لاليغا الاسبانية.. سيناريوهات تتويج ريال مدريد باللقب على حساب برشلونة    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الاتحاد المنستيري يضمن التأهل إلى المرحلة الختامية من بطولة BAL بعد فوزه على نادي مدينة داكار    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    الأنور المرزوقي ينقل كلمة بودربالة في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي .. تنديد بجرائم الاحتلال ودعوة الى تحرّك عربي موحد    اليوم آخر أجل لخلاص معلوم الجولان    الإسناد اليمني لا يتخلّى عن فلسطين ... صاروخ بالستي يشلّ مطار بن غوريون    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    مع الشروق : كتبت لهم في المهد شهادة الأبطال !    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    حجز أجهزة إتصال تستعمل للغش في الإمتحانات بحوزة أجنبي حاول إجتياز الحدود البرية خلسة..    بايرن ميونيخ يتوج ببطولة المانيا بعد تعادل ليفركوزن مع فرايبورغ    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة: أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد تداول صور تعرض سجين الى التعذيب: وزارة العدل تكشف وتوضح..    قطع زيارته لترامب.. نقل الرئيس الصربي لمستشفى عسكري    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    الملاسين وسيدي حسين.. إيقاف 3 مطلوبين في قضايا حق عام    إحباط هجوم بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا'المليوني'    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص ببن عروس    الكاف: انطلاق موسم حصاد الأعلاف مطلع الأسبوع القادم وسط توقّعات بتحقيق صابة وفيرة وذات جودة    نقيب الصحفيين : نسعى لوضع آليات جديدة لدعم قطاع الصحافة .. تحدد مشاكل الصحفيين وتقدم الحلول    نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق    أهم الأحداث الوطنية في تونس خلال شهر أفريل 2025    الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 2025": فرصة لدعم الشراكة والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والمستدامة    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق رعاية كبار السن    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    إحباط عمليات تهريب بضاعة مجهولة المصدر قيمتها 120 ألف دينار في غار الماء وطبرقة.    تسجيل ثالث حالة وفاة لحادث عقارب    إذاعة المنستير تنعى الإذاعي الراحل البُخاري بن صالح    زلزالان بقوة 5.4 يضربان هذه المنطقة..#خبر_عاجل    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي اليوم بهذه الولايات..#خبر_عاجل    برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    خطير/كانا يعتزمان تهريبها إلى دولة مجاورة: إيقاف امرأة وابنها بحوزتهما أدوية مدعمة..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    أريانة: القبض على تلميذين يسرقان الأسلاك النحاسية من مؤسسة تربوية    بطولة فرنسا - باريس يخسر من ستراسبورغ مع استمرار احتفالات تتويجه باللقب    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظلّ المقدّس عبد الفتاح بلحاج
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 09 - 2012

إنّ المقدّس يحتاج منّا إلى سور الثقافة والعلم والتكنولوجيا والقوّة العسكرية والسياسية والاقتصادية تحيط به وتذود عنه. فالثقافة المبتذلة التي لا ترقى بشعوبها لإبراز هويّتها في مصارعة كلّ الثقافات لتحقيق شخصية الأمّة المنيعة فهي ثقافة سهلة الاختراق سريعة الاحتراق . والمقدّس الذي لا يسنده العلم والتكنولوجيا يجرم أصحابه في حقّه قبل إجرام أعدائه فهو الجانب الذي أوتيت الأمّة من قبله وأكّدت به تخلّفها وبرّرت به صراع العلم والدين وأشربت به هزيمة أراءت حقارتها أمما تداعت عليها فلا سلم المقدّس ولا سلمت أمّة المقدّس التي أنزل عليها قرآن أوّله اقرأ فقرؤوها على غير ما قرأناها فبرّرت كلّ تحدّ لوجودهم وبرّرت كلّ تحدّ لعدمنا .
