وفاة السفير الأسبق لتونس بأندونيسيا    تطبيقة "ء-هوية'' متاحة على الأبل ستور    ما مدى تقدم إعداد ميزانية مهمة السياحة لسنة 2025؟    توقّعات بتجميع 6 ملايين قنطار من الحبوب    بنزرت الجنوبية..حريق يأتي على حوالي 4 هكتارات من الحبوب    وفاة أكثر من 300 مصري خلال الحج    4 قتلى و120 مصابا في زلزال ضرب شمالي شرقي إيران    مع الشروق .. فلسطين... كاسرة الطغاة والغزاة والجبابرة !    إلى الطيب بوزيد رئيس قسم الأخبار بالتلفزة الوطنية 1بقلم مَحمد التركي    سجنان: العثور على شاب 24 سنة مشنوقا    صفاقس: إسعاف امرأة أصيبت بحروق إثر محاولتها إخماد حريق بقارورة غاز منزلي    عاجل/ بعد وفاة 35 حاج: آخر مستجدات وضعية الحجيج التونسيين في مكة..    نعم نحبّ نعرف ..ومن حقي باش نعرف ... عبد الكريم قطاطة    احتفالا باليوم العالمي للموسيقى بلدية تونس تنظّم عرضا سمفونيا بشارع بورقيبة    درسنا أن نركز على برنامجنا…الفة يوسف    عاجل/ اندلاع حريق بضيعة في جندوية    وزير الشباب و الرياضة يجتمع بالمكتب التسييري للجامعة التونسية للسباحة    هذه أسباب تواتر حالات الموت المفاجئ عند الشباب: التفاصيل    طار 120 متراً في الهواء: ثامر حسني يقوم بعرض خطير أمام محبيه    برمجة حملات لقنص الكلاب السائبة بهذه الولاية    طقس الليلة.. الحرارة تصل الى 35 درجة    عاجل/ 3 قتلى في حادث مرور مروّع    مكالمة هاتفية بين نبيل عمار و نظيره البرتغالي    عاجل/ إنتحار عون سجون حرقا    20 حالة وفاة غرقا بالشواطئ في هذه الفترة    حركية كبيرة بمعبر ذهيبة وازن الحدودي    وزير الشّؤون الدّينية يرافق الحجيج في رمي الجمرات    الفيلم التونسي"المابين" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية    يهم المواطنين..بلاغ هام لوزارة الداخلية..    المنستير: تقدّم تنظيف شواطئ الجهة بنسبة 33 بالمئة    بنزرت: وفاة فتاتين غرقا بشاطئ الميناء بغار الملح    تزيد العطش.. مشروبات عليك تجنّبها في الطقس الحار    مصدر بقنصلية تونس بجدة : وفاة 23 حاجا تونسيا بالبقاع المقدسة    البنك المركزي: تراجع طفيف في سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار والأورو    البنك المركزي: تراجع طفيف في سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار والأورو    وفاة الإعلامي والناقد السينمائي خميّس الخياطي    الحجاج يختتمون الفريضة برمي الجمرات وطواف الوداع    إنطلاق الموسم الرياضي الجديد وموعد سوق الإنتقالات    لجنة مكافحة الإرهاب تعلن عن إطلاق حملة للتعريف باستراتيجية مكافحة التطرف العنيف    مواطنون يشتكون من '' الوضعية المزرية '' لقطار تونس بنزرت    عاجل/ "الفيفا" يوقف هذا اللاعب عن النشاط لمدة ستة أشهر..    