هي من بين المجموعة الأولى من القضاة الذين وقع تعيينهم بوظيفة قاضي أسرة سنة 1996 وهي وظيفة قضائية وقع احداثها لأول مرة في تونس سنة 996 . عملت لمدة 14 سنة بالقضاء عالجت خلالها مختلف القضايا المدنية والجزائية لتخصص في معالجة القضايا المتعلقة بالطفل والأسرة لال السنوات الثماني الأخيرة. فالسيدة نجيبة الشريف امرأة درست القانون وتضلعت فيه بدأ طموحها بالحصول على الاجازة في الحقوق وكبر هذا الطموح ودفعها لمواصلة مشوارها الدراسي لتتحصل بعد ذلك على رتبة قاضي ثم مستشارة بمحكمة الاستئناف ثم قاضي أسرة سنة 1996 . القضاء والأسرة والكتابة ثلاث مهام استطاعت السيدة نجيبة الشريف التوفيق بينها وسجلت نجاحا ملموسا يترجم حرص هذه السيدة على نجاحها في الحياة ونحت شخصيتها المستقلة والطموحة. السيدة نجيبة الشريف أم لثلاثة أبناء شعارها في الحياة المحبة والتضامن واحترام الآخر والنظام وتحمل المسؤولية بصفتها الشمولية. بدأت حياتها ككل فتاة بالدراسة وارتأت اتمام دراستها الجامعية بشعبة الحقوق رغم حرص عائلتها على تزويجها. وبعد دراستها الجامعية بمرحلتيها الأولى والثانية وبعد حصولها على الاجازة في الحقوق بدأ طموح الارتقاء الى رتبة قاضية يداعبها وشاركت في المناظرة الوطنية للقضاء إلا أن الحظ لم يحالفها مما جعلها أكثر الحاحا واصرار على النجاح في هذه المناظرة وقد تم لها ما أرادت بعد أربع مشاركات متتالية. اصرار وجدية في العمل تقر نجيبة الشريف انها لم تولد وفي «فمها ملعقة من ذهب» كما يقال وانما كافحات وتعبت من أجل تحقيق ما بلغته الآن. فانتماؤها الى عائلة عادية ليست من الأثرياء ومستواها التعليمي متوسط جعلها تواجه أول المشاكل المتمثلة في أن البنت عنصر ثانوي في الأسرة التونسية وأن مواصلة تعليمها أمر غير مهم هذه العقلية السائدة دفعت عائلتها الى العزم على تزويجها وعمرها لم يتعد 18 سنة لكنها أصرت على مواصلة دراستها كما وقف والدها الى صفها وشجعها على التعليم والبحث. بعد هذه الحادثة كان لزاما على نجيبة الشريف أن تبرهن لعائلتها أن هذه الفرصة التي منحوها اياها لم تكن غير مجدية وانها جديرة بأن تكون أهم فرد في الأسرة ككل فلم يكن من خيار أمامها إلا أن تتسلح بالاصرار والعمل والجد لبلوغ ما تصبو اليه. وهكذا سلكت السيدة نجيبة نهج العمل والنجاح والاجتهاد سواء في حياتها الدراسية أو العملية فالكفاح خصلة بارزة من خصال السيدة نجيبة الشريف باعتبار قيامها بأكثر من نشاط في الوقت نفسه فهي تكافح من أجل الحفاظ على نجاحها وقيامها بمهامها على أحسن وجه. مسؤولية كبيرة تقول السيدة نجيبة الشريف أن مهنة القضاء من المهن الصعبة والحساسة والتي يمكن أن يواجه القائم عليها عديد الضغوطات والمواقف الحرجة. وانطلاقا من تجربتها الذاتية بميدان القضاء تقول السيدة نجيبة الشريف لم تكن مهمتي سهلة بالمرة باعتبار أن وظيفة قاضي الأسرة كانت جديدة فكان لزاما علي الغوض في تفاصيل مجلة الأحوال الشخصية ودراسة فصولها دراسة معمقة حتى أستطيع تطبيق القانون تطبيقا صحيحا. فقاضي الأسرة لم يكن مطالبا بتطبيق القانون بقدر ما هو مطالب بحماية الطفل وأخذ القرارات الإنسانية بدرجة أولى لصالح الطفل. ولهذه الأسباب تعتبر مهمة قاضي الأسرة مهمة حساسة جدا وصعبة. القاضية كاتبة إلى جانب اضطلاعها بمهمة القضاء الأسري ونظرا لارتباطها بعالم الطفل ارتأت السيدة أن تدخل غمار الكتابة وأن تكتب للطفل. ومن الأسباب التي دفعت