.. اشتباكات عنيفة بين جماهير جنوة وإنتر الايطاليين    في هجوم خلّف 12 قتيلا خلال عيد يهودي بأستراليا ...مسلم يمنع ارتكاب مذبحة    العاصمة: يقتل جاره طعنا وشقيقته تُخفي أداة الجريمة... هذا ما حدث    بشرى للسينمائيين التونسيين إثر صدوره بالرائد الرسمي .. إحداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري    في كتابه الجديد «المدينة في زمن الباشا بايات» .. د.محمد العزيز بن عاشور يؤرخ للمدينة العتيقة ول«البلديّة»    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة التاسعة    تقرير دولي: تونس من أقل الدول الإفريقية تعرضا لمخاطر تبييض الأموال... التفاصيل    بمشاركة عديد الدول.. ادارة مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل تعلن عن موعد الدورة 38    كأس العرب قطر 2025: مدرب منتخب الأردن يؤكد السعي لبلوغ النهائي على حساب السعودية في مباراة الغد    تطاوين: انطلاق الشباك الموحد للحجيج لموسم 1447 ه / 2026 م لفائدة 133 حاجًا وحاجة    كيفاش تتكوّن العاصفة المتوسطية علاش تنجم تتطور إلى إعصار متوسطي؟    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    عاجل: ''poudre talc'' مشهورة مرفوعة ضدها قضية بسبب مريضتي سرطان...شنيا الحكاية؟    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    وفاة تونسي في حادث مرور بليبيا..وهذه التفاصيل..    حجز 30 غراما من الماريخوانا لدى شخص عاد مؤخرا من ألمانيا..#خبر_عاجل    المعابر الحدودية بجندوبة تسجل رقما قياسيا في عدد الوافدين الجزائريين..    كأس تونس.. الجامعة تعلن عن موعد سحب قرعة الدور التمهيدي    مدنين / بلدية بن قردان تنطلق في تركيز 390 نقطة انارة عمومية من نوع "لاد" بالطريق الرئيسية ووسط المدينة    عاجل: منخفض جوي قوي يضرب المغرب العربي.. أمطار غزيرة وثلوج كثيفة في الطريق    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    المسار الحالي لتونس في مجال السلامة المرورية يقود الى تسجيل 74 الف وفاة و 235 الف اصابة بحلول سنة 2055    دورة شتوية بمدينة العلوم متخصصة في علم الفلك الرقمي باستخدام "بايثون من 24 الى 27 ديسمبر الجاري"    عاجل: التاكسي الفردي يلوّح بالإضراب بعد تجاهل المطالب    كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني    الإطار الطبي للمنتخب يتابع الحالة الصحية لنعيم السيتي للمشاركة في كأس إفريقيا    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    عاجل: الأطباء يحذرون...الطب الشعبي قد يؤدي للوفاة عند الأطفال    أزمة وطنية: أكثر من 1500 مريض ينتظرون زرع الكلى    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    اريانة: مندوب الفلاحة بالجهة يؤكد اهمية مشاركة مجامع التنمية الفلاحية بالصالون الدولي "افريكا فود"    اعتقال سوري ومصري و3 مغاربة في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    تنطلق اليوم: لجان تحكيم أيام قرطاج السينمائية    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصفة أمريكية جديدة لبناء شبكات الإسلاميين "المعتدلين" (1-2)
نشر في الوسط التونسية يوم 08 - 02 - 2008

لا يزال الغرب مسكوناً بهاجس التطرف الإسلامي، ولا تزال الكثير من مؤسسات ومراكز الأبحاث الأمريكية تقوم بالعديد من الدراسات والأبحاث حول كيفية تقويض والحد من المد الأصولي الذي تراها عنصراً رئيسياً في تهديد المصالح الغربية حول العالم.
ويعتقد البعض أن أحد الأدوات الرئيسية لمواجهة هذا المد المتصاعد تكمن في تقوية ما أطلق عليه تيارات "الإسلام المعتدل" باعتبارها حائط الدفاع الأول في مواجهة انتشار التطرف والتشدد في العالم الإسلامي. وتعتبر الدراسة التي أعدتها شارلي بينارد الباحثة بمؤسسة "راند" للدراسات ونشرت عام 2004 أحد العلامات البارزة في هذا المجال، والتي صنفت فيها الإسلام السياسي إلي أشكال متعددة، كان أهمها "الإسلام المعتدل".