إنّ القوّة العسكرية درع المقدّس يرهب الأعداء في السلم كما في الحرب وهو الأمر الذي به الغلبة على كلّ أمر والله يحدّد هذه الغلبة بقوله: (والله غالب على أمره) وهذا يرشدنا إلى أن من كان كذلك كان الغالب على أفعاله استشعار أمر الله فأغلبه الله على من سواه وأرهب من أدناه وارهب من أقصاه وأمكن له في الأرض كما جاء في السياق القرآني عقب ذلك قوله تعالى ( فمكّننا له في الأرض وأتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين).ولا تمكين إلاّ بالسياق الذي ذكرنا ليتجلّى أمر الله في هذه الامّة بالمهابة والإرهاب على حدّ قوله تعالى :( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم) .فالأمّة التي تستهين بقدراتها ومقدّراتها أمّة استهانت بدينها ونبيّها وحقّ على أعدائها الاستهانة بها . إنّ أمّة لا يقدّس ظلّها لا يقدّس نبيّها.
إنّ السينما الأمريكية لا تتأخّر عن واقعها فهي المواكبة التي تسوق القيم والثقافة والعادات والتقاليد وإفرازات الحريات والتحدي لكل ما هو ديني وأخلاقي بل هي تصبّ في نسق السياسة العامة التي تصور الأمريكي المنقذ لكل غريق الآمر بالخير والناهي عن الشرّ صاحب المعجزات والكرامات القويّ بالآلة والآلات وسائر الممكنات لصياغة ديكتاتورية الفرعنة التي تقول أنا ربّكم الأعلى. ولا أوريكم إلاّ ما أرى.و لا أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد.فهذه نبوءة أمريكا بوحيها الذي يوحى وهي الناسخة لكل الرسالات والتي ليس في عقيدتها ألوهيات ولا في شريعتها ركوع ولا سجود ولا صلوات. إنّ البيت الأبيض والكونقرس والبانتاقون والأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العامة والأمانة العامة والنيتو والمحكمة الدولية ..... كلّها عتبات مقدّسة قداسة العتبات الشيعية والطواف بها سبعين لا سبعة أشواط إذ الحسنة بعشر أمثالها والحجّ إليها يعدل ألف حجّة إلى البيت الحرام والعمرة كحجّة تامة. إنّ الإستكبار العالمي الذي استعبد الناس بذبح أبناء العراق وأفغانسيتان وفلسطين وسائر بلاد المسلمين ولا يستحيي نسائهم إنّه يستعبد قوما استعبدوا أنفسهم . إنّهم أمّة الإسلام التي غاب ضلّها وشمسها في كبد سمائهإ. فمقدساتنا لم ترق في درجة المناعة من هؤلاء رقي الماركات العالمية المسجّلة والمحفوظة الحقوق والمكفولة الامتياز والتفضيل والتي لا تتجرّأ عليها الحريّات ولا تنالها الدّمقراطيات فهي عبارة عن الشخصية المعنوية لتلك الأمم سنّوا لها القوانين وشرّعوا لها التشريعات وألبسوها تاج الحرمة والحرومات وقالوا بعزّة أمريكا تقدّست المارلبورو والكوكا سيدة المشروبات وهذا داخل من باب الطيّبات فتقدّست الأسماء والصفات.
إنّ الأمّة التي تعيش عالة على باقي الأمم وهي تتلوا قول ربّها عزّ وجلّ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين... .... وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) فهي أمّة فقيرة بغناها مسكينة في أرضها غارمة بثرواتها مستعبدة في سلطانها أمّة سبيل تأكل الصدقات وتطمع في الفتات فأنّى لها المقدّسات وكيف لها السبيل للنجاة وقد فات عصر المعجزات ولم يبق غير الدعوات والصلوات.يقول الإمام محمد الشعراوي رحمه الله:" (إنّ الأمّة التي لا تأكل بفأسها لا تفكّر برأسها)" فهي لا تفكّر برأسها دينا وأخلاقا وثقافة وسياسة ومن هذا حاله فليس له تقرير ولا قرار وأمّة لا فيتو لها بين الأمم أمّة مستعبدة عند أسيادها ولا مقدّس لها وينطبق عليها القول : متى حررتم المسلمين وقد ولدتهم أمّهاتهم عبيدا.