القاضية نجيبة الشريف الى الكتابة هو هذا الخلط من قبل المواطن التونسي بين قانون حماية الطفل وحقوق الطفل فالعديد من الأفراد لا يفهمون القوانين الواردة بمجلة حماية الطفل لذلك ارتأت السيدة نجيبة الشريف التعريف بهذه المجلة وتبسيط القوانين التي تتضمنها المجلة كما اتجهت لكتابة بعض المؤلفات المتعلقة بالطفل والمستوحاة من مجموعة القضايا المطروحة على القضاء والتي عالجتها باعتبارها قاضي أسرة تهتم بالطفل ومشاكله. وقد ألفت السيدة نجيبة الشريف مجموعة من الكتب هي التالية قانون الاشتراك في الملكية بين الزوجين والمجتمع الطفل والطلاق وبعد؟ الطفل المهدد الواقع والآفاق طفلنا بين التشريع والقضاء وكتبت مجموعة من الأقاصيص المستوحات من أحداث واقعية تعرض لها الطفل وعرضت على القضاء بأطر زمانية ومكانية وأشخاص حقيقية وتهدف الكاتبة من خلال مؤلفاتها إلى تقديم درس توعوي تحسيسي للأولياء والأطفال وتنبيههم إلى المخاطر العديدة التي تتهددهم جراء حوادث الطرقات والحوادث المنزلية القاتلة. فكتابات السيدة نجيبة الشريف تتصف بالتميز والالتصاق بمشاغل الأسرة التونسية والتحديات التي تواجهها في اطار علاقاتها الداخلية انطلاقا من العلاقة بين الزوجين مرورا بالعلاقة بين الآباء والأبناء لتصل في النهاية الى معالجة وضعية الطفل بعد الطلاق والصعوبات التي يمكن أن يواجهها خلال مرحلة اندماجه في المجتمع. مؤلفاتي أعاقت مسيرتي عاشت السيدة نجيبة الشريف نوعا من الصراع الداخلي بين رغبتها في ممارسة مهنتها والاكتفاء بتطبيق القوانين والبت في القضايا المعروضة عليها وبين خدمة المواطن التونسي وتقديم يد المساعدة (المعرفية) له حيث قامت بتبسيط بعض الفصول الواردة بمجلة الأحوال الشخصية وركزت على ابراز النقائص بهذه المجلة التي أصبحت بعض فصولها لا تتماشى مع وضعيات الأسرة التونسية الراهنة كما عملت على تقديم الايجابيات والمكاسب التي تضمنتها المجلة لفائدة المرأة. ورغم هذا المجهود وهذه الفائدة الهامة التي قدمتها السيدة نجيبة الشريف للقراء من خلال معالجتها لمختلف المواضيع الهامة تعتبر أنها تعرضت للعديد من الضغوطات بسبب كتاباتها حيث تأخر ارتقاؤها من رتبة قاضية الى رتبة مستشارة تعقيب مدة سنوات حيث قوبلت مجهوداتها بالنقد لأنها أصبحت تخصص وقتا للكتابة وهذا الفعل جعلها تتهم بالتقصير لذلك اختارت السيدة نجيبة أن تبتعد عن الكتابة طوال السنة القضائية والاكتفاء بالعطلة الصيفة لتنفيذ مشاريعها الكتابية. كما أنها واجهت بعض الانتقادات من جهات قضائية بسبب نشاطها الجمعياتي. وتخلص السيدة نجيبة بالقول «مؤلفاتي أضرت بمسيرتي المهنية ولم تنفعني بالمرة». نجاح أبنائي يهمني حرصت السيدة نجيبة الشريف على تنزيل أبنائها المكانة الأولى وجعلهم في صدارة اهتماماتها الحياتية حيث سعت إلى توجيههم التوجيه الصحيح سواء في الدراسة أو في الحياة بصفة عامة. وتعترف السيدة نجيبة أنها لعبت دارا مهما في التأثير على أبنائها كي يختاروا شعبا دراسية علمية خلال تعليمهم الثانوي ثم تركت لهم حرية الاختيار في المرحلة الجامعية. من جهة أخرى ترى أن على المرأة غرس روح المسؤولية وحب العمل لدى ابنائها منذ صغرهم حتى يكونوا في مستوى آمالها وحتى يضطلعوا بالمهام الموكلة اليهم بكل حزم ونجاح. وتقول السيدة نجيبة الشريف أنها تفضل الاهتمام بأبنائها وتعمل على وضعهم على طريق النجاح من خلال تقديم صورة ايجابية جدا عن حياتها وكفاحها. * ناجية المالكي