قبل أيام قليلة أصدرت مؤسسة "راند" دراسة شاملة حول " بناء شبكات من المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي" شارك فيها أربعة باحثين في مقدمتهم شارلي بينارد وأنجل رابسا ولويل شوارتز وبيتر سكيل.
وتنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن الصراع مع العالم الإسلامي هو بالأساس "صراع أفكار" وأن التحدي الرئيسي الذي يواجه الغرب يكمن فيما إذا كان العالم الإسلامي سوف يقف في مواجهة المد الجهادي الأصولي، أم أنه سيقع ضحية للعنف وعدم التسامح.
وقد قامت هذه الفرضية علي عاملين أساسيين أولهما أنه علي الرغم من ضآلة حجم الإسلاميين الراديكاليين في العالم الإسلامي، إلا أنهم الأكثر نفوذاً وتأثيراً ووصولا لكل بقعة يسكنها الإسلام سواء في أوروبا أو أمريكا الشمالية. وثانيهما ضعف التيارات الإسلامية المعتدلة والليبرالية والتي لا يوجد لديها شبكات واسعة حول العالم كتلك التي يملكها الأصوليون.
وانطلاقاً من هذه الفرضية فإن الخيط الرئيسي في الدراسة يصب في منحي ضرورة قيام الولايات المتحدة بتوفير المساندة للإسلاميين المعتدلين من خلال بناء شبكات واسعة وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم لبناء حائط صد في مواجهة الشبكات الأصولية. وفي هذا الإطار تضع الدراسة ما تطلق عليه "خارطة طريق" يمكن للولايات المتحدة السير عليها من أجل خلق أجيال من الإسلاميين المعتدلين يمكن من خلالهم مواجهة التيارات الأصولية. وتوصي الدراسة بإمكانية الاستفادة في بناء هذه الشبكات من تجربة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق طيلة النصف الأخير من القرن الماضي.
تنقسم الدراسة، التي تقع في 217 صفحة، إلي مقدمة وعشرة أجزاء، يمكن استعراضها علي حلقتين، وفي هذه الحلقة نتعرض للأفكار التالية:
تكتسب التفسيرات الراديكالية للإسلام مساحة كبيرة في المجتمعات الإسلامية، وذلك لأسباب عديدة منها انتشار الأدبيات والمصادر المتشددة لشرح الدين الإسلامي، فضلاً عن المناخ السلبي الذي تفرزه البنية السلطوية للنظم السياسية في العالم الإسلامي، ناهيك عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي تجعل المسجد بمثابة المؤسسة الوحيدة التي تستوعب مشاعر الإحباط وعدم الرضاء لدي العديد من المسلمين.
وانطلاقاً من هذه الخلفية يقدم الإسلاميون الراديكاليون أنفسهم باعتبارهم البديل الوحيد للأنظمة الاستبدادية وللخروج من هذه الحال المأساوية. وهم يديرون معركتهم مع هذه النظم من خلال استخدام وسائل الإعلام والمنابر السياسية المختلفة لرفع درجة السخط واليأس السياسي لدي المجتمعات من الأوضاع القائمة.
وفي كل الأحوال ينجح الراديكاليون والنظم السلطوية في تهميش وإضعاف ما يمكن أن يطلق عليه "المسلمين المعتدلين" وذلك علي غرار ما يحدث في مصر وإيران والسودان. حيث يواجَه هؤلاء إما بالقتل أو بالهروب خارج بلادهم.
ويمتلك الراديكاليون مزيتين لا تتوافرن لنظرائهم من المعتدلين أولاهما، التمويل، وفي هذا الإطار تشير الدراسة إلي الدور الذي قامت به السعودية في تمويل الإسلاميين المتشددين من أجل نشر المذهب الوهابي خارج السعودية وذلك علي مدار ثلاثة عقود. وثانيتهما التنظيم القوي الذي يتمتع به الراديكاليون، حيث نحج هؤلاء بحسب في بناء وتطوير شبكات تنظيمية علي مدار السنوات الماضية من أجل مد أنشطتها إلي خارج بلدانها.