إنّ الذي يطيل لحيته ويتقمّص قميصه ويتوضأ وضوءه ويصلّي صلاته حتما عليه نصرة نبيه صلى الله عليه وسلّم ولكن كيف ؟ هل ما يقع في أمريكا وأوروبا من الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلّم يدفعنا إلى إحراق أرضنا وتقتيل أنفسنا والتضحية بثورتنا؟
إن الاستفزازات التي يوضع فيها السلفيون اليوم مقصودة سواء من الخارج الذّي يرسم مخطّطاته – ضمن القرآت و المتابعات التي تمتد لأجهزة داخلية – أو من الداخل الذي يغذّي ما يحدثه هذا الاستفزاز بتوظيف سياسي و إعلاميا ليقنع المجتمع بإرهابية كل التيارات الإسلامية و ضرورة إقصائها و هذا خطاب الأحزاب اليسارية العلمانية ذرّية النظام البائد بعضها من بعض يتمتهم الثورة فأرادوا يتمها. لقد كنّا في صراع مع بن علي فأورثنا صراعا مع بني عليّ إنّهم أتباعهم الذين حاكموا الإسلام تحت عنوان النهضة و هم في سدّة الحكم و اليوم يريدون محاكمة الاسلام والنهضة في الحكم .إنّهم أبدعوا في إخراج مسلسلهم على مدى ثلاث و عشرين سنة ليطمسوا معالم الإسلام في تونس مقتدين بتركيا أتترك فأحبط الله أعمالهم لأنهم استنوا بسنة من أتى الله بنيانه من القواعد فخرّ عليه السقف و إنّ بنيانهم ريبة في قلوبهم يقطعها ليخر عليها سقفهم فيسكتها بسنة من قبلها .قال تعالى :( سنة الله في الذّين خلوا من قبلوا و لن تجد لسنة الله تبديلا) .إنّ السلفيين عانوا من ظلم نظام ذاقوا منه الويلات سجنا و تشريدا و مضايقات ليستمرّ ذلك بعد الثورة على مستوى الموقف من النقاب و الحراك الإعلامي و السياسي الذي وضعهم في غربة تسوقهم إلى مربّع الموت و الانتحار.فأين الرعاية و ردّ الاعتبار؟
إنّ السلفيين الذين نراهم على الشاشات يتقدّمون كل المعارك و القتال في العراق و أفغنستان و سوريا و غيرها هم رجال الشدائد و شدائد الرجال الذين لو وقع الخطب في بلادنا لصفّق لهم الجميع مباركون قدرتهم على الاندفاع و الحماس – رغم أنّ لي عليهم مآخذ جمّة – فلنحذر أن ننتهج معهم منهج تكفيرهم بالدولة المدنية ردّا لتكفيرهم لأعداء الدولة الإسلامية و إن انتهجوه .إنّ الفكر السلفي يتطلب منا اليوم المجادلة بالتي هي أحسن للإدماج و أن لا نقع في اللجاح .إنّ اليساريين العلمانيين أكثر المعنيين بهذا بتوظيفهم الدين لمآربهم السياسية ، وبأزرار السلفية والنقاب والإرهاب الديني والتعصب وحرية المعتقد إنّهم منافقون مردوا على النفاق و قد لا يعجبهم هذا التوصيف فلنقل إنّهم المتديّنون الحداثويّون الذين يقفون أمام النقاب باسم المدنية و لا يقفون أمام ''قناة نسمة '' باسم الحرية.
إنّ الثورا ت التي فاجأت كل التوقعات و أربكت كلّ الحسابات أحيت أرواح العزائم و الهمم في عالم الظلام و الظلم و إنّى لأسمعها تقول :حسبي الله و نعم الوكيل... فأدركت أنّ هذه الثورة قامت بالله و لم تقم بنا لذلك فظلّها مقدس و هي شاهدة لنا أو علينا و قد كنا أصحاب حرج لا حيلة لنا و لا سبيل فأحرجتنا الثورة بحريتها و أقرت ما علينا من المواثيق فلا عذر لمن تولّى بعد اليوم.قال تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ( 81/82/ آل عمران.
