أوقعت ثورة الياسمين يوم 14 جانفي 2011 نظاما مستبدا تمكّن من بسط نفوذه في البلاد التونسية أكثر من عشرين سنة. عانى الشعب التونسي فيها مرارة الإستبداد وتقييد للحريات، كما قام بتجفيف منابع الإسلام حتى يُحكم سيطرته على جميع فئات الشعب ومكوّنات المجتمع المدني بالخصوص. رحل الفاسد وترك وراءه الفساد في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فالأقلام التي كانت تساند نظام المخلوع وجعلت من تونس السابع من نوفمبر معجزة على جميع المستويات هي بذاتها تعمل على عرقلة وزعزعة الحكومة المنتخبة انتخابا شرعيا. جميع التونسيين يعلمون جيدا أن هنالك بعض الإعلاميين قد تواطؤوا مع أحزاب من المعارضة ويسعون جاهدين لإسقاط الترويكا. وفي خضم هذا التمشي غير الصائب والذي لا يخدم بالمرّة الرسالة النبيلة للصحافة التونسية. لأن كل مهنة لا تخلو من أخلاقيات. فأخلاقيات التجارة في عدم التعامل بالغش، والطب في المحافظة على سر المريض والمحافظة على النفس البشرية وعدم المتاجرة بالأعضاء. وكذلك للصحافة أخلاقياتها ومنها أن يكون رجل الإعلام محايدا ولا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يكون سببا في المساس بالمقدّسات والحساسيات وخيانة الوطن. فإذا انعدمت الأخلاق كان على الأقلام الحرّة أن تظهر وتثور كما ثارت الشعوب العربية على حكامها الفاسدين. فالصحافة البنفسجية أظهرت للعيان أنها تسعى وتتحامل على الأقلام الحرّة والنزيهة. وما أدلّ على ذلك هو تعرّض رئيس التحرير السابق لجريدة الصباح الزميل الصحفي صالح عطية إلى التوقيف عن العمل، وطرد الصحفي عمار النميري بصفة «سكرتير تحرير» من قبل المدير العام لجريدة الصباح كمال السماري. علما وأن نقابة الصحفيين برئاسة نجيبة الحمروني لم تسع حتى إلى فضّ هذا النزاع القائم بين المسيرين في حين أننا رأيناها تدخلت بصفة جدية حين تم طرد صحفيين يعملان بجريدة «الأنوار». إن لم أكن مخطئا فإن النقابة تعمل على التمييز بين الصحفيين على خلفية إيديولوجية، فهذا فرض وهذا سنة هو شعارها حسب المسار الذي تنتهجه رئيسة نقابة الصحفيين. فنحن لا نستبعد بعد سياسة الكيل بمكيالين من قبل نقابة الصحفيين أن يعود برهان بسيس متثورجا معززا مكرما بعدما أخرج منها إبان الثورة ذليلا حقيرا صاغرا. فجميع التونسيين من الشمال إلى الجنوب يعلمون لمَ تم طرد هذا الصحفي. فهذا الرجل ذاد بكل بسالة على نظام بن علي الدامي وخصوصا عبر قناة الجزيرة. فيصل البوكاري تونس