وتمكن هاتين المزيتين الإسلاميين الراديكاليين من الانتشار والتأثير، وذلك برغم ضآلتهم العددية مقارنة بالمعتدلين، وهو ما يفرض علي الولايات المتحدة ضرورة العمل من أجل توفير هذه المزايا لدعم موقف المعتدلين، ويمكن في هذا الإطار الاستفادة مما قامت به الولايات المتحدة لمواجهة الاتحاد السوفيتي السابق عبر بناء شبكات من المتحالفين والشركاء داخل البلدان الاشتراكية والشيوعية وذلك عبر استخدام كافة الوسائل بما فيها الأنشطة الخفية لوكالة الاستخبارات المركزية CIA.
بيد أن صناع السياسة في الولايات المتحدة يواجهون، بحسب الدراسة، ثلاثة تحديات رئيسية تختلف كلياً عما كان عليه الحال إبان الحرب الباردة. أولها، يتعلق بصعوبة الاختيار بين استراتيجيتي الدفاع أم الهجوم، فالبعض فضل اللجوء للاستراتيجية الهجومية من أجل خلخلة النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق، من خلال خلق شبكات داخلية لمهاجمة كافة الحكومات الشيوعية. في حين اعتقد البعض الأخر ضرورة اللجوء للاستراتيجية الدفاعية من خلال اعتماد استراتيجية "الاحتواء" من خلال دعم الحكومات الديمقراطية في أوروبا الغربية وآسيا وأمريكا اللاتينية.
التحدي الثاني يتمثل في كيفية حفاظ الحلفاء المحليين علي مصداقيتهم أمام شعوبهم بسبب ارتباطهم بالولايات المتحدة، ولذا فقد حاولوا وضع مسافة واضحة بين أنشطتهم وعلاقتهم بواشنطن.
أما التحدي الثالث فيتمثل في شكل وبنية التحالف الذي يمكن بناءه في مواجهة الشيوعية، وهل يتم من خلال العلاقة مع الاشتراكيين السابقين الذي تحولوا ضد الشيوعية، ولكنهم أيضا ينتقدون السياسة الخارجية الأمريكية، أم البحث عن شركاء آخرين؟ وفي النهاية لجأت الولايات المتحدة إلي بناء تحالف كبير يضم جميع من ينتقد الأيديولوجية الشيوعية، لذا تم تأسيس ما يطلق عليه "كونجرس الحرية الثقافية".
وقد وضعت الدراسة جدولاً توضيحياً لمعرفة الفروق الرئيسية بين استراتيجية بناء الشبكات إبان مرحلة الحرب الباردة، وبناءها في الوقت الراهن وذلك علي النحو التالي:
المتغير
بيئة الحرب الباردة
بيئة الشرق الأوسط
دور المجتمع المدني
قوي
ضعيف - في حالة نمو
العلاقة بين الولايات المتحدة والحكومات المستهدفة
خصومة مفتوحة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي
ينظر لشبكات دعم الديمقراطية باعتبارها محاولة من الولايات المتحدة لزعزعة استقرار النظم السلطوية
نظرة المجتمعات للدور الأمريكي
ينظر للولايات المتحدة باعتبارها قوة تحرير
لا ينظر إلي الولايات المتحدة باعتبارها قوة تحرير
العلاقات التاريخية والثقافية
قوية
ضعيفة
أيديولوجية الخصم
علمانية
دينية
طبيعة الشبكات المعارضة
تحكم مركزي
مفككة وغير مركزية
التحديات العملية
أقل تعقيداً
أكثر تعقيداً
وتشير الدراسة إلي أن أهم الشركاء "المحتملين" في مواجهة الإسلام الراديكالي هم المسلمون الليبراليون والعلمانيون الذين يؤمنون بقيم الليبرالية الغربية وأسلوب الحياة في المجتمعات الغربية الحديثة.والذين يمكن من خلالهم محاربة الأيديولوجية الإسلامية المتشددة والراديكالية، ويمكن أن يكون لهم دور مؤثر في "حرب الأفكار".
بيد أن الدراسة تؤكد علي أنه لابد من توفير كافة مصادر التمويل التي تمكن هؤلاء المعتدلين من نشر أفكارهم وحصد مؤدين وأنصار لهم داخل المجتمعات الإسلامية، وتوفير الدعم السياسي من خلال الضغط علي الحكومات السلطوية للسماح لهم بالتحرك بحرية ودون قيود.