إنّ إذاء النبي صلى الله عليه وسلّم بفني الرسوم والسينما استنهاض لهذه الأمّة من سباتها وصيحة وسط غفلتها لعلها تقوم لساعتها قبل الساعة وتضع موازين حسابها قبل قيامتها. يا أمّة الإسلام أين اعلامكم وأين سنمائكم؟ أين الأنبياء في شاشاتكم وأين الصحابة والعظماء في أفلامكم ؟ وأين أنتم ؟ إنّ ما أنجزته السينما العرية لا يعدوا أن يكون كمن يدعو نفسه لدينه الذي يعتقده. فالرسالة والشّيماء وطارق ابن زياد أعمال نجلّها ولكن ما وزنها في كفّة أمة ربّها عظمها. وما وزن السنما العربية و الاسلامية في سوق السنما العالمية ؟ وهل استشعرت الامة هذه القيمة الفنية لادراجها ضمن آليات الدعة و التبليغ ؟ فالمواقف العظيمة التي وقفها الرسول صلى الله عليه وسلم ومحاوراته وحياته مع صحابته وأسباب نزول القرآن لا بدّ أن تعرض على الأمريكان والمشركين وأهل الكتاب وسائر الملل وتدخل عليهم بيوتهم وتخاطبهم بلغتهم وبأسلوب سينمائي دعوي يبهرهم ويترجم روح المعاني للاسلام و رجالاته مثلما حدث لحذيفة ابن اليماني رضي الله عنه قال وهذا في صحيح مسلم: " ما منعنا أن نشهد بدرا أنا وأبي حسيل إلا أنّ المشركين قد أخذونا وقالوا لنا أتريدون محمدا؟ قلنا نعم. قال فأخذ المشركون علينا عهدا الله وميثاقه أن لا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة بدر. فانطلقت أنا وأبي وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بما قلته للمشركين فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم :انصرفا لا تشهدا معنا المعركة فقلنا لماذا: فقال بأبي وأمّي نفي للمشركين بعهدهم ونستعين بالله عليهم. ومنعهما صلى الله عليه وسلم من القتال ليوفي عهد أصحابه وعهد المشركين لأن العهد كان مسؤولا. هذه أمّة ظلّها مقدّس تستظلّ به الأمم ولا تطأه بأقدامهم. هذه الصورة مخزون لم يتآكل ولم يسوّق... فهذا مسلسل عمر ابن الخطاب يظهر أخيرا ومتأخّرا وسط جدال استمرّ عشرات السنين بين تحريم وإباحة الصورة الكاملة لبعض الصحابة. وأشير إلى أنّ عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وقدسيته والأنبياء معه صلوات الله عليهم جميعا هو المشهد الوحيد الذي لا يمشهد لأنّنا لا نفرّق بين أحد من الرّسل على عكس الشيعة والمجسّدة الذين لا يتورّعون أمام المقدّس. فهذا الصحابي البراء ابن عازب رضي الله عنه يروي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سىْل عمّا يتّقى من الأضحية فقال أربعا وكان البرّاء يشير بيده ويقول ويدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلّم . هذا ظلّ المقدّس بين صحابته فافهم لأنّ ما خلف الصورة أعظم من الصورة نفسها.