الرابطة الأولى: ملعبا الشاذلي زويتن وأولمبي سوسة يحتضنان ملحقي تفادي النزول والصعود    مانشستر سيتي يبدأ دفاعه عن لقب البطولة الإنقليزية في ملعب تشيلسي    إصلاح الأعطاب و إرجاع التيار الكهربائي إلى هذه المنطقة    %60 نسبة سداد الدين الخارجي.. تونس توفي بالتزاماتها تجاه الدائنين    تصريح أثار جدلاً.. بسام كوسا يسخر من فيديو فاضح لممثلة سورية    إصدار أغنية جديدة : ريمكس عربي لأغنية Attraction ل Ramy Sabry و ETOLUBOV    عاجل/ تفاصيل جديدة عن وفاة "الأنستغراموز" فرح بالقاضي..    مستقبل سليمان: المطالبة باعتماد تقنية الفار .. وتعيين مباراة الباراج خارج اقليم تونس وولاية نابل    وزارة الصحة: بوابة إيفاكس ستشمل كل التلاقيح وستُمكّن المواطنين من الحصول على دفاتر علاج رقمية    توصيات وزارة الصحة لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة    مقتل 10 مهاجرين بعد غرق قارب في البحر المتوسط    شهداء ومصابون إثر قصف الاحتلال الصهيوني لمخيم "النصيرات" وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    الاتحاد الفرنسي: مبابي يعاني من كسر في أنفه وسيرتدي قناعا    مدخرات تونس من العملة الصعبة تقدر ب107 ايام توريد منتصف جوان 2024    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود لم تتجاوز 31،5 بالمائة الى غاية يوم 14 جوان 2024    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة الغربية وانحطاط الوعي بالإسلام :عبد الاله بلقزيز
نشر في الفجر نيوز يوم 08 - 06 - 2009

لا تنتمي صورة الإسلام والمسلمين في الصحافة والإعلام الغربيين المعاصرين إلى ثقافة الاستشراق على أي نحو من الأنحاء . فالاستشراق مجال علمي أكاديمي ازدهر في جامعات الغرب ومراكز الدراسات فيه، وتخصص في فهم وفي تحليل الإسلام: عقيدة وحضارة ومجتمعات وتراثاً ثقافياً، في حقبتين منه (الوسيطة والحديثة)، وتصدى لذلك جمهور من الباحثين المقتدرين: العارفين بتاريخ الإسلام: السياسي والثقافي والديني، والعارفين بألسنته الرئيس: العربية، والفارسية، والتركية، والهندية . . الخ . وهذا لم يكن حال كتّاب المقالات في الصحافة الغربية، ممن يجهلون كل شيء عن الإسلام: بدءاً من اللسان وانتهاء بعدد السكان .
لعل الاستدراك هنا واجب بالقول إن الاستشراق ما كان دائماً علمياً وموضوعياً ونزيهاً، وإن كتّاب المقالات الصحافية ما كانوا دائماً من طينة واحدة ولا على الدرجة نفسها من الجهل بالإسلام . فنحن نعرف على الأقل أن بعض الاستشراق كان كولونيالياً أو نشأ في أحضان حركة الاستعمار: فمهد لها معرفياً أو صاحبها مصاحبة تسويغ، ونعرف أن بعضاً من المستشرقين خدم في إدارات الاحتلال الاستعماري في بلاد العرب والمسلمين، فبقي قسم منه على موقفه الكولونيالي حيث غيّر القسم الآخر رأيه فناصر حق شعوب هذه البلاد في التحرر الوطني والاستقلال . ثم نعرف أن بعضاً من كتّاب الرأي في الصحافة الغربية على قلته ليس جهولاً تماماً بتاريخ الإسلام، ولا معادياً للمسلمين بغير سبب . ومع ذلك كله، لا قيمة كبيرة للاستثناء في هذا الباب . والأهم من هذا أن النظر إلى الإسلام بعين الدارس الأكاديمي (المستشرق) غير النظر إليه بعين المدبّج رأياً إيديولوجياً في صحائف حددت موقفها منه (من الإسلام) سلفاً، وأفسحت مساحات منها للتعريض به وبأهله .
