توصّل فريق بحثي بجامعة صفاقس الى استخلاص أسمدة عضوية مركبة بعد نحو 10 سنوات من التجارب والدراسات عن طريق تثمين أصناف من الفضلات الصناعية مثل كسب الزيتون المستنفد (الفيتورة) ومادة المرجين السائلة والصلبة وفضلات الحلويات وفواضل الدواجن واللوز و»الجلجلان» وذلك بتخميرها وتسميدها.وقد تقرّر بناء على نجاح هذه التجربة احداث مؤسسة جديدة تضمّ باحثين وصنعيين بجهة صفاقس ستتولّى بداية من جوان المقبل انتاج أصناف متنوعة من الأسمدة العضوية، وهي أول موسسة من نوعها تحدث في تونس. وقال الأستاذ خالد المذيوب رئيس فريق البحث المذور الذي حضر أمس المؤتمر العربي الأوروبي للبيئة بمركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة ل»الشروق» إن النتائج أثبتت أن الأسمدة العضوية الجديدة قابلة لتوفير إنتاج يفوق الإنتاج الفلاحي العادي باستعمال السماد الحيواني بنسبة تتراوح بين 5 و15%، وقد تمّ استعمال هذه الأسمدة في العديد من الزراعات السقوية والعلفية وكانت نتائجها الايجابية واضحة للعيان.وأبرز الباحث أنه تمّ الاستناد الى دراسة فنية واقتصادية أثبتت جدوى التجربة فقد تبين من خلال هذه الدراسة أن الجزء الأكبر من الأراضي الفلاحية التونسية يفتقر الى المواد العضوية اذ لا تفوق نسبة هذه المواد 1% في نحو 80% من الأراضي كما تبين أن الفلاحين يشكون من نقص وعجز في السماد الحيواني يصل الى مليوني طن سنويا. هذا زيادة الى التهديدات البيئية والصحية المتأتية من الفواضل الصناعية المستعملة في انتاج الأسمدة العضوية.أكوام الفواضلوتقدّر الفواضل على الصعيد الوطني سنويا حسب الدراسة بنحو 200 ألف طن من الفيتورة و500 ألف طن من المرجين السائل و30 ألف طن من المرجين الصلب بعد التبخر (بصفاقس) و400 طن من قشور الجلجلان اضافة الى أكثر من 500 ألف طن من فضلات الدواجن و25 ألف طن من قشور اللوز وآلاف الأمتار المكعبة من فواضل الحلويات والفواضل السائلة لمصانع الحلوى (الناعورة). وتشكل هذه الفواضل مصدر خطر يتهدد البيئة وصحة الانسان بحكم الكميات الكبيرة من المواد العضوية التي تحتويها والتي تستهلك كميات كبيرة من الأكسيجان في الماء والتي تفرز تعفنات وروائح كريهة بفعل التفاعل الميكروبولوجي. ودعا الباحث في السياق نفسه الى ضرورة أن تتوفر قناعة عامة في تونس بأن تطور القطاع الفلاحي يستوجب انتاج واستعمال الأسمدة العضوية بالنظر الى خصوصية الأراضي الفلاحية الفقيرة الى هذه المواد وباعتبار العجز الحاصل في السماد الحيواني وباعتبار أن التسميد والتثمين هو أفضل طريقة تخلّص المصانع من أكوام الفواضل التي تشكل عبئا عليها وخطرا على البيئة وعلى صحة المواطنين.أسعار معقولةوبخصوص الأسعار ذكر الباحث خالد مذيوب أن الدراسة تناولت هذا العنصر وركزت على ضرورة استخدام فواضل ونفايات بأثمان معقولة حتى يمكن استخلاص أسمدة عضوية تكون أسعارها قريبة جدا من أسعار الأسمدة الحيوانية كما سيتم التحكم في الكلفة بتنويع النفايات والتعامل مع عدد كبير من المصانع. وباعتماد طرق علمية في التسميد تأخذ بعين الاعتبار ما تحتاجه الغراسات من مواد عضوية ومعدنية. يذكر أن قرار احداث مؤسسة لإنتاج الأسمدة العضوية تضم صناعيين وباحثين يدخل في اطار تنفيذ توجه الدولة القاضي بتركيز جيل جديد من المؤسسات يعتمد تشريك الباحثين في عملية الانتاج قصد استغلال نتائج بحوثهم في تطوير الانتاج وتحسين المردودية وابتكار منتوجات جديدة.