إنّ ملّة الكفر واحدة فكما صدرت الرسوم المؤذية للرسول صلى الله عليه وسلّم في الدنمارك وأمريكا وغيرها ها هي اليوم تطلّ علينا بوجه فرنسي بحت ولا عجب فإنّ قوما يقتلون المسلمين ويتظاهرون بنصرة رسول المسلمين مثل الشيعة أكبر الحضور في الساحة السورية لإبادة كل من ينتسب إلى السنة ونبيّها . إنّ الرسوم الشيعية سبقت كلّ الرسوم بتصوير فنّي بحروف الكلام القادح في الصحابة وأمّهات المؤمنين وجبريل وأسياد التابعين وكبار الأيمّة كالبخاري ومسلم ولم يسلم منهم حتى القرآن الكريم ليستبدلوا مقدّسات قدّسها الله ورسوله بأخرى لا يرضاها الله ولايرضاها رسوله صلى الله عليه و سلّم ليطلّ علينا "حسن من لا ينصر الله" في مظاهرة تدين الفيلم والرسوم ونسي أنه وشيعته بالآذاء هم السابقون. قال تعالى: "
]وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[. (التوبة : 61 " ولقد ضرب الله مثلا لأدنى ما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا) و العذاب الأليم الوارد في القرآن كلّما ذكر أريد به الكفار و الظالمين و الخالدين في النار و المُآيَسين من رحمة العزيز الغفّار.والشيعة و أصحاب الرسوم و المتهكّمون من رسول الله صلّى الله عليه و سلم هم المعنيّون بهذا الكلام على حد قوله تعالى ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) (النور:11").و على قول القاضي عياض في الشفاء أنّ من قال قميص رسول الله صلى الله عليه و سلم وسخ يقصد به إيذائه فقد كفر. فالذي يعرض فلما يعلم سلفا أنّه يؤذي رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو في عداد الكفر و من قصد الله بذلك فحكمه بنص قصده.
إنّ الله المقدّس الأعلى يُسَبُّ فيما بيننا وفي أسواقنا وفي جدّنا وهزلنا بل لقد اعتادت الأذن على سماع سبّ الله وهي مكرهة لا تسوغه رغم كثرة ما تسمعه وكثير ما يتفنّن البعض في صياغة سبّ الدين وربّ الدين والرسول وربّ الرسول. فالمقدّس لا يزال يعاني من أهله سوء فهمهم للمقدّس بل مازال تحت طائلة نقاشات الاحزاب اليسارية المعارضة وجدالاتها حول مفهوم المقدّس وسقف المقدّس وكثيرا ما ينحرف الأمر باسم الحريّة إلى حدّ جعلها فوق كل مقدّس كما يصوّرها هؤلاء الحداثويون الذين يسعون لإسجاد كلّ مقدّس أمام كلّ حريّة لتصبح هذه الأخيرة ربّهم الأعلى الذي خلق فسوّى. وما عرض قناة نسمة لذاك الفيلم... إلاّ بمثابة التحدّي لهذا الواقع وللجهر بدعوتهم والطواف ببيتهم وكأنّ الوحي أنزل عليهم ليصدعوا بما أمروا ( قل فأتوا للثورات فاتلوها إن كنتم صادقين) .
إنّ قوقل(google) أكبر مساحة للتخاطب و أقرب منجد للمعلومة و هو الذي يتحكم في مفاصلها يدرك تمام الادراك عواقب ذاك الشريط المؤذي للنبي صلى الله عليه و سلم و قوة الجرح و الألم الذي يوقعه في عقيدة المسلمين و عواطفهم و هو يثبت الخلفية الصهيونية للمؤسسات الأمريكية الداعمة للكيان اليهودي والمتخفي وراء كل حدث وكل صورة .فهل سأل العرب و المسلمون أنفسهم عن عمق هذا الخلل ؟ و هل أمعنت الأنظمة في مشاريعها و ما يرصد لها من أموال فوق الخيال للفخامات والبذخ........و المنافسات حول استقطاب الألعاب الاولمبية و الكؤوس العالمية لتحول هذه الأموال إلى مشاريع استثمارية بعقلية جديدة مثل إحداث قوقل (google) عربي إسلامي مشترك يضمن سلامة التوظيف و سلامة الإبحار و يحقق الدعوة و التبليغ و يقيم الحجة بظلّ تستظل فيه الأمم لأنه لا حجة بعد الرسول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.