لو حاولنا أن نقف على نوع “المعرفة” بالإسلام في الخطاب الإعلامي الغربي، على نحو ما يعرض به نفسه في الصحافة المكتوبة وفي الإعلام البصري، لتبينا الحقائق الثلاث التالية:
* الحقيقة الأولى هي أن المتصدين للكتابة في الموضوع محكومون سلفاً بقبليات إيديولوجية تحجبهم عن رؤية ما يتناولونه، وترتب على مقاربتهم نتائج متقررة حكماً في المقدمات التي يصدرون عنها . من تلك القبليات مثلاً أن الإسلام عقيدة تدعو إلى “العنف” وتبجله، وتَعِد من يقدم عليه بالنعيم في الآخرة، ولأن هذه القبلية لا تفهم معنى الجهاد في اللسان العربي وفي النص القرآني، أو هي تقصد ألا تعرف ذلك المعنى، تنتهي إلى “الاستنتاج” بأن الإسلام دين يدعو معتنقيه إلى ممارسة فعل “الإرهاب” ضد من لا يشاطرهم الملة . هكذا تصل هذه المقاربة الإعلامية الإيديولوجية إلى المماهاة بين الإسلام وبين العنف و”الإرهاب” بعد أن انطلقت منها مسبقاً، أو قل بسبب كونها انطلقت منها مسبقاً .
* والحقيقة الثانية هي أن تعاطي كتّاب المقالات أولاء مع الإسلام في ما يكتبون وينشرون ليس في حقيقة أمره تعاطياً مع حضارة الإسلام وثقافته وتاريخه الاجتماعي والسياسي، على ما يفترض، وإنما هو تعاط مع المسلمين اليوم، ومع الحركات الإسلامية المعاصرة على نحو خاص! فهما الموضوعان الأثيران على نفوس من يخوضون في الموضوع في الإعلام الغربي بل هما الموضوعان الوحيدان اللذان في حكم ما عليه يقدرون . فأما اهتمامهم بالمسلمين، فأمر مفهوم منهم بالنظر إلى ارتباط الإسلام في المخيال الجماعي الغربي بالنفط، والمهاجرين، ومعاداة “إسرائيل”، والتزايد السكاني، والسعي إلى حيازة القدرة الاستراتيجية الدفاعية . أما اهتمامهم بالحركات الإسلامية “الأصولية”، فمفهوم بالنظر إلى ما تبدو عليه قواها اليوم من جنوح متزايد إلى الصدام مع السياسات الغربية الأمريكية بخاصة تجاه العالم الإسلامي . وفي الحالين، لا يكوّن الغربيون: الكاتبون في الصحافة آراء ضحلة، أية معرفة بالإسلام يعتد بها أو يحتج على سبيل القول إن لهم في ما أتوه مساهمة تسجل لهم، فهم حتى الآن لا يعرفون من الإسلام سوى العمال العرب والمسلمين المهاجرين إلى أوروبا وأمريكا، وجماعات “الصحوة” المنتشرة في ديارها و خاصة في ديار الغرب، وكم هو بئيس أن يقرأ الإسلام في صفحة مواطن مسلم مهاجر أو ناشط إسلامي ناقم .
* أما الحقيقة الثالثة، ففي أن المتصدين للموضوع من كتّاب الرأي في الصحافة الغربية هم أبعد من يكون أهلية لطرقه في الأغلب الأعم منهم . ربما كان منهم متخصصون أكفاء، وإن كان أكثر هؤلاء من العارفين بالحركات “الأصولية” حصراً لكن الغالب على أكثريتهم الكاثرة هو الصلة السطحية بالإسلام وتاريخه ومجتمعاته، وهو ما ينعكس على نوع “المعرفة” التي ينتجون: وهي كناية عن انطباعات ذاتية غير علمية في أفضل الأحوال، وعن أحكام إيديولوجية عدوانية سافرة في أسوئها .
من المؤسف جداً أن الجيل المتأخر من المستشرقين الكبار: جيل فون غرونباوم، وجاك بيرك، ومكسيم ردونسون، ولوي غاردي، وهنري كوربان، انسحب من المشهد العلمي، بالوفاة أو بالعجز البدني . ومن المؤسف أن جيل “المستشرقين الجدد”: جَيْل جِيْل كيبيل وآلان روسيون وآخرين ليس من المستوى العلمي بحيث يعوض عن غياب الجيل الأول أو يستأنف رسالته العلمية . لكن المؤسف أكثر وأكثر أن ينتهي أمر الحديث في الإسلام إلى جمهرة من الكتبة الأدعياء الذين يدخل بعضهم إيران في عداد الدول العربية .
الخليج :الاثنين ,08/06/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.