الجهود الأمريكية لكبح جماح الإسلام الراديكالي
مثلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، دافعاً قويا للإدارة الأمريكية من أجل إعادة تقييم سياسات ومشروعات الأمن القومي الأمريكي، وقد تم تخصيص موارد كثيرة من أجل توفير الحماية للأراضي الأمريكية ومواطنيها من أية تهديد إرهابي. وهو ما أسفر عن زيادة مخصصات الجيش الأمريكي وأجهزة الاستخبارات الأمريكية فضلاً عن تدشين وزارة للأمن الوطني. واتسعت برامج مكافحة الإرهاب لتشمل ليس فقط محاكمة ومقاضاة المتورطين في الأنشطة الإرهابية، وإنما أيضا التعاطي مع المصادر الحقيقية والبعيدة للإرهاب، ممثلة في إعادة هيكلة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلدان التي تمثل مصدراً رئيسياً لظهور الإرهابيين، وذلك علي حد وصف الدراسة. وهو ما ترجم عملياً في وثيقة "استراتيجية الأمن القومي الأمريكي" التي أصدرتها الإدارة الأمريكية في سبتمبر عام 2002، والتي تبنت فكرة نشر الديمقراطية والحرية خارج الحدود الأمريكية، أو ما أطلق عليها الرئيس بوش في خطابه الشهير أوائل عام 2002 "أجندة الحرية".
وتؤكد الدراسة أنه رغم الجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية طيلة الأعوام الخمس الماضية لنشر الديمقراطية والحرية، والدفع نحو مزيد من الإصلاح السياسي في البلدان السلطوية، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة ودفعت نحول حال من عدم الاستقرار في بعضها، في حين لم تحقق تقدماً يذكر في بلدان مثل باكستان ومصر.
وتلفت الدراسة الانتباه إلي أن "أجندة الحرية" اعتبرت الاستراتيجية الكبرى Grand Strategy لإدارة الرئيس بوش لم تركز علي إيجاد حلفاء يمكن الاعتماد عليهم في بناء شبكات من المسلمين المعتدلين، وتري أن التحدي الحقيقي الذي يواجه الولايات المتحدة، والدول الغربية عموماً، يكمن في عدم امتلاكهم استراتيجية واضحة عن ماهية هؤلاء المعتدلين، وما هي فرص بناء شبكات تحالفيه معهم، وما هي أفضل السبل لتحقيق هذا الهدف؟
وعطفاً علي عدم وضوح الرؤية الأمريكية فيما يخص "حرب الأفكار" فقد لجأت إلي مجموعة من السياسات التقليدية مثل فرض الدمقرطة والحكم الرشيد، ودعم المجتمع المدني، ودعم التحرير السياسي والاقتصادي، وتغيير المناهج التعليمية والتثقيفية، فإنها قد وضعت نفسها في مواجهة ثلاثة مخاطر رئيسية أولها يتعلق بفقدان البوصلة، حيث فقد بعض الإسلاميون المعتدلون قدراً من مصداقيتهم بسبب العلاقة مع الولايات المتحدة كما هو الحال مع حزب العدالة والتنمية المغربي، وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن. والثاني يتعلق بضياع الوقت والجهد بسبب ازدواجية الأنشطة التي تقوم بها الهيئات غير الحكومية. والثالث هو ضياع الفرص الحقيقية للتغيير، وذلك بسبب التداخل الشديد في الاتصالات والعلاقات البينية التي تمارسها البيروقراطية الأمريكية.
وسط هذا الوضع المعقد تضيع الجهود الأمريكية للتعرف علي المسلمين المعتدلين وتوفير الدعم اللازم لجهودهم. لذا تقرر الدراسة أن بناء شبكات المسلمين المعتدلين يمكن أن تتم من خلال ثلاثة مستويات أولها مساندة الشبكات القائمة، وثانيها التعريف الدقيق للشبكات المحتملة ودعم نموها، وثالثها تعزيز قيم التعددية والتسامح التي قد تساهم في نمو هذه الشبكات.
خارطة طريق لبناء شبكات الإسلاميين المعتدلين في العالم الإسلامي
تشير الدراسة إلي أن نقطة البدء الرئيسية التي يجب علي الولايات المتحدة البدء بها في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين تكمن في تعريف وتحديد هوية هؤلاء الإسلاميين. وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلي أنه يمكن التغلب علي صعوبة تحديد ماهية هؤلاء المعتدلين من خلال اللجوء إلي التصنيفات التي وضعتها بعض الدراسات السابقة التي قام بها بعض باحثي معهد راند مثل دارسة شارلي بينارد "الإسلام المدني الديمقراطي"، ودراسة "أنجل رابسا" "العالم الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر".
