هل يمكن أن يتقبل أي إنسان عاقل غياب أدوية السرطان عن مستشفيات دولة مستقلة منذ 1962 و تسجل في السنوات الأخيرة أعلى مداخيل و تعرف انتعاشا كبيرا و بشهادة المسؤولين أنفسهم؟ نعم، أدوية السرطان غائبة عن المستشفيات الجزائرية منذ عدة أشهر، و لا يزال القليل فقط من المصالح الاستشفائية التي تعمل بما تبقى من المخزون السابق من تلك الأدوية، و هي تكاد تنفذ تقريبا، بدليل أنه لا يوجد أي مريض بالسرطان لديه موعد للعلاج الآن، و لا داعي للتذكير ماذا يحدث لما يتأجل موعد علاج مريض السرطان، فما بالك إذا كان العلاج ملغى إلى أجل غير مسمى. الوزارة الوصية تعد بإحضار الدواء في ديسمبر 2010، و لا يهم ماذا يحدث لغاية وصول موعد استيراد الدواء، و لا يهم ما حدث منذ قرابة نصف عام لما بدأ الدواء في النفاذ من المستشفيات. لماذا يحدث هذا؟ و كيف حدث؟ و لماذا نسمح بحدوثه؟ من المتسبب فيه؟ و هل يمكن أن نطمع في معاقبة المتسببين فيه؟ هل يستقيل وزير الصحة بسبب هذه الكارثة؟ التجربة و الأيام علمتنا أنه لا يستقيل أي وزير جزائري مهما كان حجم الكارثة التي تسببت فيها المصالح التابعة لتلك الوزارة، حتى لو خلفت الكارثة عددا كبيرا من الوفيات وسط الضحايا، مثلما يحدث الآن بسبب غياب أدوية السرطان، لكنهم يموتون بصمت، حسب تعبير جريدة الخبرالجزائرية، و فعلا لم يتحرك أحد للكتابة عنهم أو إنقاذ كرامة مريض السرطان كما تحركت من قبل صحافة العار لما تعلق الأمر بكرة القدم. بصمت يموتون، بينما جرائد الفتنة تتحدث عن بطولة وهمية للجزائريين ضد المصريين تارة، و ضد المغرب أحيانا أخرى. إذا كانت هناك محكمة عالمية تعاقب مجرمي الحرب، فالأولى لها معاقبة المتسببين في حرمان مرضى السرطان من العلاج لمدة تقارب النصف عام. من يريد مشاهدة صور غوانتانامو و أبوغريب لكن بدون عري و جنس، عليه بزيارة مصالح علاج السرطان، و سوف يرضي فضوله المرضي حتما بمشاهدة معاناة كبيرة لا نراها إلا في الدول الفقيرة الهالكة. طرحت هذا السؤال من قبل و لا أدري هل ستكون هناك إجابة عليه في يوم من الأيام: هل يحترم المسؤول في الجزائر نفسه؟ لا أعلم الإجابة، لكني متأكد من عدم احترامي له، لأنه قاتل غير مباشر، تسبب في معاناة أضعف خلق الله، مرضى السرطان. ماذا بعد معاقبة مرضى السرطان بهذه الطريقة؟ هل يمنع الهواء عنا و نمنع من التنفس لحين يتم استيراد الأوكسجين من الخارج؟ **جمال الدين بوزيان ناشط اجتماعي جزائري