بسم الله الرحمن الرحيم {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1] . نعم هو المسجد الأقصى الذي ذكره الله سبحانه و تعالى في القران الكريم في صدر سورة الأسراء... و نعته بالبركة و نسبه أيضا اليه " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ رحلة الأسراء و المعراج هي أعظم رحلة في تاريخ الأنسانية و هي رحلة أرضية و رحلة سماوية و رحلة غيبية.. و قد شرفت بأعظم مكانين في الأرض حينها .. فكانت محطة البداية هو المسجد الحرام و كانت محطة النهاية هو االمسجد الأقصى ... مكان مقدس و مبارك الى مكان مقدس و طاهر أيضا . و شرف المسجد الأقصى أنه يكون محطة نهاية لرحلة الأسراء و أيضا محطة بداية لرحلة المعراج الى السماء و أيضا محطة النهاية لرحلة الهبوط من السماء فالرسول – صلى الله عليه و سلم حين هبط من السماء هبط الى المسجد الأقصى رغم انه من الأيسر و الأسهل أن يهبط مباشرة الى المسجد الحرام لكن الله سبحانه و تعالى أراد أن ينبهنا و يذكرنا أن المسجد الأقصى ملكا للمسلمين و انه مقدس و مبارك مثل المسجد الحرام . فهو المكان الوحيد في الأرض الذي اجتمع فيه كل أنبياء الله من لدن آدم عليه السلام حتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، في أعظم اجتماع في التاريخ ، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالأنبياء إماماً في ليلة الإسراء إقراراً لإمامة أمة محمد على المسجد الأقصى ، وإعلان وراثة ( خاتم الأنبياء ) لمقدسات الرسل " لا يؤم الرجل في بيته " لذلك فهو ملك للنبي محمد و ملك لأمته وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه و سلم - : "أُتيتُ بالبراق – وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه – قال : فركبت حتى أتيت بيت المقدس ، قال : فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت ، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن ، فقال جبريل : اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا إلى السماء . المسجد الأقصى المبارك هو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام بمكة فعن أبي ذر رضي الله عنه قال "قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع فى الأرض أولا؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة" (صحيح البخاري) و يزداد المسجد شرفا أنه قبلة المسلمين الأولى فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : صليت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً . و يأتي ترابط بين المساجد الثلاثة في القدسية فعن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا "قال الله تعالى على لسان نبي الله موسى – عليه السلام – " يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ " سماها المولى الأرض المقدسة فلا غرابة أن يسموها مدينة القدس .و هذه الأية تتحدث عن نبي الله ابراهيم – عليه السلام – " وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ " .. و الأيه الكريمة " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا " .. و غيرها من الأيات التي وصف الله سبحانه و تعالى أرض فلسطين و من القلب فيها القدس بالبركة.. و ان تأملنا أكثر و أكثر نجد أن الله سبحانه و تعالى نسبها اليه " باركنا" تعظيما و تشريفا لهذه الأرض المباركة .كما أقسم الله سبحانه و تعالى بها فقال " وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2)" والتين و الزيتون هما جبلين من الجبال الأربعة المقامة عليها القدس كما تشتهر هي بزراعتهما لذلك فقد شد إليه الرحال جمع كبير من الصحابة رضي الله عنهم وقصدوه بالسكنى والعبادة والوعظ ، منهم : أبو عبيدة بن الجراح و عمر بن الخطاب و معاوية بن ابي سفيان و عمرو بن العاص وبلال بن رباح ومعاذ بن وخالد بن الوليد وعبادة بن الصامت ، وتميم بن أوس الداري ، وعبد الله بن سلام كما أن فضل الصلاة في المسجد الأقصى كبير و عظيم و فيه تطهير من النوب و الخطايا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " فَضْلُ الصَّلاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ أَلْفِ صَلاةٍ ، وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلاةٍ ، وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَمْسُ مِائَةِ صَلاةٍ " و أخرج النسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثاً: حكما يصادف حكمه ، و ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " فقال النبي " أما اثنتان فقد أعطيهما ، وأرجو أن يكون أعطي الثالثة . و ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس؟ فقال: أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يخرج الدجال فيمكث في الأرض أربعين صباحا يرد فيها كل منهل إلا الكعبة والمدينة وبيت المقدس وهذه طائفة من الأحاديث النبوية الصحيحة التي يحدثنا فيها رسول الله ( عن المزايا التي اختص الله بها الشام، يروي العرباض بن سارية أن رجلاً سأل رسول الله ( فقال يا رسول الله اختر لي بلداً من بعدك فإني لو علمت أنك تبقى لن أختار عن قربك بديلاً فقال له عليه الصلاة والسلام: عليك بالشام فإن الله سبحانه وتعالى جعلها خيرة أرضه يجتبي إليها خيرة عباده وإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله. ويروي عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ( قال: بينا أنا نائم إذ رأيت كأن عمود الكتاب استُلِبَ من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع عُهِدَ به إلى الشام ألا إن الأمن والأمان عندما تكون الفتن في الشام. ويروي أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى على أرض يُقَال لها الغوطة إلى جانبها مدينة يقال لها دمشق هي خير منازل المسلمين يومئذ. عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " سَيُفْتَحُ عَلَيْكُمُ الشَّامُ وَإِنَّ بِهَا مَكَانًا يُقَالُ لَهُ الْغُوطَةُ، يَعْنِي دِمَشْقَ، مِنْ خَيْرِ مَنَازِلِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَلَاحِمِ "[مسند أحمد ط الرسالة 37/ 9] يا عباد الله هذه من أصح الأحاديث التي رُوِيَتْ عن رسول الله ( في بيان المزايا التي اختص الله عز وجل بها الشام ولقد تبين لنا أن دمشق هي قلب الشام ماذا قال الصحابة في القدس و المسجد الأقصى : أنس بن مالك: إن الجنة لتحن شوقاً إلى بيت المقدس وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس وقال عبدالله ابن عباس : البيت المقدس بَنَتْهُ الأنبياء وسكنته الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلّى فيه نبيّ أو قام فيه ملَكٌ،وقال عمر بن الخطاب: "نعم المسكن بيت المقدس، القائم فيه كالمجاهد في سبيل الله، وليأتين زمانٌ يقول احدهم ليتني لبنة في بيت المقدس" وقال الإمام الشافعي : أحب أن أعتكف في المسجد الأقصى . كما عاش في فلسطين العديد من السلف الصالح منهم مالك بن دينار، وأويس القرنى، والإمام الأوزاعي، وسفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم، ، والليث بن سعد، والإمام الشافعي الذي كان يعتكف فيه،، وبشر الحافي، وذو النون المصري، والإمام الغزالي الذي ألف الإحياء من أجله، وابن القيم , والإمام أبو بكر الطرطوشي، والإمام أبو بكر بن العربي، وأبو بكر الجرجاني، وأبو الحسن الزهري.. ومئات غيرهم بل آلاف . كل هذا و غيره الكثير و الكثير من فضل المسجد الأقصى المبارك و فضل أرض فلسطين و في القلب منها القدس قداسة داخل قداسة تحيط بهم البركة كلهم . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين الرابطة الإسلامية باستكهولم/السويد مسجد استكهولم خطبة الجمعة ليوم 24 / 05 / 2013 بقلم الشيخ خالد الديب إمام وخطيب مسجد استكهولم/ 24 05 2013