ولهذا الغرض فقد وضعت الدراسة بعض الملامح الرئيسية التي يمكن من خلالها تحديد ماهية الإسلاميين المعتدلين أهمها ما يلي:
1- القبول بالديمقراطية: يعتبر قبول قيم الديمقراطية الغربية مؤشراً مهماً علي التعرف علي الإسلاميين المعتدلين، فبعض الإسلاميين يقبل بالنسخة الغربية للديمقراطية، في حين أن البعض الأخر يقبل منها ما يتوائم مع المبادئ الإسلامية خصوصاً مبدأ "الشورى" ويرونه مرادفاً للديمقراطية.
كما أن الإيمان بالديمقراطية يعني في المقابل رفض فكرة الدولة الإسلامية التي يتحكم فيها رجال الدين كما هو الحال في إيران، لذا يؤمن الإسلاميون المعتدلون بأن لا أحد يملك الحديث نيابة عن "الله".
2- القبول بالمصادر غير المتعصبة في تشريع القوانين: وهنا تشير الدراسة إلي أن أحد الفروق الرئيسية بين الإسلاميين الراديكاليين والمعتدلين هو الموقف من مسألة تطبيق الشريعة. فالتفسيرات التقليدية للشريعة لا تتناسب مع مبادئ الديمقراطية، ولا تحترم حقوق الإنسان، وتدلل الدراسة علي ذلك من خلال مقال للكاتب السوداني "عبد الله بن نعيم" قال فيه بأن الرجال والنساء والمؤمنين وغير المؤمنين لا يمتلكون حقوقاً متساوية في الشريعة الإسلامية.
3- احترام حقوق النساء والأقليات الدينية: وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلي أن المعتدلين أكثر قبولاً بالنساء والأقليات المختلفة دينياً، ويرون بأن الأوضاع التمييزية للنساء والأقليات في القرآن يجب إعادة النظر فيها، نظراً لاختلاف الظروف الراهنة عن تلك التي كانت موجودة إبان العصري النبوي الشريف. وهم يدافعون عن حق النساء والأقليات في الحصول علي كافة المزايا والحقوق في المجتمع.
4- نبذ الإرهاب والعنف غير المشروع: وهنا تؤكد الدراسة علي أن الإسلاميين المعتدلين يؤمنون، كما هو الحال في معظم الأديان، بفكرة "الحرب العادلة"، ولكن يجب تحديد الموقف من استخدام العنف، ومتي يكون مشروعاً أو غير مشروع؟
وفي نهاية هذا الجزء تضع الدراسة مجموعة من التساؤلات، أشبه بمقياس للفرز بين الإسلاميين المعتدلين، وأولئك الذين يتخفون وراء مقولات الاعتدال والديمقراطية كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وذلك علي حد قول الدراسة.
هذه الأسئلة هي بمثابة اختبار لإثبات مدي اعتدال أي جماعة إسلامية من عدمه وتتمثل فيما يلي:
- هل الجماعة تتساهل مع العنف أو تمارسه؟ وإذا لم تكن تتساهل معه فهل مارسته في الماضي؟
- هل الجماعة تؤيد الديمقراطية باعتبارها حق من حقوق الإنسان؟
- هل تحترم الجماعة كافة القوانين والتشريعات الدولية لحماية حقوق الإنسان؟
- هل لديها أية استثناءات في احترام حقوق الإنسان (مثل الحرية الدينية علي سبيل المثال)؟
- هل تؤمن بأن تغيير الديانة أحد حقوق الإنسان؟
- هل تؤمن بضرورة أن تطبق الدولة قانوناً جنائياً (الحدود) يتطابق مع الشريعة الإسلامية؟
- هل تؤمن بضرورة أن تفرض الدولة قانوناً مدنياً متلائما مع الشريعة؟ وهل تؤمن بحق الآخرين في عدم الاحتكام بمثل هذا القانون والرغبة في العيش في كنف قانوني علماني؟
- هل تؤمن بضرورة أن تحصل الأقليات الدينية علي نفس حقوق الأغلبية؟
- هل تؤمن بحق الأقليات الدينية في بناء دور العبادة الخاصة بهم في البلدان الإسلامية؟
- هل تؤمن بأن يقوم النظام القانوني علي مبادئ غير دينية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.