علَّمتني الأشواك . . عندما كنا صغارا كنا نعتقد أن جميع أنواع الوخز متساوية وعابرة .. . كانت أوجاعا قليلة وما نلبث أن نقوم نركض ونقفز من جديد .. . وعندما كبرنا اكتشفنا أن الوخز أنواع !!! فوخز الإبر ليس كوخز البشر.. وخز يمر... ووخز يستقر !!! . شوكة ثمارها إبر ورحيقها ألم توخزنا تهزنا فنستيقظ وننتبه . شاكتنا شوكة فأخذت منا عَبرة وتركت لنا عِبرة ولو كنا نعقل لأعطينا مئات العَبرات لنأخذ بعض العِبر . شوكة علمتنا أن المنفعة ليست دوما قرينة اللّذائذ . وأن ليس كل رطب حسن وأن ليس كل سائل لبن وأن معظم الأدوية مرٌ مذاقها وأن الأفاعي لَيّن ملمسها قاتل عناقها.. . لقد تعلمنا من وخز الأشواك ما جهلنا . ورغم أن وخزها مصحوبا بالأم .. وأنها يمكن أن تسحب منا قطرات من الدم.. . إلأ انها أحد روائع الإنذارات المبكرة . تلسعنا فتنذرنا أن هنا شيئا.. وللأشياء أثمانها . تدفع عنا جشع المجانية . وتُعلمنا دفع الثمن . علمتنا أن نعترف بالآخر مهما كان حجمه وقيمته وأن كل أعمالنا يجب أن تصحبها الجدية وأن لكل شيء ثمن . وتعلمنا أن كل الإحتمالات قائمة حتى في الصبر وُجِب أن يُقتدى بها . ما أجمل الدروس التي تكرمت علينا بها تلك الشوكة التي تحيط بوردة . هي لا تحميها من القطف فذاك قدرها . لكنها تغالي في ثمنها لتكبر في عين قاطفها . تقتلع اليد الشوكة بغلظة وتمر إلى الوردة فتقطفها برفق . من عجائب ما رأينا من تضحيات . . تلك الشوكة التي تنتحر من أجل وردة . فوزية محمد الجوهري