لقد انتهي الوقت , و ما عدنا نملك عمراً جديد , فلسطين قضية العرب الأولي تتهاوي كل يوم عن الأخر بيد أبنائها , و العدو الصهيوني مازال يقوم كل يوم بأعمال القتل في غزة وفي داخل وخارج المسجد الأقصى في القدس وفي كافة أنحاء فلسطين. مفاوضات غير مباشرة و أخري مباشرة كل هذا لن يجدي . إن إسرائيل قامت بدراسة كيفية إدارة المفاوضات , و ليست كيفية حل الصراع من خلال المفاوضات . بمعني إن المفاوضات أسلوب لابتلاع الأرض و ليست أسلوب لقيام دولة و نهاية صراع . الأمر الهام هو لماذا الربط بين المفاوضات - إذا كان ينتظر منها شيئاً- و بناء المستوطنات . فأنا أري إن كان هناك نية للحل فالأرض تعود و من عليها مستوطنات . مباني حكومية . منشآت , فبناء اليهود في أي أرض لا يعني أنها أصبحت ارض يهودية غير قابلة للتفاوض بل هي أرضي و أرض الفلسطينيين و إن احتلها اليهود و أقاموا عليها مساكن . فالأرض المغتصبة لن تكون في يوم من الأيام حق مشروع , فالتصريحات العنترية , من قبيل لا مفاوضات بدون وقف المستوطنات و خداع أمريكا للساسة العرب و معهم السلطة بالتوقف المؤقت للمستوطنات , هذا ينم عن انهزام سياسي و تعمد غير مباشرة لإطالة الصراع كما تريد إسرائيل . إن المفاوضات عندما تتحول إلى هدف يُسعى لذاته فلا أحد يتوقع منها أن تُفضي إلى نتيجة فهزال المواقف العربية والفلسطينية إزاء هذه المسألة قد أحال كل شيء في المنطقة العربية إلى مغالطات سياسية والى قلب للمفاهيم. إن ثمانية عشر عاماً من المفاوضات المباشرة و الغير مباشرة لم تزيد المسألة إلا تعقيداً , و انهزامية من جانب السلطة المهزومة فكريا و سياسياً أمام اليهود و الأمريكان , و انتصار لليهود كل يوم علي الأرض . إن استمرار وضع المفاوضات في أيدي ابو مازن و عصابته من الوجوه الكالحة ما هو إلا استمرار في فرض الأمر الواقع و هو هيمنه إسرائيل علي كل فلسطين أم أن المسألة فيها مؤامرة وإضاعة مقصودة للوقت وإلهاء للمتفاوضين؟ إن المفاوضات في كل أماكن الصراع في العالم هي مرحلة مؤقتة عادة ما يتمخض عنها إما الهدنة من غير صلح واعتراف بالطرف المقابل وإما الصلح والاعتراف هذا ما هو معروف عالميا في كل مناطق النزاع، أما في منطقتنا العربية فالأمور تؤخذ بالمقلوب فقد حصل الاعتراف والصلح ب (إسرائيل) قبل الانتهاء من التفاوض. إن الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين صمتت وتواطأت وتآمرت مع الدول الكبرى في تثبيت الكيان اليهودي ، وأقصى ما تصنعه شجب واستنكار ودعوات إلى الدول التي تعاونت لتنشأ هذا النبت الشيطاني ، طالبة منها رفع الظلم عن أهل فلسطين، مع أن هذه الدول هي أس البلاء والظلم فكيف يطلب منها الإنصاف ورفع الظلم؟، ومن هذا الباب وافقت السلطة و من قبلها الأنظمة العربية – ما عدا سوريا – بهذه المفاوضات تحت رعاية الذئب الأمريكي . إن المفاوضات لن تحرر شبراً واحداً من أرض فلسطين , و لا استجداء أمريكا و مجلس الأمن سينهي مشكلة اللاجئين , أما انتظار الأنظمة العربية أن تحرك جيوشها لتحرير الأقصى فهو انتظارا لميت علي أمل أن تعود فيه الحياة و لن تعود . إن الفلسطينيين اليوم و أكثر من أي يوم مضي عليهم إن يحسموا أمرهم بعيداً عن أي سلطان علي الأرض , و بتمزيق كل الاتفاقيات بدء من مدريد متوكلين علي ربهم , رافعين شعار إن الحق الذي لا تحرسه القوة هو حق ضائع , و إن الموت علي أسوار الاقصي خير من الجلوس في الغرف المكيفة مع حثالة البشر من الإسرائيليين و الأمريكان , و الموت كجندي في المعركة خير من الموت كقائد عميل في الميدان الذي امتلاْء بغير الشرفاء . هذه كلماتي أقولها , و ليس عندي مانع أن أكون جندياً تحت إمرة فتي فلسطيني من الخليل أو من غزة أو من رام الله يقودني لتحرير كل أراضي فلسطين في غزة و الضفة , في حيفا و يافا , في عسقلان و النقب , و أن أقتل شهيداً خير لي من أن أضع يدي في أيدي ملوثه بدماء العرب و المسلمين من اليهود و الأمريكان .